بداية أعتذر عن إطالة هذا المقال
وأبدأ بالقول لا يمكن لأحد أن يكون ضد قيم الحرية أو يعادي مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في اي مكان يفتقد لهذه المعاني على وجه البسيطة، فهذه المعاني ليست مُلكا وحُكرا فقط على من يخرج في الشارع أو يحمل السلاح في هذا البلد أو ذاك ، إنها ملك الجميع ولا يوجد خلاف عليها وإنما على كيفية مقاربتها وتطبيقها ، ولكل رأيه في هذا الخصوص ، وحتى في الغرب الديمقراطية متعددة الأشكال !!! ...
وهذه المعاني لا تتجزأ من مكان لآخر ، وغير قابلة للإنتقاء على أساس جغرافي أو مكاني ، وليس لها عنوان محدد ، فهي كما غيث السماء مطلوب في كل مكان ولا يوجد مبرر يقنع مخلوقاً عاقلاً ان الديمقراطية تصلح هنا ولا تصلح هناك وأن التظاهر مقبول هنا وغير مقبول هناك ، فالإنسان هو ذاته ، وهو من خُلق حرا في كل مكان ولكنه مكبل بالأغلال دوما ، بحسب أحد المفكرين المجريين !!!..
ولكن من جهة أخرى فإن هذه المعاني الإنسانية والسامية والنبيلة سمو الإنسان ونبله تسقط بضربة واحدة ، سقوط الإنسان بسكتة قلبية أو دماغية كبيرة ، وذلك عندما تقترن بشعارات وهتافات وممارسات ودعوات طائفية ، أو تستهدف انسانا لإنتمائه الطائفي أو المذهبي أو العرقي ، أو للونه أو جنسه ،، أو تقتل وتخطف وتذبح على هذه الهوية ، فحينها يصبح الحديث عن الكرامة البشرية والحرية الإنسانية فسقا وفجورا وكذبا ونفاقا ، لأن من يؤمن بهذه المعاني فإنه لايسمح لنفسه بالإنتقاص منها أو تدميرها لمجرد أن الآخر يخالفه العقيدة أو المذهب !!!.
وعندما أطلَق الخليفة العادل عمر بن الخطاب (ر) صرخته : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ،،، فكان حينها يتحدث عن كل الناس ، أي كل البشر وليس المسلمين فقط ،، فأليس الخطف أو القتل على الهوية ،،أي كانت ، وأي كان الهدف ،، هو جريمة تفوق جريمة الاستعباد مليون مرة !!. وأليس من يرتكب ذلك يُخالف قول الخليفة عمر ويُغضبه في قبره !!!.
الثورة صناعة حياة أما الطائفية فصناعة موت ، وعندما تفوح من أية حركة أو ثورة أو عصيان أو تمرد أو غير ذلك ، رائحة عنصرية سواء كانت طائفية او مذهبية أو عرقية أو ما شابهها ، فحينها تصبح فتنة ، والفتنة في ثقافة الإسلام هي أشد من القتل وقد لُعِن مُوقدها ... فالإسلام ثقافة حياة وبناء وليس ثقافة قتل وتدمير ..!!!. ومن المؤسف أن نرى أن العنف والقتل أصبح سمة ملازمة لبعض ( وأقول لبعض ) أبناء الإسلام ، وملتصق بهم التصاق الجلد بالعظم !!!. ورب من قائل أن هذا تجنٍّ كبير على الاسلام ، وأن الاسلام دين محبة وتسامح وسلام ويستدل على ذلك بآيات عديدة من كتاب الله الكريم ،، وبالمقابل هناك من يخالفه الرأي ويستشهد بعدة آيات ايضاً من الكتاب الكريم تدعو إلى العنف والقسوة !!!. فهل نحن هنا أمام تناقض في آيات الكتاب الكريم ( و حاشى الله من ذلك) أم أننا أمام تناقض في فهم آيات القرآن وشرح معانيه ؟!. بالتأكيد نحن أمام الحالة الثانية ، أي أننا أمام فهم وتفسير خاطئين ..
