بينما كنت عائداً الأسبوع الماضي الى منزلي أقود سيارتي في شوارع دمشق الحزينة الموحشة في الظلمة والخالية من سمّارها وعشاقها وإذا بالجوال يرن على صوت نغمة أحبها وعرفت منها ان المتصل هو زوجتي الغالية فقلت خير اللهم اجعله خير...
وفتحت الهاتف وتبسمت وقلت في قرارة نفسي لا بد انها اشتاقت الي وملت بعدي وهكذا النساء دائما إذا طلبت ودهن ابتعد عنهن و أجعل للشوق مكان بينكما , ولكن صوتها كان مضطرباً وخائفاً ومهزوزاً ونقلت لي ذاك الخبر المفجع ويا ليتها لم تقله و يا ليتني لم أسمعه كادت السماعة ان تسقط من يدي من هول الحدث يا الهي ان المصائب لا تأتي فرادى ماذا افعل في هذا الليل المفجع وأي باب اطرق ومن أرجو ... وكم تمنيت ان لا يأتي هذا اليوم أبداً وان لا اسمع هذا الخبر الحزين .
نظرت الى السماء أشكوها همي و سوء طالعي فرأيت قطعاناً من الغيوم السوداء تقتحم أبواب السماء و تنذر بأيام ماطرة و ليالي باردة فأسرعت وعدت الى بيتي اجر ذيول الخيبة والحسرة وأفكر في حل لمصيبتي الآتية .
وفي صباح اليوم التالي استيقظت مبكرا وقررت التفرغ لحل هذه المعضلة والخروج من هذا المأزق فاتصلت بالأصدقاء وطلبت منهم العون فلم أجد منم الا الرثاء لحالي والدعاء لمصابي وبعد جهد جهيد وعناء طويل واتصالات على أعلى المستويات أعطوني رقم هاتفه وقالوا لي : لا تتصل به الآن انه لا يستيقظ مبكرا ولا تزعجه بكثرة الاتصال لان أخلاقه ضيقة وهو سريع الغضب وإذا حدثت فاختصر و إذا طلبت فأوجز لأنه لا يحب الثرثرة حاكيه بلطف واطلب منه بأدب فهو كما يعرف عنه لا يحكي شكلين .
وفعلا اتصلت به وكم كنت ممنوناً لأنه رد على مكالمتي وبدون مقدمات سلمت عليه سلام الأحباب واطمئنيت على صحة أفراد أسرته واحداً واحداً وحدثته عن نبل أخلاقه وسعة صدره وعن مواقفه الإنسانية وعن تضحياته في سبيل المجتمع وأخلاقه في العمل ودعوت الله ان يكثر من أمثاله ويطيل في عمر أولاده ويمد في رزقه ودعوته على الغداء و إذا رغب على العشاء وقلت له اطلب ما تشاء فطلبك مجاب لكنه رد طلبي بجفاء ورفض الاستماع وأغلق السماعة دون استحياء .
وتركني وحيدا اشعر بالبرد والغثيان وتمنيت وقتها لو يكرم الله ابني و يصبح في المستقبل مثله
بائع مازوت.
