أرجو من أعزائي القراء قراءة هذه المقالة بالرغم من طولها وعرضها لأن ظروفنا الحالية فرضت علي الحديث في كثير من الجوانب ..
فمثلاً هناك بعض المواطنين يعتمدون سياسة التقنين في بيوتهم وأماكن عملهم وحتى من قبل وجود هذه الأزمة إن كان في الكهرباء أو المازوت أو الغاز لأنهم يملكون في داخلهم إحساساً بالمسؤولية هذا الإحساس لا نستطيع أن نزرعه بكل المواطنين ونقول لهم نريدكم أن تشعروا بالمسؤولية اتجاه بلدكم وحتى اتجاه أنفسكم وبيوتكم فلماذا تزيدون مصروفكم في هذه الإحتياجات إن كنتم قادرون على توفير المصروف في بعضها من خلال إتباع سياسة التقنين في استعمال هذه الموارد وبهذا تخففون العبء والضغط على الدولة من خلال سعيها لتأمين كميات أكثر مما كانت تؤمنه في السنوات السابقة ..
ولكن من الغريب أن تكون الدولة عاجزة عن إيجاد الحلول اللازمة لتخفيف عذاب المواطنين في الحصول على هذه الموارد دون شعور المواطنين بالذل والعذاب وهم يقفون مثلاً أمام مراكز توزيع الغاز في عز البرد والمطر وتحملهم ( الدفش والطحش ) وسماعهم للشتائم والكلمات النابية من بعض المواطنين بسبب الخلاف على الدور أو حتى من خلال فشة خلق المواطن بسبب الأزمة وقيام بعض العاملين في هذه المراكز برش المواطنين بالمياه دون التفكير بكرامة المواطنين فالرجال ممكن أن يتحملوا هذه الظروف ولكن هل من المعقول أن تقدر امرأة على تحمل هذه الظروف والوقوف لوقتٍ طويلٍ قد يصل إلى خمس ساعات ومع ذلك فإن بعض النساء يقفن ويتحملن من أجل أولادهن وتأمين الغاز لبيوتهن من أجل الطبخ وغيره من الاستعمالات الأخرى التي تحتاج للغاز وحتى الأولاد لم يسلموا من الوقوف ليحجزوا دوراً لهم لكي يخففوا عن أهاليهم بعضاً من هذا العذاب ..
وحتى إذا فكر المواطن في التخفيف عن نفسه عبء استعمال الغاز والإتجاه إلى المازوت فأيضاً يجد نفسه أمام مشكلة أكبر ولا تقل عذاباً عن سابقتها لأن الطوابير قد تصل مسافتها إلى مئة متر وحتى أكثر من ذلك والمواطنين يتبادلون الوقوف مع أهاليهم حسب ظروف عملهم ومسؤولياتهم وعندما أرى هذه المشاهد أحس نفسي كأنني أشاهد معاناة شعوب إفريقية كالصومال وغيرها من الدول التي تعاني من أزماتٍ معيشية لديها مع أنه هناك فرق شاسع بيننا وبينهم ولكن من يريد أن يشعرنا بوجود أزمة والله وأعلم وعندما بدأ المواطن بالتوجه إلى الكهرباء وجد نفسه أمام إنقطاع للتيار الكهربائي الذي حطم الرقم القياسي في بعض المحافظات والمناطق ليصل إلى أكثر من خمس ساعات باليوم ودفعة واحدة حتى وقعنا في حيرةٍ كبيرةٍ من أمرنا فهل بقي مورد من موارد الطاقة يمكن اللجوء إليه دون قيام الحكومة بحرمان المواطن منه ..
