من منا لم يتابع تبادل الفضائح بين أردوغان العثماني السلجوقي ، وساركوزي اليهودي الفرنسي المتحدر من أصول يهودية مجرية !! لقد نبَشَ كل منهما مؤخرا التاريخ الإجرامي لأجداد الآخر ، ونشَرَ غسيله المبتل بدماء الشعوب البريئة على العلن !!!
ففي 7/10/2011 ، ولدى زيارته لأرمينيا ، طالب الرئيس ساركوزي تركيا الإعتراف بما إقترفه أجداد أردوغان من مجازر بحق الأرمن ، بدأت منذ عام 1915 ودامت عدة سنوات ، وراح ضحيتها مليون ونصف مليون أرمني ، ولحقوا حتى بالهاربين من المجازر إلى صحارى دير الزور ، شمال سورية ، وهناك أجهزوا على عشرة آلاف أرمني ، كما تروي وثائق التاريخ ، وقبروهم بقبر جماعي ، وأُقيمَ لهم فيما بعد نصب تذكاري ، ما زال الأرمن يقصدونه كل عام في ذكرى إحياء المجزرة يوم 24 نيسان ، لقراءة الفاتحة ووضع أكاليل الورد !!!
وقد ردَّ أردوغان في حينه على ساركوزي وطالبه بمواجهة ماضي فرنسا الاستعماري أولا ثم إعطاء الدروس له !!!.
طبعا لم تقتصر مجازر أجداد أردوغان على الأرمن وحسب ، وإن كانوا هم ألأكثر عددا بين الضحايا ، بل شملت كافة أبناء المذاهب والطوائف والأعراق الأخرى !! ولستُ بصدد التفصيل هنا ، إذ تتخم كتب التاريخ ومجلداته بجرائم أجداد أردوغان الذي يُفاخر بهم ويتعصب لهم ويحمل عنجعيتهم وحقدهم الذي لا يخفيه وجهه الأصفر !!. فقد بدأت مجازرهم في بلاد العرب منذ أن دخلوا حلب عام 1915 ، حيث قتلوا عشرات الآلاف في حلب والمعرَّة ، فقط لأنهم لم يكونوا من مذهب الأتراك ، وهذا موثق في التاريخ ، وقبروهم بالآبار والحفر الجماعية !!!.
أما الفرنسيون الذين احتلوا الجزائر 132 عاما ، منذ 1830—1962 ، فتاريخهم لا يقل وحشية وبشاعة ، فقتلوا من شعب الجزائر العظيم لوحده مليون ونصف المليون ، أي نفس العدد الذي قتله أجداد أردوغان من الأرمن لوحدهم ، وكأنهم كانوا متفقون على هذا الرقم !!! وشعبنا الشقيق في الجزائر مازال حتى اليوم يدفع ضريبة المستعمر الفرنسي من الألغام التي خلَّفها وراءه ، ومن الإشعاعات النووية التي ما زالت تحصد أرواح الضحايا نتيجة أول تجربة نووية أجرتها فرنسا في صحراء الجزائر في 13/ شباط / 1960 وكانت قدرتها التفجيرية تفوق بأربعين مرة قنبلة هيروشيما !!! وبحسب الباحثين والمختصين فإن تلك الإشعاعات سبَّبَتْ ، وما زالت تُسَبّب أنواع كثيرة من السرطانات لدى أهلنا في الجزائر مثل سرطان الغدد والثدي والرئة والكبد والقولون والعِظام ، إضافة الى التشوهات الخُلُقية !!!.
نشرْ الغسيل الوسخ بين أردوغان وساركوزي عاد مجددا ًمؤخراً ، بعد أن أعتمد مجلس النواب الفرنسي في 22/12/2011 قانونا يقضي بالسجن سنة ، وغرامة 45 ألف يورو لكل من ينكر وقوع المجزرة الأرمنية على يد أجداد أردوغان العثمانيين !! أما أردوغان المعروف بعصبيته وسرعة انفعاله ، فقد كان الرذاذ يتطاير من فمه أمتار هذه المرة وهو يتوعد ويهدد الفرنسيين ، ربما بمصير أسوأ من مصير الأرمن ، ويُذَكّرهم بتاريخهم الإجرامي في الجزائر ، الذي لم يكن يخطر على بال أردوغان بالماضي !!! مُستخدما نفس الأسلوب الخادع الذي استخدمه أجداده عبر التاريخ بالإختباء خلف الإسلام لتبرير الجرائم ، ومُعلِنا أن موقف فرنسا هو / تأجيج لكراهية المسلم ، والتركي / وهذا يعني أنه يربط بين جرائم أجداده وبين الإسلام ، وأن على كل المسلمين أن يقفوا خلفه ويدافعون عن جرائم أجداده ، وكأن الاسلام يبيح الجرائم والقتل !!. طبعا الرد الفرنسي كان السخرية من تهديدات أردوغان ، كما كانت الردود الإسرائيلية من قبل ،، السخرية !!.
إذا يمكن القول ، وأخيرا شهد شاهد من أهله ، فهاهم القتلة والمجرمون بحق الشعوب يشهدون على بعض ويفضحون بعض ، وكل منهم صادق بحق الآخر عندما يُفشي جرائمه !!!. فهل أكثر من الداعرات معرفة وخبرة ببعض !! وهل أكثر من القتلة والمجرمين دراية وفهما لبعض !!! أما المفارقة الساخرة والمضحكة والمثيرة أن هؤلاء هم أنفسهم من يرفع لواء الحرية والغيرة على شعب سورية !!! . فعلا لا يعرف المرء في هكذا حالة ، ومن شدة الضحك ، أين سيذهب ليُفَرِّغ مثانته ، هل في الحمَّام أم حيث يكن موجود !!. أليس حديث أولئك عن الحرية يدخل في إطار السخرية والنكتة !!
هؤلاء هم أنفسهم أيضاً من يتلاعب اليوم بالدم السوري فيُحرضون ويمدُّون المسلحين بالسلاح والمال ويوفرون لهم كل الحاجات اللوجستية ، وكأنهم استمرؤا الدم السوري عبر التاريخ !!!.
إذا جرائم هؤلاء بحق شعبنا والشعوب الأخرى هي جرائم موصوفة وموثقة بآلاف الوثائق والمجلَّدات وعلى التركي أن يعترف ، كما على الفرنسي أن يعترف ، واستمرار الإنكار يعني ببساطة أن هؤلاء ما زالوا يحملون جينات القتل ، وثقافة القتل ولذا ليسوا نادمون على ما أرتكبه أجدادهم !!. وهذا ما يؤكدونه في سياساتهم ومواقفهم !!.
والسؤال : أين هو ضمير ما يُسَمى بالمجتمع الدولي ، ومنظمات حقوق الإنسان ، ومجلس حقوق الإنسان ، ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ... الخ ... لماذا لا يستدعون ساركوزي وأردوغان إلى محكمة الجنايات الدولية ويطبقون اتفاقية روما لعام 1998 بحق تركيا وفرنسا ، وهاهو كل من ساركوزي وأردوغان يعترف بجرائم الآخر ؟؟!! أو إنشاء محكمة جنايات دولية خاصة بكل منهما كما حصل مع يوغسلافيا السابقة ، ورواندة ، وسيراليون ، وكمبوديا ؟؟؟!!!.
د . عبد الحميد سلوم