news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
فشة خلق
يا يسوع وطننا موجوع.. . بقلم: كابي يوسف

يا من ذاقت أمك العذراء مريم وجع السفر والتشرد والخوف، ووجع صلبك وموتك أمام ناظريها.


يا من اختبرت الأوجاع ، فشتموك وتأمروا عليك. خانوك وعذبوك وصلبوك. يا سيد إن رياح الشر هبت اليوم صوب سوريا، وقد نفثت فيها سموم أطماعها التي لا تشبع، وأحقادها التي تستعر للنيل من روعة بلادي، من صفائها، وأمان أولادها.

 

في عيدك يا يسوع الوطن موجوع، وكل الدموع، والصراخ والعويل لا تكفي لمعالجة الألم يا من تدرك وجع الأم التي تفقد ابنها، والزوجة لزوجها. إنهم شهداء سقطوا على أرض سوريا الغالية فتأجج الوجع، وألتهبت فينا الآخ التي بالأمس كان يسمعها الأخ فيهب مسرعاً لنجدة أخيه الملهوف، لكنه اليوم يبحث عنه لأنه فقده بالشهادة أو الهجرة أو لاختلاف في الرأي، أو لتعرضه لضربة غير متوقعة منه، وكم هي قاسية ومؤلمة ضربة الأخ والقريب يصعب التعامل معها، ورغم إدراكنا الفارق بين الابن البار والعاق. بين الأخ الأناني والمُضحي. بين الأم الحنون المتفانية، والأم المستهترة، قاسية القلب والطباع، لكن الجميع هم أبناء الوطن المتألمين، لذلك صرنا بحاجة ماسة لنضع يدنا على مكان الوجع بصدق، ونغطيه برداء النقاء والوطنية والمصلحة العامة لعلنا نمنحه بعض الدفء في زمن البرد القارص. زمن العقول المُظلمة، والقلوب المتحجرة .

 

يا يسوع في عيدك صار الأمان والاستقرار هدفاً مرجواً في وطن الأمن والسلام. الوطن يا سيدي يئن.

مرّ عليه الكثير عبر تاريخه، واليوم يريدون القضاء عليه ليشفوا غليلهم، لكنك قادر أن تضع في قلب كل سوري رحمة وصلاحاً لينسى آلام الماضي، وينطلق نحو مستقبل أكثر اصلاحاً واشراقاً. يا يسوع تحنن أرجوك في يوم ميلادك لتوقد فينا شمعة الغيرة المقدسة، والعرفان بالجميل لوطن لا يشبه كل الأوطان. وطناً تفوح منه رائحة الياسمين، وتنير دروبه مشاعل البسطاء، وترتوي ربوعه من عرق الفلاحين، ودموع الفقراء. يا يسوع ألمسه لمسة شفاء حانية من يدك المقتدرة. سر به نحو ميناء الخلاص، فليس لنا مُعين سواك في زمن المؤتمرات والتحليلات، والمظاهرات والاستنكارات، زمن لا تفيدنا فيه وجاهات، أو سلطة وثروات، فجسدنا السوري الشامخ قد أصابه المرض، ورغم تماسكه لكنه يحتاج إلى علاج لا نريد فيه الأطباء الغرباء، ولا الأدوية المستوردة، فالدواء من أصل الداء، وعند المرض تتوارى الشماتة، وتختفي الرغبة بالانتقام. عند المرض أبناء الأصل مهما تعذبوا لكنهم لا يتهكمون على المريض، أو يشبعونه لوماً وتقريعاً. عند المرض تهدئ النفس الهائجة، ويستكين الجسد ليعطي فرصة للروح لتسمو فوق كل الأحقاد والماديات، وتتعالى فوق الجراح والأطماع .

 

ليس من مبرر اليوم لصلاة الاستسقاء لأن الخير عميم في وطننا، ونحتاج أن نقتسمه بعدالة. كذلك لا تنفعنا صلاة وكلمات المنابر لأنها غالباً ما كانت مُغلفة برداء قشيب لا يعكس الجوهر. حتى صلاة الأم الثكلى والزوجة المنكوبة، أو الابن المفجوع، فرغم عمقها وصدقها لكنها ممزوجة بمرارة الألم، والظلم والاستياء ولوعة الفراق.

 

يا يسوع طفل المغارة القدوس صلاتنا في عيدك أن تجتمع كل النفوس، وتركع جميع الأجساد، وتُرفع الأكف ابتهالاً إلى رب السماء هاتفة بصوت وروح واحدة قائلة: يا رب ارحمنا نحن الخطاة، ارحمنا حتى من أنفسنا. يا رب طهرنا من كل فساد، ولا تدخلنا في التجارب والمؤامرات. يا رب أنر بصرنا وبصيرتنا. خلصنا مما فعله المتآمرين والظالمين فينا. امح ذنوبنا، وعلمنا أن نغفر لكل من يسيء إلينا. ارشدنا لنفتح صفحة جديدة ناصعة البياض في كتاب سوريا الحديثة العادلة السالكة طريق الحق والخير العميم لكي تستمر بوحدتها الوطنية الحقيقية التي لا تشوبها شائبة، وإن عكر صفوها أمر ما سرعان ما تتجاوزه القلوب المتآخية التي تكره الشعارات البراقة، وتعشق سوريا.

 

يا يسوع أنت تعلم جيداً أن سوريا لم ولن تستسلم. سوريا الحضارة لن تموت، وسيظل اشعاعها يعكس نور الحب والخير والجمال.

 فاستجب ايها الصالح وارحمنا.

 

2011-12-23
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد