في البداية أتمنى أن لا يسألني أحد كيف وقعت في الحب !؟
لأنني وبكل بساطة لا أعرف جواباً ولا تفسيراً.. أنا فقط أشعر بالسعادة والراحة كلما تواصلت أكثر معها .. كلما كتبت لها شيئاً وردت بـ " هههههه".. كلما رأيت صورة جديدة لها .. كلما وجدت " مكالمة فائتة "على هاتفي .. أراها في كل لقاء بين اثنين .. بكل أغنية جميلة .. بكل لحظة سعيدة أعيشها ..
كما أشعر بالغضب والخوف عندما أقرأ عبارة تشعرني بأننا قد لا نستمر .. أشعر بالضيق و برغبةٍ بالصراخ وافتعال المشاكل وقيادة السيارة بسرعة كبيرة اذا لم نتواصل ولم أقرأ "ههههههه" كل يوم ..
باختصار .. باتت لا تفارق مخيلتي للحظة واحدة ..
كنت أسمع بأقوال كـ "البُعد جفا" و "البعيد عن العين .. بعيد عن القلب" وغيرها
الكثير ..
أمّا الآن .. فبت أعيشها أو أحاول التعايش معها والتحايل عليها وكسر قيودها لا بل
ونكرانها كذلك ..
ورغم كل ذلك .. قررت منذ الفراق .. في ثاني وآخر مرة التقينا .. أن أكسر هذه
القاعدة .. أن أصنع حقيقة مغايرة لها.. قررت أن أتحدى الطوفان بمركبي المتواضع ..
وأن أفرد أشرعتي الصغيرة بوجه الإعصار .. و أن أخلق من مرحلة البعد عهداً يوطد
العلاقة بيننا .. لا أن يحمل نعشها بجنازة النسيان وقسوة البعد .. اعتقدت أنه بذلك
قد تتحاور قلوبنا وأحاسيسنا وحتّى عقولنا دون مؤثرات بصرية أو ظرفية أو مكانية..
فأضحى فيسبوكي وهاتفي .. هم عصفورة الحب التي تخبرني كيف يعيشون .. ما هي أخبارهم
.. كلماتهم .. ضحكاتهم ..
ولكن حتّى مرسال الحبّ هذا آذته سكين القدر!! فبات يطير بجناح واحد عندما يقوى على
الطيران .. فتارةً تصل نداءات قلبي ورسائل أشواقي وتارةً تكون خارج التغطية وطوراً
يكون الضوء الأخضر مطفى إلى أجل غير مسمى .. ومن دون أن يرحم ساعات الإنتظار
الطويلة أمام شاشتي الصغيرة .. التي طالما كرهتها وصرخت فيها وعشقتها وقبلتها ..
أحياناً أبقى طويلاً أحدّق بهاتفي .. أعيد قراءة رسائلي مرات ومرات .. أُحاول تخيّل
ابتسامتها وهي تقرأ هذه الرسالة أو تلك ..علّ استغاثتي تنفع برؤية " مكالمة فائتة
على هاتفي ".
فللهاتف لغة .. نعم .. صدقوني .. للهاتف لغةٌ وأحاسيسٌ لا يفهمها إلّا أمثالي الذين يُعايشونه طويلاً ... فتغدو عبارات " الرقم المطلوب مغلق أو خارج التغطية" و"مكالمة فائتة" و "اللا رد" و "رسالة جديدة" .. لغة بيني وبين هاتفي يعجز عن فكّ رموزها شامبليون وحجر الرشيد ...
الى أنّه لا مفر من القدر " البعد جفا " .. فتلك حقيقة لا مفر منها طالما أنّها في
الضفة الآخرى .. تحمل براءة وعفوية وصدق الأطفال .. تحتاج أن ترى ابتسامتك حين
تتكلم .. أن تحفظ تفاصيل وجهك .. أن تداعب بأصابعها يديك وربما شعر رأسك .. أن
تستقيظ صباحاً ليكون لقاءك من ضمن قائمة أولوياتها .. فتحتار ما تلبس .. وتتساءل:
هل رسمة الكحل على جفنيّ ناجحة .. ؟
هل حمرة شفاهي مناسبة .. ؟
هل صوتي أدفى وأنفاسي أشهى .. ؟
هل أنوثتي أكمل وأكثر حرارة .. ؟
أخيراً أسأل نفسي ..
هل في هذه الدنيا ما يستحق البعد عنها ؟؟
هل في هذه الدنيا مايستحق هذا العذاب ؟؟
هل في هذه الدنيا مايستحق أن نحرم أنفسنا من أحلى وأغلى وأسمى لحظات الحياة ؟؟
صدقوني .. كل أموال وشهادات وسويعات التسلية لا تعادل تلك اللحظات التي تعيشها بالقرب ممن تحب ..
فالحياة لاتقدر بعدد الأنفاس التي نتنفسها .. وإنّما بعدد المرات التي حبسنا فيها أنفاسنا .. فتخيلي كم كبرت أنا اذا عرفت أني أحبس أنفاسي معك
قبل كلّ مكالمة ..
وقبل أن أرسل أي رسالة ..
وقبل أن أكتب أي كلمة ..
وقبل أن أبدأ بقراءة أي عبارة تكتبيها على "وول" الفيسبوك لـ "أحلام مستغانمي" التي طالما احترمتها من أجلك، مع أنّها كانت تزعجني أحياناً بأسلوب الحب المعلّب الذي تقدمه .. صدقيني .. عندما تكتبين " مقتنعة بس ناقصني الإحساس فيك " و " أثّرت فيي كتير" و " أهلي حبوك " و " لو أنك قريب مني بس " و " نام وارتاح" حتّى "بونوي" فهي بالنسبة لي أعظم فلسفة في الحب .. فلسفة يعجز عن فهمها فلاسفة اليونان.
أخيراً .. آن الآوان لتحديث بيت الشعر القائل " نظرة فابتسامة فســلامٌ فكلامٌ فموعدٌ فلقـــاءُ " ليصبح:
صورة فـ "لايك" فـ "كومنت" فـ " تشات" فموعد فلقــاء .. والذي يختصر "بكل بساطة" قصتنا وعفويتنا.