لا .. ليس عن عبثٍ أن يزعم زعيم لجنة نوبل للسلام في كلمته الغراء بمناسبة إعلان نتائج الجائزة لهذا العام والتي لن نخوض في تفاصيلها التي تثير الريبة الآن ..
فرائحتها أزكمت الأنوف رغم براعة البهلونيات التي أتقنها رعاتها للتستير على الجذور السياسية للجائزة والتي تخدم أول ما تخدم التوجهات الصهيونية والإمبريالية قبل الاعتبارات الثقافية أو السلمية أو الإنسانية وحتى العلمية .. وإلا ما مبرر منحها لطغاة قتلة ورؤساء خونة..
وكتاب أنصاف موهوبين وتجاهل أسماء عملاقة .. في العلم والأدب والسياسة ودون أن ننسى طبعاً أن حاخامات هذه الجائزة يخلطون الأوراق والحابل بالنابل بين الفينة والفينة، إذ يتم منحها لمناضلين أفذاذ أو كتاب كبار وهذه أيضاً سياسة ليتبقى للجائزة مصداقيتها واعتبارها في عيون الناس.
لنعد إلى ما بدأنا به كلامنا من أن زعيم نوبل هذا العام زعم في معرض حديثه عن الجائزة وعن الربيع العربي للثورات العربية بأن المرأة في سورية ولهذه اللحظة ممنوعة من قيادة السيارة!! .. يا عيب الشوم .. إي يا عيب الشوم نقولها بثقة .. فالقصة لا تحتمل سوى أمرين لا ثالث لهما..
فهذا العبقري الذي يشغل المنصب الأول لأهم جائزة عالمية إما أن يكون أهبل وجاهلاً لهذا الحد دون أن يدرك أن المرأة في سورية هي شاعرة ومناضلة ونائبة رئيس ومستشارة وأمينة عام لحزب وعضو مجلس شعب ودكتورة جامعة وعاملة وعاشقة وأم، ودون أن يدرك أن المرأة السورية لها حق التصويت قبل المرأة في سويسرا الرأسمالية!!. وأن هناك مناضلات قبل أن يولد حضرته .. فلا يأتي ويحاضر علينا حتى ولو كان سويدياً .. فليأت حضرته قبل أن يُحاضر وليرَ أن المرأة السورية تقود السيارة ومنذ أمد طويل سواء أكانت منقبة .. أم محجبة .. أم كانت تعانق الشمس والهواء! .. فإذا كانت المسألة مسألة هبلنة وجهل .. فليمنح حضرته جائزة نوبل للغباء.
هذا الأمر الأول أما إذا كانت المسألة تتعلق بالأمر الثاني أي الدجل والكذب .. وهنا الكذب ليس بريئاً .. وإنما كذب يندرج في سياقه السياسي طالما أنه تحدث عما يُسمى غربياً بالربيع العربي وتحدث عن الوضع السوري.
وهنا سنجد أن هذا الكذب يتساوق ويتقاطع مع الكذب الذي أصبح ملح الإعلام الإمبريالي الرجعي العفن وأصبح ملحاً لا غنى عنه لرموز ما يدعى بالمعارضة السورية المطالبة بالتدخل والحماية الدولية ومسميات مختلفة من حيث الشكل ولكنها في النهاية تصب في نفس المجرور السياسي من حيث المضمون .. وهنا لابد أن نقترح لسيادته أن يُمنح جائزة نوبل للدجل السياسي شريطة أن يتقاسمها هذه المرة مع الإعلام النفطي الرجعي ومع المجلس الوطني اللا وطني!!..
