العمود التاسع
يحتّم القرار الإداري على صاحبه، الخوض في لجّة إعداده ، وسبر تداعياته ، و السهر على حسن سيره و تطبيقه .
ويفترض فيمن يعملون بالشأن العام ، مقارعة مشكلات الناس، والتصدي لها ، بما يمتلكونه من علم، وخبرة، ونفاذ بصيرة ، لا مقارعتهم، والتصدي لهم ، بما لا يمتلكونه من كلّ ذلك .
و بما أن البشر خطاؤون ، ولا وجود للكمال في أروقة النفس البشرية ، فكذا القرار الذي ينتج عن هذا المسؤول أو ذاك ، في هذه الدائرة أو تلك ، فيخضع لذات القواعد ونفس الشروط.
ما لا تنطبق عليه القواعد والشروط ، هو في عدم اعتراف المسؤول ، بان ما يصدر عنه في (غير ساعات تأمله) ، يحتاج إلى مراجعة، أو تراجع ، وأحياناً، إلى شجاعة الإعتراف بالخطأ .
ما يثير الحيّرة أكثر، في تداعيات الخطأ، الذي يبتدعه المسؤول ، هو في غياب آلية الحساب والعقاب ، وفي بقاء ذات الشخص في ذات الموقع ، أو عودته إلى الأضواء عبر آخر ، ليذيقنا من جديد (حلاوة) التجريب ، ويرتكب في حقنا إلهامه الإداري .
ما جرى الإتفاق عليه ( ضمنياً ) في شرقنا المتقدم ، هو في إعفاء المسؤول ، من تبعات الخطأ ،الذي يتسبب به في موقعه ، فلا استقالة ، ولا إقالة ، تفتح الطريق أمام رضى الناس .
على عكس الغرب المتخلف،الذي يستقيل فيه المدير أو الوزير ، لأسباب تصل حدّ التندر ، لقطع الطريق أمام غضبة الناس.
ألا يحرجنا ذلك ، فنتجرأ قليلاً ، ونطلب من سادتنا (أصحاب الخبرة)، التكرم بإنقاص عدد أخطائهم فينا، أو تكثيف جهودهم وتدريباتهم، للوصول إلى نتيجة أفضل ، وتسجيل خطأ واحد لا ثان له ، على مبدأ ضربة قاضية لا يشعر المضروب بعدها بشيء.
لكن ، ما العمل و هؤلاء يلوحون لنا بعضلاتهم ، ويشيرون بسبّاباتهم إلى جدار علقت عليه شهادات شاهقة في العناد ، وخبرات أكاديمية في (الجكر) .
أمام هذا الجدار، لا سبيل أخير نقفز إليه ، غير الاقتراح عليهم ، بالتسجيل في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، للحصول على دبلوم تأهيل في ..الخجل!