وتأسيسٌ على ذلك فإن من يدعو للعنف والقتل والتعصب والكراهية والتفرقة في الاسلام فأنه يسير بعكس معاني آيات الله ومبادى القرآن القائمة على المحبة والتسامح والسلام والرحمة ... فكل شيء بالقرآن يجب أن يُفسَّر في سياق هذه المعاني وليس بعكسها لأننا حينها نبتعد عن القرأن ، أي نبتعد عن الاسلام ...
من المحزن أن العنف والقتل لم يفارق ثقافة نفرٍ متطرف من بين المسلمين ( وأؤكد على نفرٍ ) منذ 14 قرن وقد برروا ذلك على الدوام بالاستناد إلى آيات من القرآن أو إجتهادات غير صحيحة ... وهذا أيضاً للأسف لا نجده إلا بالأسلام !!!!. وهنا رُبّ من قائل أنهم في المسيحية ايضاً تحاربوا وتقاتلوا باسم الدين ، وهذا صحيح ولكنهم تمكنوا أخيراً من إيجاد حل جذري لكل ذلك بالديمقراطية والعَلمانية والليبراية واحترام حقوق الإنسان ، وانتهى كل شيء منذ مئات السنين وانتهت حروبهم فيما بينهم باسم الدين بعد حرب الثلاثين عاماً (1618—1648)
أما في الاسلام ، وكما يبدو ، لا يوجد أفق لانتهاء ثقافة العنف والتكفير لدى البعض المتطرف ، لأن هؤلاء مؤمنين بهذه الثقافة ، بل الأخطر انهم يُورِّثونها ويتعيشون عليها ويجدون بها دوماً سبيلاً للشهرة وللكسب والثراء ، وإرضاء لأنانية الذات ،حتى باتت حالة غريزية .. والأخطر ايضاً أنهم مؤمنين بأن من حقهم أن يحكموا المجتمعات بهذه الثقافة ، من منطلق أنه لا تشريع إلا لله وليس لبني البشر ،، وأنهم هم من وكّلهم الله لتطبيق شرعه وتحديد المسلم من غيره وحسب مفهومهم ، وهم من يمنح تذاكر المرور الى الجنة ، وكأننا أمام شكل جديد من صكوك الغفران ،، ومن يعترض فالفتاوى جاهزة ، حتى بقتله أو تكفيره وإهدار دمه !!!.
لقد قال الرسول (ص) قبل ألف وأربعمائة عام "اليوم أكملت لكم دينكم " .... ، فطالما أن الاسلام اكتمل قبل 1400 عام إذاً لماذا كل هذه الاجتهادات والفتاوى على مدى 1400 عام ، والتي خالفت في معظمها قيم الاسلام ومبادئه السمحة حينما دعت للعنف والقتل والتكفير بين المسلمين أنفسهم !!!. فإن كان لابد من اجتهادات وفتاوى لتوضيح ما هو غامض أو غير واضح في الإسلام ، فيجب حكماً وحتمياً أن تنسجم مع روح الإسلام وقيمه وجوهره وليس العكس ، فالله لم يبعث رسلاً وينزل كتباً مقدسة ليقتل البشر بعضهم بعضاً ، فهذا ليس من جوهر الله لأنه شر ، والشر ليس من هدف الأديان ،، وكلما اقتربنا من الشر فقد ابتعدنا عن طبيعة الله وعن جوهر كتبه المقدسة ورسالات أنبيائه ....
ينتقدون بعض الأحزاب والأنظمة أنها أقصت كل من ليس معها وتسببت بمشاكل كبيرة لبلدانها ،، ولكنهم بذات الوقت يلفظون ويقصون ، وربما يهدرون دم كل من ليس معهم !!!!.. يقولون أن واجبهم قول كلمة حق في وجه سلطان جائر ،،، ولكنهم بالمقابل يعيشون ويقبضون ويدافعون عن أكثر الأنظمة جورا وشمولية في التاريخ ، ويأتمرون بأوامرها و يُزينون لها أقوالها وأفعالها !!!..
