أنا شاهد عيان على مدينة يسعى أهلها إلى أرزاقهم عند الظهيرة، تراها مدينة أشباح في الصباح الباكر، خالية من مظاهر العمل والحياة إلا من طلاب المدارس والموظفين الحكوميين المغلوب على أمرهم..
شاهد عيان على مدينة أهلها لا شغل لهم ولا شاغل في لقاءاتهم سوى تجاذب الناس من حولهم بألسنتهم..
شاهد عيان على افتخار أهلها بكيفية تجاوزهم للقوانين والأعراف..
شاهد عيان على من يقف بسيارته في ليقضي حاجته على قارعة الطريق أمام الناس غير مكترث بمن حوله..
شاهد عيان على انعدام ثقافة شعبها في مختلف المجالات إلا ماندر..
شاهد عيان على عدم مشاهدتي لمن يحمل كتابا يقرأه سوى طلاب العلم..
شاهد عيان على أكياس القمامة التي ترمى من الشبابيك في الشارع..
شاهد عيان على رفع آجارات المنازل في وجه النازحين من مناطق الصراع في البلد..
شاهد عيان على استغلال ظروف البلد لتشييد مخالفات البناء..
شاهد عيان على الطبل والغناء والرقص، في اللحظات نفسها التي ينزف فيها الوطن ويسقط أبناءها..
شاهد عيان على وعود عمالها الكاذبة، وانعدام احترام مواعيد أهلها، وعدم إخلاص تجارها..
شاهد عيان على عدم شكرهم لما رزقهم به الله، فعندهم اليوم وكل يوم "السوق ميت والأحوال واقفة"..
أنا لست بغريب عنها فنصفي أصله منها.. تنتابني الابتسامة وتظهر أسناني المصفرة بوضوح عندما اسمع من يتشدق بحضارتها ومجدها!! أجوب شوارعها وأنظر لها من شباك الطائرة وأسارر نفسي: لقد كانت هناك حضارة، وكان هناك مجد.. ولكن منذ زمن بعيد..