تساؤلات حول نظرية الانفجار الأعظم
تنطوى نظرية الانفجار الأعظم على تناقضات كثيرة يجرى تبريرها بطرق غير دقيقة، وأهم هذه التناقضات هو عمر الكون وعمر المجرات التي يظهر أحياناً أنها أكبر منه.
إن أوائل المجرات تشكلت عندما كان عمر الكون حولي 10 بالمئة من عمره الآن أي عندما كان عمر الكون حوالي مليار ونصف سنة، وكان موجودا في هذه النجوم العناصر الثقيلة وهذه يلزمها زمن أكثر من مليار ونصف سنة لأنها تتكون بعد سلسلة من تكون وولادة النجوم وموتها، وكذلك الكوزارات تحتاج لأكثر من هذا الزمن كي تتكون.
فالمجرات القصية التي فيها كوزارات والتي تبعد عنا حولي 12 مليار سنة، هي مجرات نراها عندما كان عمر الكون بين 2 - 1.5 مليار سنة. وتلك المجرات القصية والتي تبعد عنا أكثر من 12 مليار سنة، ونحن نراها عندما كانت قبل 12 مليار سنة، كان يلزمها 12 مليار سنة كي تبعد عنا هذه المسافة إذا كانت تسير بسرعة الضوء أي هي موجودة قبل 12 + 12 مليار سنة.
ونظرية الانفجار الأعظم تقول بتوسع المكان كي تتحاشى سير المجرات بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فهي تقول أن المجرات تبتعد عن بعضها بسرعة كبيرة ويضاف لهذه السرعة السرعة الناتجة عن توسع المكان، وكما نعلم فان تجاوز سرعة الضوء مستحيل، وهذا من أسس قوانين الفيزياء.
لقد اعتمدت نظرية الانفجار الأعظم الحجم الأصغر للكون والطاقة الأعظمية كبداية لوجود الكون. وهذا يناقض كافة أسس قوانين الفيزياء المعتمدة التى تعتمد كبداية العكس الحجم الأعظمى والانكماش وتركيز الطاقة في حيز متناقص، وعندما يصل تركيز الطاقة في الحيز المكانى إلى مقادير عالية جداً جداً يحدث الانفجار والتحول إلى الانتشار.
إن بناء نظرية الانفجار الأعظم تم انطلاقاً بالعودة إلى الوراء عن طريق الرجوع في الزمن. وتوجد فيها قفزات غير مبررة بشكل دقيق وخيالية، فالمرصود هو فقط تباعد المجرات عن بعضها، وليس تباعد الغازات أو السحابات أو المجموعات الشمسية. وهذا لوحده لا يكفي ليثبت أننا إذا عدنا في الزمن سوف نعود إلى نقطة واحدة تضم كافة مكونات الكون.
ونظرية الانفجار الأعظم تعتمد وجود درجات حرارة متناهية في الكبر، وهذه غير مثبت إمكانية وجودها بشكل دقيق.
لقد تم حديثاً اكتشاف فراغ هائل الأبعاد، وهذا يصعب تفسير وجوده بناء على نظرية الانفجار الأعظم.
كما ان تصادم المجرات يصعب تفسيره بشكل دقيق حسب هذه النظرية، فكيف يحدث تصادم بين مجرتين إذا كانت كلتاهما ناتجتان عن انفجار واحد "حيث يجب ان تبتعدان عن بعضهما البعض".
وهناك كشوف حديثة تهز من أركان هذه النظرية، وتكشف قصور فيها عن مجرة كشفت حديثا. فحسب المعادلات التي تخص هذه النظرية يجب أن يكون عمر هذه المجرة حسب المسافة عن نقطة الانفجار العظيم 700 مليون سنة، ولكن الحقيقة أن هذه المجرة عمرها 13 مليار سنة، مع أن النظرية تقول أن عمر الكون 14 مليار سنة، وهو ما يعنى انه يمكن أن يوجد خلل في هذه النظرية.
منذ عشرين سنة، قدر معظم علماء الفلك عمر الكون حولي أربع عشر مليار سنة، وافترضوا أن المجرات تشكلت خلال المليارات الأولى من وجوده.