يَتَغَنون "بالربيع العربي " ولكنهم يقطعون كل زهرة ربيع تنبت في بلدانهم من رقبتها !!!. يتباكون ليل نهار على العراق الشقيق ، وهم من شارك في إحتلاله وتدميره !!!.. يخشون عليه من إيران ، ولكن لم يخشوا عليه ممن إحتله ودمّره (بالمَعِيّة) وقتل وشرّد شعبه ، وزرع فيه الطائفية والعرقية والإرهاب ، وتسببَ في إيجاد مكان به ليس لإيران فقط ،بل لتركيا واسرائيل وغيرهم ، واستغرب لماذا يتعمدون تجاهل ذلك !!!.. يرمون كل شيء على إيران ،، أما اسرائيل وأمريكا فهما (ملائكة الرحمن) التي ترخي بأجنحتها على فلسطين والعرب وتحمي فلسطين من خطر "إحتلال " إيران لها !!!.
يقولون أن الثورة في القطيف والبحرين عُنفية ويحركها الخارج ، علما بأنهم لم يعثروا على شفرة مع متظاهر في القطيف والبحرين والتقارير الدولية كذَّبت كل ادعاءاتهم بالتدخل الخارجي ، بينما في سورية السلاح على الملأ والتدخل الخارجي على المكشوف !!!. الناس واعية وتعرف كل شيء ومن يعتقد أنه يضحك على الآخرين فإنمكا يضحك على نفسه فقط !!. أَلَم يقل أحدهم أنه سيستمر في الضغط على سورية لإضعاف إيران !!!!. إذا هل من عاقل بعد هذا التصريح ما زال يعتقد أن المسألة حرية وديمقراطية !!!؟ أَلَم يتحدث ذات الشخص وبذات التصريح بمفردات طائفية يخجل منها الخدم والحشم في قصره لتحقيق أهدافه السياسية !!؟ .
إذا من هي الجهة التي تحرض على الطائفية والمذهبية وتقود مشروعاً طائفياً خطيرا للهروب الى الأمام من واجباتها إزاء فلسطين وبتوجيهات أمريكية ؟،، أليستْ تلك ومن يأتمر بأوامرها !! ومن هي الجهة التي يتكاثر بها على الدوام الفكر التكفيري الطائفي قبل ثورة إيران بعشرات السنين ،، أليست ذات الجهة !!. ولمن تتبع المواقع الطائفية والفضائيات الطائفية !!؟.ومن هي الجهة التي تدعو الى الوحدة الإسلامية وتعترف بكل مكونات الإسلام !!؟. ثم هل إضعاف ايران وحلفاؤها في المنطقة عمل مشروع ، وإضعاف أمريكا واسرائيل وحلفائهم عمل غير مشروع !!؟. ولماذا لا يذهب أولئك ويقاتلون ايران على أرضها إن كانوا رجالا وشجعانا ، فهي أقرب لحدودهم من سورية !!. فلماذا يستخدمون الدم السوري وقودا لخلافاتهم مع ايران لجانب حليفهم الأمريكي والاسرائيلي تحت عناوين لا تمتُّ للدوافع الحقيقية بمثقال ذرّة ؟؟! أعتقد نحتاج في هذه الأمة للكثير من العقل والمنطق وليس للكثير من الإنفعال والتسرع إن كنا سنرتقي لمستوى المسؤولية !!. و نحن هنا أمام مقاربات عقلية ومنطقية ليس إلا !!!.
غبطة البطرك المسيحي الماروني في لبنان بشارة الراعي يشجب التفجيرات الانتحارية في العراق وسورية ( البلدين المسلمين) ، بينما ( علماء وشيوخ مسلمين) يحرضون ويشجعون على زيادة القتل في سورية والعراق ، مدعومين بأنظمة حاكمة تقول بأنها تخاف الله وتطبق شرعه الحنيف ،، بينما هي تسعى بكل قوة لحرف الصراع السياسي في المنطقة عن جوهره وتحويله الى صراع طائفي ومذهبي بهدف التهرب من واجبها إزاء فلسطين والأقصى الشريف بعد أن تم حشرها في الزاوية بهذا الخصوص فقامت بهجوم معاكس في التحريض الطائفي والمذهبي لتغيير طبيعة الصراع في المنطقة وتبرير تحالفها مع أمريكا واسرائيل وتخاذلها إزاء فلسطين والقدس ،،غير آبهة بأخطار أية فتنة وماذا سيتولد عنها من دماء ومآسٍ طالما أن كل هذا قرابين لتيجانها وكراسيها !!.. وعندما لا نجد في القرآن والسنة النبوية ما يدعم آرائنا ، فالمسأله سهلة وشيوخ الفتاوى تحت اليد وغبّ الطلب !!!.