بالطبع ليس عن عبث أن يزعم هذا الزاعم ما زعمه كما ليس عن عبث أن يزعم مستحاثة الثورة السورية عدنان العرعور ــ والذي تعبر كنيته عن حقيقته ــ حين يستنكر الفيتو الروسي والفيتو الصيني لأن الموقف الروسي وريث موقف المجرمين الروس الشيوعيين ماركس ولينين وستالين .. في الوقت الذي يُحيّي فيه موقف الأستاذ سمير جعجع لموقفه الوطني ضد تجاوز الجيش السوري للحدود اللبنانية وبارك العرعور سميراً ناسياً أن هذا المجرم والعميل الإسرائيلي والذي نال شهادة إيزو في العمالة لم يفتح فمه مرة واحدة لا على التجاوزات الإسرائيلية اليومية بل لم يفتح فمه مرّة على العدوان الإسرائيلي .. بل كان شريكاً فعالاً في العدوان على المقاومة الفلسطينية واللبنانية .. ومجازر صبرا وشاتيلا شاهد أبدي على قذارة جعجع ومن يدافع عن جعجع..
ليس عن عبث .. والله العظيم ليس عن عبث .. أن تضع أمريكا المعارضة السورية في مرمى عنايتها الفائقة وهي التي لم ولن تعتني إلا بشقيقة روحها إسرائيل.. لا البارحة ولا اليوم ولا غداً .. لو لم تكن تستخدمها كوسيلة نقل بدائية في وعورة الموقف الوطني للشعب السوري العظيم وموقف حكومته بهذا الشأن حصراً فبالتأكيد الموقف الأمريكي لا يناضل من أجل توسيع هامش الحريات للشعب السوري ولا يعمل من أجل الديمقراطية الموعودة ولا من أجل تحسين المستوى الاقتصادي للكادحين ولا من أجل تطوير التعليم ومجانيته، ومن يعتقد ذلك وخصوصاً من أولئك الذين يعتقدون أنهم ما زالوا يعزفون على ناي الكاسيت الرائع ــ دون أن يكونوا عملاء ــ
فإننا نقترح أن يتقاسموا الجائزة التي اقترحناها لزعيم جائزة نوبل بما يتعلق بالأمر الأول .. الجهل والهبلنة!! نعم وللمرة المليون نقولها وليس عن عبث أن تلاقي المعارضة السورية سفيرها الأمريكي (طبعاً المعارضة اللا وطنية والعميلة) بالأحضان والورد وتستقبله في جوامعها وفنادقها وتعازيها ومكاتبها، بينما تطرده الشوارع والكنائس والشرفاء ..
ألا يشكل هذا العمل عنواناً مهماً وبارزاً لهكذا معارضة ما انفكت تشتم وتشتم إيران وروسيا والصين وحزب الله، وتحرق أعلام إيران وروسيا والصين وحزب الله، في وقت نراهم يرفعون الأعلام الإمبريالية لبريطانيا وأمريكا رغم الشعارات الإسلامية والطائفية التي ترفع هنا وهناك .. متناسين أن هذه الدول هي من اخترعت فزاعة الخطر الإسلامي، وهي من ابتكرت مقولة صراع الحضارات الذي بنته على أساس الثقافة الدينية، وهي من دمرت العراق وأفغانستان وقسمت السودان ودعمت إلى ما نهاية الاحتلال الصهيوني وتفعل ما تفعله من جرائم وقتل وتدمير بحق الشعب الليبي تحت يافطة الديمقراطية والحرية .. الكاذبين .. فلا ديمقراطية ولا حرية .. يجلبهما احتلال!! .. بل بات المعارضون الذين يرفعون الشعارات الإسلامية ويكبرون في تظاهراتهم يرفعون تمثالاً مقلداً لتمثال الحرية الأمريكي الذي ارتكبت في ظلاله أفظع الجرائم بحق الإنسانية والطبيعة.
واضح أن ألأمر لا يخضع للمصادفة أو للخطأ .. أو للعبث فما يجري يقوده قائد إجرامي واحد والباقي عبارة عن طبالين وزمارين في جوقة رجعية وعميلة استغلت آلام حقيقية للناس .. صنعها برنامج ووصفة أمريكية لاقتصاديات البلدان النامية .. فسبحة التآمر على الشعوب يقودها حبات العمالة التي يخترقها الخبط الأمريكي ويتوجها ما يسمى في السبحة المآذن أو الشمعة الصهيونية..
قولاً واحداً .. من يرفع العلم الأمريكي .. يرفع العلم الإسرائيلي.