هناك أوتوسترادان عريضان قد تصبح في نهايتهما مليونيراً ، الأول هو طريق عام ، يصلك بعاصمة المال والاعمال
لكنك، وبعد فترة وجيزة ، من السير بين أحضانه ،
ستكتشف بأنه مسدود ، ومنذ عقود ، على الرغم من الأيمان الغليظة، التي حلفت وتحلف بقرب الفراغ منه، ما يردك (معقداً) ، إلى الاحتمال الثاني الأقرب وهو
الأوتستراد (البحري) ، لكنك سرعان ما ستصدم من عربات الخيبة لأن الآخر غير موجود ، إلا في أوتستراد أحلامك وأحلام المسؤولين عنه ،
فهو لا يزال وفق رأي أخينا
داروين ، صاحب فرضية النشوء والارتقاء، ضمن المكونات والعناصر الرئيسية له الماء والهواء والتراب، لذا وبما أنك ستشكو ضيق الأوتسترادات وضيق الحال ، فأنت
مضطر لسلوك الاوتستراد القديم ،لكنك قد تعتذر لي: بأن هذا الأخير مزدحم بآلاف الطامعين مثلي ، في الوصول إلى متاع الدنيا من أول (ضربة مرش)، أو في
تسلق هضاب الآخرة من غير معابر ها النظامية ، لذا وبما أن الحق هو دائماً معك يا صديقي، فأنت مضطر لسحب يدك من جيبك ، لتضعها في جيبي، وجيب
بقية إخوتي الكادحين من رجال الاعمال المرموقين ، هؤلاء أقصد (نحن) الذين لا نستخدم مطلقاً الأوتسترادات ، أو العربات في تنقلاتنا ، لإننا لا نتحمل السرعات
الزائدة ولا الضوضاء ولا وجع الرأس ، ولا نقبل احتمال -مجرد احتمال- مطاردة ملائكة الموت لنا ، فطريقنا (نحن) أصحاب رؤوس الأموال يا عزيزي، معبد بأرقى الوعود
، وخالي من المطبات ، والحفر ، والدوريات السريعة والبطيئة ،والمشاهد ، التي تسهم في رفع معدلات النبض ، والضغط ، والكوليسترول والتس ..تس ترون ، فإذا
كنت تريد اللحاق بركبنا نحن عشاق السرعات الصوتية والضوئية ، فما عليك عزيزي إلا أن تشتري أربعة دواليب قديمة ، ثم تقوم بتنظيفها وتلميعها بشكل جيد جداً
، ثم تبيعها في آخر النهار على أنها جديدة ، ليأتي آخر الشهر جالباً معه أول عشرة آلاف ليرة ، وفي نهاية العام ستصبح حتماً من أصحاب الملايين ، إذا كان بابا
المليونير ، قد سافر في جوار ربه ، تاركاً لك ثروة تقدر بالملايين ، بسيطة ..!