فنحن صحيح أنه يجب علينا تفهم الوضع والوقوف إلى جانب الدولة في هذه الأزمة ولكن ليس إلى درجة أن تصل الأمور إلى سوء التوجيه وعدم معرفة إدارة الأزمة من الحكومة بالرغم من أنهم يقولون بأنهم يتخذون الإجراءات اللازمة لتأمين الإستهلاك الزائد لموارد الطاقة ويتحدثون عن مخزون إحتياطي لدى الدولة يتم ضخه ولكن أين يذهب ومن المسؤول عن سوء توزيعه وحتى إحتكاره وهل الدولة عاجزة عن ملاحقة هؤلاء الأشخاص أصحاب النفوس الدنيئة والخبيثة الذين يحاولون زيادة التأثير على المواطن وخلق أجواء من التوتر وتعقيد الأزمة أكثر فأكثر فنحن نشاهد ونعرف مدى الخراب والدمار الذي تقوم به المجموعات الإرهابية لبعض المراكز والخطوط الخاصة بموارد الطاقة من أجل إغراق الدولة والمواطن بمشاكل وهموم لم تكن بالحسبان ولكن على الدولة أن تعلم بأنه هناك من لا يفهم ولا يريد أن يعلم ما يجري على أرض الواقع لأن بعض المواطنين يقولون بأنهم لا يفهمون إلا أن الدولة مسؤولة عن تأمين كل مستلزماتهم من الطاقة وغيرها ..
ووفقاً لهذه العقبات والأزمات التي تواجهها الدولة والتي أثبتت عدم قدرتها على إيجاد الحلول والضوابط لها في الوقت الحالي ومراقبة الأمور على أرض الواقع وبفاعلية أكثر فيجب على الدولة في المستقبل أن تضع في حسبانها مثل هذه الأزمات وعلى كافة الأصعدة والمجالات وأن يكون هناك أشخاصاً لا أريد أن أذكر أسماً معيناً لهم مثل لجنة أو هيئة ولكن المهم أن يكونوا أشخاصاً قادرين على إدارة الأزمات وأن يتمتعوا بقدرة فريدة على التخطيط والدراسة والتنفيذ وليس مجرد كلام وحبر على الورق وجداول على الكمبيوتر وأن واثق أننا نملك طاقات كبيرة وكثيرة من هذه العقول التي يجب أن يفسح لها المجال لكي تبرز وتؤدي دورها في خدمة الوطن والمواطن لأننا مللنا من الوعود والخطط البطيئة التي تمشي على ظهر سلحفاة وحتى حفظنا الأرقام والإحصائيات التي نسمعها كل فترة من بعض المسؤولين إن كان من الحكومة السابقة أو الحالية وفي كافة المجالات وحتى أحياناً أتمنى أن أكون موجوداً مع هؤلاء المسؤولين الذين يطلون علينا على شاشات التلفزيون حتى أبخرهم خوفاً عليهم من الحسد بسبب ما يتكلمون عنه من أرقام وحسابات وإحصائيات تجعلنا ننبهر بما نملكه ولكن لا يوجد شيء على أرض الواقع ..
وبالرغم من حملات التوعية التي تقوم بها الدولة والمسؤولين فيها من أجل أن يقنن المواطن في إستهلاكه لكل الوسائل التي يستعملها في التدفئة ولكن يجب أن تستوعب الدولة المواطن وخاصة في هذه الفترة ولا شك أن هناك بعض المواطنين يتحملون ويصبرون وفعلاً يقننون في مصروفهم وفي الجهة المقابلة هناك من يحاول إستغلال الأزمة وخلق مشاكل وأعباء على الدولة والمواطن وفي نفس الوقت مطلوب أيضاً من المسؤولين التقنين في مصروفهم وإستهلاكهم للوقود والكهرباء والمازوت وعلى الأقل بشكل لا يثير إنتباه المواطنين فأنا أعرف أن مصروفهم كبير جداً في استعمال هذه الوسائل والتزاماتهم الشخصية كثيرة فلا داعي للرفاهية المفرطة في هذه الأزمة مثل أن يكون لكل مسؤول خمس سيارات أو أكثر له ولأولاده والعزائم والمناسبات وغيرها من المصاريف ..
إن الإحساس بالمسؤولية هو في النهاية إحساس ومن ليس لديه هذا الإحساس لا نستطيع أن نجبره على أن يمتلكه وما أكثر أصحاب الشعارات البراقة إن كان من المواطنين وحتى المسؤولين وكان الله بعون سورية فصدقوني لا تستحق أن يحدث بها ما يحدث فهي جميلة بشعبها وأرضها ومياهها وسمائها وكان الله بعون رئيسنا الغالي بشار الأسد فقد تحمل الكثير من أجل كرامة شعبه وكرامة سورية ولكن لا ننسى أنه إبن الرئيس الخالد حافظ الأسد الذي أذهل العالم بكلامه و رؤياه المستقبلية لما يجري الآن في سورية وحمى الله سورية ودمتم بخير .