المساجد الإسلامية تملأ أوروبا ، والمسلمون الهاربون من بلدانهم لعشرات الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ووجدوا ملاذهم في الغرب (المشرك والكافر كما يقولون ) يتمتعون بحقوق لا يحلمون فيها ببلدانهم ، وهذا ليس من قبيل المديح أو الإنشاء، ولكنها الحقيقة بينما يخرج أحدهم ليدعو إلى هدم الكنائس في شبه جزيرة العرب !!!!
و لا أدري من أين جاء بهذه الفطنة التي لم تخطر حتى على بال رسول الاسلام(ص) ولا خلفائه من بعده !!!.. بل هناك من يدعو لطرد غير المسلمين من (بلاد الاسلام ) وكأن البشر لم تكن موجودة قبل الإسلام في البلاد التي دخل إليها !!. كل دساتير الدنيا الحديثة تتعامل مع المرأة وحقوقها بالتساوي مع الرجل ، بينما يخرج من يقول هذا من غير الممكن لأن (الفرخة ليست كما الدجاجة !!.) والمرأة ، ولا اقول هنا في العالم الغربي ، بل في الهند ( يعني عالم ثالث) أصبحت قائدة لسلاح الجو اليوم ، بينما هناك من يُحَظر عليها قيادة سيارة حتى ضمن حرم المشفى الذي تعمل به ، وليس فقط في الشارع !!! ... والعجيب أن هناك من يصفق لهذه العقول ويرتضيها قيادات لشعوب ومجتمعات !!!... فهل هذا أمر طبيعي ، أم أن هناك ألغاز وظواهر في التاريخ وعقول البشر لا يمكن فهمها !!!!.
هل نحتاج للكثير من التأمل والتفكير لندرك أننا كعرب ،ومسلمين ، تخلفنا عن الغرب مئات السنين بسبب ثقافة الإنغلاق والتزمت والتطرف والتعصب وغياب أو تغييب دور المؤسسات والعجز عن سن قوانين تُجاري روح العصر وتستجيب لحاجة المجتمعات وضروراتها في التطور والتقدم والتحديث !!!. فالبعض أوقف الحياة عند حقبة زمنية من الماضي ، وجعل المجتمعات كلها أسيرة لتلك الحقبة ، وأن صحة كل القوانين هي بمدى تماهيها وتماشيها معها وكأن الحياة تراوح مكانها أو أن الانسان لم يصل لسطح القمر بعد أن كان عاجز عن الوصول الى قمة جبل !!!.
أما الغرب فقد وصل الى هذا المستوى الحضاري والمذهل بسبب ثقافة الديمقراطية والعَلمانية والليبرالية وحرية التعبير والتشريعات القانونية الحديثة والمتطورة والمتجددة ، بل السبَّاقة على تطور المجتمعات ،، واحترام حقوق الانسان وحرياته الأساسية ، وتداول السلطة عن طريق صناديق الإقتراع بشكل سلمي وحضاري ،، وسيادة القانون فوق الجميع حتى لو كانوا شيوخا وأمراء وحُكاماً ، وليس الضعفاء فقط ،، ووضع المعايير الموضوعية والمنطقية والشفافة للوظائف والمواقع في الدولة ، وإحترام قِدَم الناس الوظيفي وخبرتها ومؤهلاتها ،، والإبتعاد عن الشخصنة والكيدية والمحسوبية والأمزجة
فلا نرى أهل الخبرة والكفاءة والمؤهلات والأحَقية مُهَمشين وفي الصفوف الخلفية لمجرد أن مزاج أحدهم لم يحلو لهذا أو ذاك ، أو أن هناك من يخشى ممن هو أكفأ منه ،، بينما الأقل أحقية وتأهيلا في الصفوف الأمامية لأنه مدعوم من هذا أو محسوب على ذاك ،، وأن هناك من يتصرف بالمؤسسة وكأنها حيازة خاصة يقبل من يشاء ويقصي من يشاء !!!. وطالما أن الطرق باتت مفتوحة لتحقيق كل ما نصبو إليه من هذه المبادئ بالسلام والحوار وبالتالي القضاء على كل السلبيات فلماذا خوض الحرب وهدر الدماء ؟! هل من عاقل يلجأ للدم حيث لا يحتاج إلا للحوار ؟!
