من الضروري التمييز بين ما يسمى العلاقات الهندسية وبين العلاقات الرياضية وهل هناك من رابط بين العلاقات الرياضية الهندسية؟
تبدأ القصة مع الرياضي اليوناني فيثاغورس حيث أجرى الدراسات والأبحاث في علوم الطبيعة لدراسة معايير الجمال وعلاقات النسب في الطبيعة، وتوصل إلى ما يعرف في الهندسة الحديثة بالمستطيل الذهبي أو النسبة الذهبية Golden Ratio، وهي نسبة تبلغ 61803398875 ،1 وتسمى Phi اشتقاقًا من الحرف اليونانيφ. والمستطيل الذهبي الذي ينتج النسبة الذهبية هو عبارة عن مستطيل مكون من مربع ومستطيل آخر صغير.
ولكن المستطيل الصغير والكبير متماثلان، بمعنى ان النسبة بين أضلاعهما متشابهة، وبكلمات أخرى ان ناتج قسمة الضلع الكبير للمستطيل الصغير على ضلعه الآخر تساوي تماما ناتج القسمة للضلع الكبير للمستطيل الكبير على ضلعه الآخر.
وقد وجد فيثاغورس واليونان القدماء ان هذه النسبة مريحة بصرياً وتشكل أحد أهم معايير الجمال في الطبيعة، ولذا فقد اعتمدوا هذا المستطيل الذهبي في عمائرهم، حيث أظهرت الدراسات المعمارية الحديثة أن مبنى البارثنون الشهير بتخطيطه المستطيل يخضع لهذه النسبة تماما.
كذلك أظهرت الدراسات الحديثة التي أجراها العالم روبنسون ان الهرم الأكبر الذي بناه الفراعنة بالجيزة يخضع لقوانين النسبة الذهبية، حيث ان النسبة بين المسافة من قمة الهرم إلى منتصف أحد أضلاع وجه الهرم، وبين المسافة من نفس النقطة حتى مركز قاعدة الهرم مربعة تساوي النسبة الذهبية.
وليس هذا فحسب فإليك المزيد أخي القارئ العزيز، فقد تبين ان النسبة الذهبية كامنة في الطبيعة بشكل مذهل بما يصعب تصديقه، فمجموعة الأعداد الرياضية المتتابعة والتي مجموع الأخيرين منها يعطي قيمة اللاحق تكافئ النسبة الذهبية، وهي الأعداد المعروفة بمجموعة ( 1،1 ، 2، 3، 5، 8 ، 13. ...). Fibonacci
وكذلك وجد ان الخيال الذي يركب الحصان تكافئ ابعاد الارتفاع للاثنين مع طول الحصان النسبة الذهبية. وتخضع أوراق الأشجار للنسبة الذهبية، وكذلك تخضع أصداف البحر الحلزونية الشكل للنسبة الذهبية. وكنتيجة فالأوراق التي نكتب عليها ونستعملها للطباعة تم تطويع نسبها للنسبة الذهبية.
وبكلمات مختصرة، تدل الدراسات ان هذه النسبة كامنة في الطبيعة كإحدى نواميس الخلق. وهنا تكمن الإجابة على تساؤلنا في وجود الخط الذي يربط العلاقات الهندسية والرياضية، اذ يبدو انهما متكاملان ومترابطان طبيعيا. فللحصول على الشكل المستطيل ذي النسب التي تخضع لمعايير الجمال لا بد من وجود علاقات رياضية من نوع ما لتعريف أبعاده، وهي كانت النسبة الذهبية أو المستطيل الذهبي.
بالاضافة الى بعض العمائر الفرعونية كالاهرامات والبارثنون وأن اليونان قد استعملوها في مبانيهم المهمة, في المساقط الأفقية والواجهات على حد سواء.
مع امكانية وجود مثل هذه العلاقات بشكلها الحسي(الهندسي والرياضي) أو غير الحسي (بدلالاتها الرمزية لمفاهيم فلكية أو اجتماعية أو غيرها) في العمارة العربية الاسلامية.
بينت التجارب الإحصائية أن عرض مجموعة مختلفة من المستطيلات، من بينها المستطيل الذهبي، على أناس مختلفين يؤدي، في غالب الأحيان، إلى اختيارهم له كأجمل المستطيلات وأكثرها تناسقًا. ولو أمعنَّا النظر في حياتنا اليومية للحظنا أننا نختار شكلاً قريبًا من المستطيل الذهبي في معظم المواد الاستهلاكية المستطيلة الشكل التي نتعامل معها. فكتُبنا ودفاترنا، وحتى قطع السكر أو الطوابع البريدية أو تقسيم حجرات أو نوافذ المنازل، كلها قريبة من النسبة الذهبية. وقد أولى دافنتشي هذا المستطيل أهمية خاصة واعتمد عليه في رسم الكثير من لوحاته.
كما أن النسبة الذهبية موجودة في الأشكال الهندسية المستوية، كذلك نجدها في الأشكال الفراغية؛ وأهمها رباعي الوجوه المنتظم، والمكعب، وثُماني الوجوه، وذو الـ12 وجهًا، وذو الـ20 وجهًا (وهي ما يُعرَف بالمجسَّمات الأفلاطونية).
والمجسَّمات الأفلاطونية: أحجار منحوتة من العصر النيوليثي وُجِدَتْ في بريطانيا، وتدل على معرفة شعوب تلك الفترة بتلك المجسَّمات قبل أفلاطون بألف عام..!!
ففي ذي العشرين وجهًا مثلاً، إذا وصلنا بين الحرفين المتقابلين تكون المسافة φ إذا كان طول الحرف يساوي 1. وإذا لم يكن المجال يسمح لنا بدراسة هذه المجسَّمات التي كان أفلاطون قد صنَّفها، فإننا سنكتفي بإلقاء الضوء على أحد أشكال رباعي الوجوه، ولعله أشهرها على الإطلاق، هرم خوفو.
الكلام على الهرم لا ينتهي. لكننا نشير في النهاية إشارة سريعة إلى نوع آخر من المجسَّمات الذهبية، هو متوازي المستطيلات الذهبي، وأضلاعه هي 1 وφ و2φ، وحجمه يساوي 3φ؛ أي أنه يساوي حجم مكعب ذهبي. ويحقق هذا الشكل متتاليتين: عددية (1, φ, φ + 1 = 2φ) وهندسية (1, φ, 2φ). وهذا أمر خاص بالنسبة الذهبية؛ ذلك أننا لو طرحنا مسألة إيجاد عددين بحيث يشكلان معًا متتالية هندسية وعددية لتوصَّلنا إلى المعادلة الأساسية x2 = x + 1؛ وحلها هو ببساطة العدد الذهبي. ويمكن لنا بالطبع تعريف عدة أشكال من المستطيلات الذهبية؛ لكننا نكتفي بالإشارة إلى أن غرفة الملك في هرم خوفو تحقق تناسبات ذهبية، وأضلاعها هي 2، 4، .
ولفهم هذه المعادلة والتي تسمى (الباي) إيضا " واظنها مرت مع الجميع في دروس الرياضيات..!!