• مخطئ من يظنّ أن سكان دمشقَ باتوا يخافون من صوت مدفع أو هدير دبابة أو صراخ البنادق في السماء وعلى الأرض، كلّ هذه الحرب أصبحت مثل وجبة الفطور يمارسها الموطن ويعيشها بحالة اعتياد غير طبيعية.
• مخطئ من يعتقد أن أهالي الشام يكترثون كثيراً
بنشرات الأخبار، أو حصاد الأسبوع على الجزيرة أو شريط العاجل المقزز على أي قناة
تلفزيونية !
جلّ أخبارهم تتعلق بطوابير الغاز وهل جاء المازوت إلى الكازية وأي الحواجز المرور
عليه أسهل ومتى ستنقطع الكهرباء وماذا عن أخبار جواز السفر وكيف تأمن الفيزا !
• تاليا، ابنة أخي، باتت تضحك مع كل ضربة مدفع، ما إن يهدر بقذيفة، حتى تسارع
للصراخ ضاحكة (مدفع مدفع..) وتبتسم كناية على أنها عرفت مصدر الصوت، ثم تتابع لعبها
بكرة صغيرة ترميها نحو الحائط، وتعود للصراخ ضاحكة (مدفع مدفع..).
• علاء، زميلي في العمل، وطريقه الإجباري كلّ يوم يمرّ من منطقة البرامكة، محراب
قذائف الهاون بشكل شبه يومي.
• أمس سقطت حوالي أربع قذائف في تلك المنطقة، يتصل علاء ليسألني عن الوضع هناك،
أجيبه: ” خلص ما عاد في شي.. فيك تجي.. سلتت كم قذيفة والناس رجعت ع شغلها”.
• علاء نازح مع عائلته إلى أحد مناطق ريف دمشق، ومضطر أن يستمر في عمله كي لا يبات
وأسرته في حديقة
• حسام، جارنا السابق في منزلنا القديم، قرّر أن يذهب إلى بيته في حي برزة كي يجلب
بعض الملابس الصيفية لأطفاله، ورغم معرفته بخطورة الدخول، إلا أنّه أصرّ على
المجازفة.
• استشهد حسام برصاصة قناصة، وعادَ جثة هامدة بدون الملابس الصيفية لأطفاله.
• في شارع الثورةِ بقلبِ دمشق.. بقايا إنسانٌ وعامل وصاحب محل وطالبة وعاشقٌ وبعضُ
الحياة يتجمعون في السرفيس..
ينتظرونَ قدوم الراكب الأخير كي تبدأ سفرتهم..
السائقُ يسأل زميله:
-بدك شي خيي؟
-دير بالك من الهاون
- ههههه تكرم
يشغّل السائق الراديو ويقلّب المحطات متجاوزا كل إذاعة تبث الأخبار..
وأخيرا استقرّ على إحداها تضع صباح فخري وهو يصيح:
خمرةُ الحبّ اسقنيها.. همّ قلبي تنسنيه..
عيشةٌ لا حبّ فيها.. جدولٌ لا ماءَ فيه..