صحفية أفريقية ترأس تحرير إحدى الصحف الهامة في نيجيريا ، طرحتُ عليها سؤالاً ذات مرّة : ماذا تريد بوكو حرام في بلدكم ؟؟ فأجابت : إنها تريد أن تعيدنا للزمن السعودي !!.. فقلتُ لها ماذا تقصدين ؟؟ فقالت : إن بوكو حرام تريد أن تعيدنا إلى العصور الحجرية !!؟؟ فلنتصور أنه حتى الأفارقة المُصنفة بلدانهم أنها الأكثر جهلا وتخلفا كيف هي نظرتهم !!!. يحزنني ذلك ، فالسعودية تبقى بلدا عربيا شقيقا ، وإن إنتقدتُ أنا كعربي وعروبي وقومي ، أي بلد عربي ، غير أنني لا أرغب بذلك من الأجنبي !!. وبالمناسبة هذه الصحفية مُسلِمة ( يعني بِضم الميم وكسر اللّام )، بل أنها تضع الحجاب فوق شعر رأسها المستعار ( الباروكة ) كون العِرق الأسود لاينبت شعر رأسه أكثر من 2 أو 3 سم ،، وليس كما ضفائر صبايانا الجميلة !!.
إن الإغراق في التفاصيل ، وتفاصيل التفاصيل بالدين ، أحد أكبر أسباب المصائب في هذه الأمة ،، فضلا عن التفاسير الدينية المغايرة لجوهر الاسلام ، والأديان ، واعتبار بعض الفئات نفسها أنها هي الحقيقة المطلقة وسواها الضلال والإنحراف ،، وهذا قمة التطرف والغلو ويتناقض مع كل حديث عن الحرية والديمقراطية ، لأن الانسان هو حرٌ بما يعتقد به ويؤمن به من قناعات دينية ودنيوية ، وحتى الله ذاته أعطى الإنسان حرية أن يؤمن أو يكفر ، بل الله ذاته حاور إبليس قبل أن يُهبط به على الأرض !! فمن يحق له مصادرة حتى الإرادة الإلهية ؟؟!.
في الغرب ( الذي يعتبره البعض مشرك وكافر ) غارقون في تفاصيل تفاصيل العلوم والتطور ،، فنرى الإختصاص في مجال علمي وتقني وفني ....الخ ، ثم نرى إختصاص الإختصاص ، ونحن غارقون في تفاصيل فنون الذبح والقتل وتقطيع الجثث ، وابتكار أساليب عَجِز الغرب عنها في ميادين القتال، كتفخيخ مؤخرات الرجال وأثداء النساء !!!، ومع ذلك هؤلاء أنفسهم يَسخرون من أبناء الأديان والمذاهب الأخرى ، ومنهم من يتندر على الهندوس بأنهم يستمتعون برائحة روث البقر!!!
