سيذكر السوريون “طويلاً ” هذا
المشهد..
هذا هذا بالذات.. بتفاصيله السماوية..
قطعتان من فاكهة البرتقال بطعم الدم، فصل القدر
بينهما وبين طفل أو طالب مدرسة..
شابان غافيان على السماء.. ناما بهدوء دون أن يزعجا أحد..
وهلع يسيطر على شابين آخرين.. لا يعلمان أن الشهداء لا تكترث لضجيج الموت مهما
علا..
وخاطف الأنفاس ما زال يحوم في المكان.. ربما ينتظر طفلة هنا أو عجوزاً هناك حتى
يكمل أنفاسه الأخيرة ثم يكمل عمله الكهنوتي المقدس ويحمل روحاً أخرى بدون أجنحة إلى
العالم الآخر..
وأخيراً..
ذلك الرجل الذي تكوّم على نفسه..
لم يجد ابنه ليضمه، فعانق ما تبقى من ثيابه..
عليها قليلا من الدم..
وكثيراً من الحزن..
وأكوام خوف وخشية أن تنتهي دموعه قبل أن يروي عيونه برؤيه فلذة كبده..
ما زال يؤرقني مشهد قدميه العاريتين..
هل خرج الوالد حافياً من شدة هلعه؟
أم أنه تعثر بنفسه فعلقت أشلاء حذائه بإحدى الجثث.. فتركها حتى لا يزعج نومتها؟؟
في هذا المكان.. انتحر الياسمين برائحة الموت..
ورحلت الشمس ووقف الكون وتعمدت دمشق ونام 55 شهيداً..
وهناك على الضفة الأخرى 55 عائلة لم تنم بعد..
تنتظر أن يكون ما حدث اليوم هو مجرّد حلم..