واليوم، تطرح المقتضيات المطلوبة من أجل رصد المجرات المتنامية البعد مشكلات حقيقية أمام منظرى الكون، ذلك أن الاكتشاف اليابانى ليس معزولاً، فقد اكتشف علماء الفلك الأوربيون، الذين يستخدمون المقراب الشهير "فيرى لارج" المنصوب في التشيلى مجرات مشابهة لمجرتنا "الدرب اللبنية"، لكنها تقع على بعد 11,7 مليار سنة ضوئية عن الأرض! المشكلة هي أن أحداً لا يفهم اليوم جيداً كيف تسنى لأجرام يبلغ قطرها نحو 100 ألف سنة ضوئية، وتتألف من مئات مليارات النجوم، أن تتراكم "تتجمع" في غضون مليارى سنة.
وهناك بعض المجرات التي لا تخضع لقانون هابل. فأقرب مجرة كبيرة إلينا، أندروميدا، تتحرك فعلياً نحونا ولا تبتعد عنا. والسبب في ظهور هذه الإستثناءات هو أن قانون هابل يسرى فقط على السلوك الوسطى للمجرات. وقد يكون لبعض المجرات حركات محلية متواضعة، كأن تدور بتأثير الثقالة حول بعضها، وهذه حال مجرة درب التبانة وأندروميدا. وكذلك ثمة مجرات بعيدة سرعاتها المحلية صغيرة.
عندما نطبق قانون دوبلر المعهود على الأجرام التي تقارب سرعاتها سرعة الضوء، نجد أن الانزياح نحو الأحمر يقارب اللانهاية. فموجات هذا الضوء تصبح أطول من أن تُلاحظ.
ولو صح هذا على المجرات، لكان يعنى أن أبعد الأجرام المرئية تتقهقر بسرعة أكبر بكثير من سرعة الضوء. ولكن قانون الإنزياح الكوسمولوجى نحو الأحمر يؤدى إلى غير هذه النتيجة. ففي النموذج الكوسمولوجى القياسى الحالي، نجد أن المجرات التى يصل إنزياح موجاتها نحو الأحمر إلى نحو 1.5 - أي التي موجاتها أطول بـ150 في المئة مما قيست به في المختبر - تتقهقر بسرعة الضوء.
وقد رصد الفلكيون نحو 1000 مجرة إنزياح موجاتها نحو الأحمر أكثر من 1.5. وهذا يعنى أنهم شاهدوا 1000 جرم تقريباً كل واحد منها يتجاوز في تقهقره سرعة الضوء.
وهذا يكافئ قولنا إننا نحن نتقهقر عن هذه المجرات بسرعة تفوق سرعة الضوء. "أي لو كان هناك أحد على تلك المجرات يراقب الأرض، فانه سيرانا نتحرك أسرع من الضوء، الأمر الذي يجعلنا مجرد ضوء او شيئا مماثلا له، وهذا غير صحيح، ولكن هات من يخبره بذلك، إذا كان يؤمن بالنظرية نفسها"، بل إن إشعاع الخلفية الكونية من الموجات الميكروية تجاوز ذلك وبلغ إنزياحه نحو الأحمر 1000 تقريباً. وعندما بثت البلازما الحارة هذا الإشعاع الذي نرصده الآن في بداية الكون، كان يتقهقر عن موضعنا بسرعة تقارب 50 مرة سرعة الضوء.
شيء آخر يتعلق بهذه النظرية العلمية هو قصورها حتى الآن عن الوصول بالفهم إلى ما حصل في اللحظة صفر "أو الزمن صفر". إذ ما يمكن الوصول إليه حتى الآن هو في حدود ما تصل إليه الفيزياء الحالية من فهم أو ما يعرف بحدود بلانك: ذلك أن العلم غير قادر –اليوم- على فهم ما يجرى عندما تكون الأبعاد أصغر من حدود بلانك "وهى 3210 K للحرارة و 10 35- متر للمسافة و 10 -43 ثانية للزمن" وقادر على أن يفهم ما هو أكبر من هذه الحدود "ولكن لنكن متفائلين، فكل ما تم في هذا الإطار لا يتعدى عمره 70 سنة فقط".
لقد عارض نظرية الانفجار الكبير الفلكي فريد هويل. ففي منتصف القرن العشرين أتى هذا الفلكى بنموذج جديد ودعاه بالحالة الثابتة، وكان امتداداً لفكرة المتضمن أن الكون يتمدد، فافترض هويل وفق هذا النموذج أن الكون كان لا متناه في البعد والزمن، وأثناء التمدد تتولد فيه مادة جديدة باستمرار بكمية تجعل الكون في حالة ثابتة. وهذه النظرية كانت على خلاف كلى مع نظرية الانفجار الكبير، والتي تدافع عن أن للكون بداية.
والذين دعموا نظرية هويل في ثبات الحالة ظلوا يعارضون بصلابة الانفجار الكبير لسنوات عديدة.