واسأل كل ذي عقلٍ سليم : بربكم أليست رائحة روث البقر هي أطهر من رائحة فم أي انسان ، مهما كان وأي كان ، رجل دين أم سياسة أم غير ذلك ، ومهما طالت لحيته وكبرت لفّته ، و يُحرض على الطائفية والمذهبية والكراهية والبغضاء والتفرقة والقتل والحقد والتكفير ، ثم يعود ليحدثنا عن تمسكه بقيم الاسلام السمحاء !!! فكيف سيُقنع بني البشر بأنه فعلا ًمؤمن بهذه القيم ؟!. وهناك من يسأل هؤلاء الذين يدعون ويتادعون للقتال في أفغانستان والشيشان والبوسنة والصومال ...الخ : أليس أهل فلسطين هم من المسلمين ؟؟ أليست فلسطين الأقرب لكم ؟؟
لماذا لم تصدر عنكم بخصوصها سوى الخطابات الرنّانة والبيانات الفارغة ومؤتمرات في الفنادق الفاخرة وبرعاية أكثر البلدان في المنطقة تحالفا وصداقة مع اسرائيل ( تركيا وقطر ) !!. وهل تتجرأون على الدعوة في بياناتكم وفتاويكم على إرسال المقاتلين الى فلسطين للقتل والتفجير ، أم أن قتل الصهاينة حرام ، واليهود من الأحبّة وليسوا من "المجوس " ؟؟!!. بل هل تسمح لكم تركيا وقطر وغيرها بذلك ؟؟!. ويتسائل آخر ، هل إذا حرّرَ "المجوس " فلسطين واحتلوا مساحة واسعة في قلوب أبنائها وفرضوا محبتهم واحترامهم ومكانتهم الكبيرة ، هل سيذهبون حينها لقتالهم بذريعة " تحريرها " من هيمنتهم ؟!. يا عيب الشوم على هيك "علماء " عجزوا عن تحقيق أي نصر وفخر ضد اسرائيل فهربوا للأمام وجعلوا قضيتهم في هذه الحياة خلق الأحقاد والكراهية والفرقة والتحريض على هدر دماء المسلمين ومن صنع النصر والفخار !!!!!. والكل يعلم أن المحرض على القتل هو كما القاتل !!.
ألَا يكفي أن يكون الإسلام هوية ثقافية وحالة نفسية ووجدانية مشتركة ، والإيمان بأركانه الأساسية ، والإبتعاء عن كل التفاصيل التي أغرقتنا حتى الإختناق أحيانا !!!.. و بهذا نبتعد عن كل أشكال التعصب ونعود من جديد ذوي رسالة إسلامية حضارية تساهم في إغناء الحضارة البشرية في التقدم والتطور والتنوير،، بدل بث الكراهية والتطرف والقتل ، ونؤسس لمرحلة ندخل بها التاريخ الذي نعيش اليوم خارجه ، وفي أحسن الأحوال على هامشه !!. فالتشدق والإدعاء بالمعاني الجميلة والنبيلة والسامية لايكفي ، ولايفيد ، لأن الناس تؤخذ بأفعالها وليس أقوالها وأحاديثها ، وما يحصل على أرض الواقع هو الدليل الأسطع من أي قول أو حديث .... وعملية تفجير واحدة في ساحة أو شارع تنسف أحاديث مليون شيخ لمدة سنة عن الرحمة والمحبة والتسامح في الإسلام ،أمام الغرب !!!. والتحريض ساعة على القتل والحقد والتكفير بين المسلمين لا تشفع له صلوات العمر !!.
إن التحدي الأكبر أمام أي شيخ أو رجل دين أو سِواه ، هو كيف يصنع الحياة ، وليس كيف يُروج ويحرض على القتل والموت !!!.. فالقتل سهل والجريمة سهلة ولكن إعادة الروح لمن فارقَتهُ هي المستحيل ، وهنا يكمن التحدي الأكبر : كيف نصنع الحياة وليس كيف نوزع الموت !!!....
أحد المسلمين في بلد أفريقي لديه (88) زوجة وهذه ليست نكتة بل حقيقة ، وأمر عادي لدى مسلمي أفريقيا ، فالعادات القبلية ما زالت هي الأقوى ، وحينما سأله ( أحدهم ) هل أنت مسلم ؟؟ أجابه نعم إنني مسلم ...!! فقال له هذا لايجوز في الإسلام وعليك أن تترك (84) زوجة وتُبقي على أربعة فقط .. فأجابه المسلم الافريقي : كلّا ،إنني في هذه الحالة أترك الإسلام !!!. فقال له ذاك الرجل، بل أبقِي على (88) زوجة وابقَى مسلماً !!!!...
حينما حصلت الرسوم "الساخرة " من الرسول (ص) ثارت ثائرة المسلمين ، حتى أن بعض المسلمات ممن يعملن في نوادٍ ليلية أخذتهن الغيرة ، ولم ينسين أن هويتهن الدينية هي الاسلام ( ولا أعتقد أنهن ملتزمات بالصلاة والصوم ...) وخرجن في إحدى الأماكن في تظاهرة بالشورتات !!!.....
إذا المقصود مرة أخرى هو التركيز على الهوية الثقافية الاسلامية للمسلمين وعدم الغطس والغوص والغرق في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل لأن هذا شرذم الأمة وأوصل أبنائها إلى حالة من الإختناق والضياع والتطرف ثم القتل والتفجير ، ومنهم الخروج من الإسلام الى المسيحية من شدة الضغط ، وانهارت صورة الإسلام في كل أصقاع الدنيا !!!!.. فمن لا فضيلة لديه ليقدمها للإسلام فليصمت ، أو لا يقدم ماهو عكس ذلك !!....
في كل الأديان السماوية والوضعية ، دور رجل الدين هو الحث على المحبة والألفة والوحدة والتسامح والتعاون والتآخي ، كونه يشكل قدوة ،، وكل من يخالف هذه المعاني في اي دين ، وضعي أم سماوي ، لا يستحق لقب رجل دين وعليه أن يترك هذه المسألة ويجد له صنعة أخرى تتناسب مع عقله وتفكيره ،،فالله لم يُنزل الأديان كي يأتي بعض من عباده فيشوهونها ويخرجونها عن غاياتها وأهدافها الصحيحة ويجعلون منها سندا للقتل !!!..
لقد تمّ في زمن ما، الإفتاء ضد طوائف وأبناء مذاهب بالجِملة بذريعة تعاطفها مع الأجنبي ،دون الإستناد لأية حقيقة ، بينما نرى اليوم من يتعاون مع الصهويني ضد فلسطين ومقدسات الأمة ويعيش في ظل قواعد الأجنبي العسكرية وتحت حرابه ويأتمر بأمره ، بل نجد من يدعو الأجنبي لاحتلال بلاده، ونجدُ من يبرر تدمير بلد إسلامي ويتغزل بقنابل الناتو ويشيد بذكائها، وبأنها كانت في ليبيا لاتقتل إلا الشخص المستهدَف ولاتصيب إلا الهدف الموجهة إليه !!! .. ( فتصوروا ما أروع وأتقى هذه القنابل رضي الله عنها وأرضى صانعيها وقاذفيها وضحاياها ، فلا بدّ أنها باركتْ الأرض التي انفجرت فوقها !!. فهل تبقّى ما ينقصنا قولُه سوى ذلك !!.)
.. بل الفتاوى أصبحت ضد من يحارب العدو الأجنبي والمغتصب للأرض والمقدسات ،، فهذا أصبح "مجوسي " كما أمر فضيلة العلاّمة الكبير الرئيس الاعلى لرابطة علماء الإفتاء سماحة "البيت الأبيض " وفضيلة الشيخة هيلاري والشيخة كوندوليزا ، ومن يخضع ويخنع ويركع ويخلع ثيابه ويستسلم للإسرائيلي هو "المسلم الصحيح " بحسب فتاوى صاحبة الفضيلة الشيخة تسيبي والداعية الكبير الشيخ بنيامين !!!!.
فهل لأحد أن يُفسر لنا هذا من وجهة نظر اسلامية مُحمدية صحيحة وعلى ضوء فتاوى البغضاء التي مازال هناك من يبني عليها !!؟؟. أم أن الإسلام لدى بعض الشيوخ والمشايخ قد تحول من دين الى طين يصنعون منه الأشكال التي تناسب أسواقهم وأذواقهم وجيوبهم وقصورهم وبحسب ما تقتضي مصالحهم ومصالح أسيادهم !!؟؟. ومرة ثانية هي مقاربات منطقية ليس إلا !!.
ياليت أي من هؤلاء "العلماء " هو من اخترع لنا المذياع والهاتف والموبايل والطائرة والسيارة والجرّار والانترنت والكمبيوتر والتلفزيون والفضائيات ، والكهرباء والأدوية والمعدات الطبية والكهربائية ...الخ ،أو هو من اكتشف لنا قانون الجاذبية وحركة الأرض والنجوم والكواكب !! بل منهم من لا يعترف حتى اليوم بكروية الأرض ودورانها !!...
فإلى متى سنستمر ( بعِلْم ) البغضاء والكراهية والفرقة والشرذمة والانقسام والتحريض والتخلف ، حتى بات من كانوا يعيشون كما الأهل منذ مائتي عام في بعض الأماكن وينادون بعضهم بأبناء العم لايجرؤ أحدهم أن يقترب من قرية الآخر أو حيّه خوفا من الخطف أو القتل !! وما ذنب من تم خطفهم ولا ناقة ولا جمل لهم ، ولا أحد يعرف مصيرهم ؟ أي دين هذا الذي يسمح بذلك ؟؟ "والفضل " في ذلك كله لذاك العِلم البغيض والمبغض !!! فإلى اين سيوصلنا أولئك !!؟. بالتأكيد إذا ما انتصرت هذه الأفكار فإنها ستوصل الأمة إلى المقابر تحت التراب وإلى الدويلات التي تسعى لها اسرائيل ،، بينما علماء الغرب (المشرك والكافر حسب وصفهم ) أوصلوا أممهم إلى أعالي السماء وإلى سطح القمر !!.. وأتمنى أن أكون مخطئ في تقديري هذا حتى أعتذر لهم !!.
تحيةً ومحبة لكل شيخ وعالم دين في هذه الأمة ، ولكل فرد فيها أي كان موقعه ،، يحرص بأن يكون صمام الأمان حتى لا تنزلق الأمة نحو حتفها ،، ويسعى على مدى الساعة في مجاله ، أو محيطه الاجتماعي ، أن يفكك كل الألغام والمتفجرات التي يريد أعداء الأمة أن تنفجر في هذه الأمة فتودي بها كلها الى الهلاك ... والخلافات السياسية في أي مكان لا تُحل بالتحريض الطائفي والمذهبي، فالطائفية هي أخطر الألغام ، والصراع في المنطقة هو سياسي بإمتياز !!.
وأخيرا أقول سلفاً لمن سينهال ضدي _ ربما _ بالإتهامات أو غيرها ( كما عادة البعض الذي لا يُجيد سوى لغة الشتائم) أنه لا دافع لدي ولا مُحرض سوى حب الوطن والخوف على مستقبله ومستقبل أبنائه ، فلم أكن في أي يوم ذي منصبٍ ولا في المواقع الأمامية التي أشرت إليها في هذا المقال وإنما مجرد موظف عادي ( وعلى الهامش ومن لايتمتعون بنصف خبرته ومؤهلاته في الصدارة ) ولم يدخل لجيبه في حياته مِلّيم واحد إلا من راتبه ومنتوج أرضه الزراعية ، ولم يصبح في أي وقت وزيرا ولا محافظا ولا سفيرا كمن كانوا هكذا وصعَدوا على أكتاف رفاقهم ثم تنكروا لهم ( ، وكنت أحد من قفز البعض على كتفهش) واستثمروا مواقعهم ثم هربوا الى الأمام إعتقادا منهم أن هذا سيعفيهم من المسؤولية بالماضي ، بل وصل النفاق والإنتهاز ببعضهم الى اختيار طريق ثالث ورابع وخامس .... هم من كانوا من كبار رجال السلطة وأزلام المخابرات ، وتغيرت أحوالهم من الفقر الى الثراء واليوم وجدوا فرصتهم في العودةعلى دماء الآخرين !!!.،
ولكن أقول
الوطنية لا تخضع لمستوى المسؤولية ولا المنصب ،، فكم من مسؤول في العالم الثالث
استغل موقعه للمكاسب الخاصة ،، وكم من مسؤول أثْرى في موقعه ثم رحل الى الخارج
بأمواله ومن هناك بدأ ينادي بالقضاء على الإستبداد والفساد الذي كان بلدوزرا ومدحلة
في ترسيخه حينما كان في موقع السلطة !!!. كما لايحق لأحد أن يزاود على غيره
بالإيمان ،، فالإيمان بالقلب قبل أي شيء ،، والحُكمُ هنا للخالق وحده وليس لبني
البشر ،، ولا أعتقد أن الأمور تحتاج لكثير من الشطارة والتفلسف ،، ولكن تحتاج
للكثير من العقل والتعقل!!، فلماذا نضع السيف حيث لا نحتاج إلا للِّسَان ،، أي
للكلمة والحوار ،، أليس هذا هو العقل ؟؟؟؟؟!!!.