من فَناء العدم
نبتت أسطورة الخلق و الوجود
و بدأت تكبر و تكبر في أقبية الخفاء
و حينما اشتدَّ عودها و تجذَّرت في تراب القحط و الجفاف
و قويَ عظمها في شمس التصحُّر
أعلنت للعالم ميلاد الظهور الأول
خارجة من خواء الأساطير
و من هسيس الخوف في عروق الكلام
و بدأت تقدِّم نفسها في جمود الانتظار
معلنة ً بشجون اسم الحقيقة بصوت الوجود
فخرجت لها زواحف الأرض من أوكارها
تدبُّ دبيب الجوع
و في فمها عاصفة ٌ من ريح الفريسة
و في رحلتها تنسلخ جلود التوقُّعات
لِتتفاجأ بلحم الحقيقة المر و عظمها القاسي
و شراستها في صون ميلادها المنتظر
عندها كثرت في وجه الحقيقة المخلوقة لدغات إبليس
مجنِّداً ضدَّها موتى القبور
التي ما فتئت تسير عمياء
بقدمي حياةٍ منفوخةٍ ببوق الشرِّ المستطير
من روح إبليس الملعونة
فتشوَّشت أمام عينيها مساحة الدفاع الصائن
و زاغت عيناها بحِيرة الاستمرار
و كادت أن تفقد العزيمة الواثقة
لولا أن اجتاحت فكرها المخنوق
أنفاسُ التضحية المنعشة
فاستعادت تدريجيَّاً نبرة العلوِّ و السموّ
بعد أن سقطت هنيهات ٍ في فخِّ الصوت المبحوح
بزكام الهزيمة اليائسة
و قامت بفرك عينيها من جديد
و زمجرت بطبائع الفرسان التي تغلب عليها
و نفثت الخوف والرعب في كعكة القسمة و المصالح الكبرى
بل أمطرتها بحفنات ٍ من تراب التمرُّد
و عندما بدؤوا بقضمها قضمة ً تلو أخرى
أحسُّوا بوجع الوليمة و شظف عيشها
على الرغم ممَّا زخرفها من فواكه
و ما تبعها من مشروبات الروح الملكيَّة
و هنا كانت نافذة القدر مفتوحة ً على مصراعيها
فانتقلت سموم إبليس على بساط شيطان ٍ من شياطين الأعاصير
لِتدخل الآذان و الأنوف و الأفمام
فتسقطهم صرعى مواقفهم مشدوهين
تحت أنَّات الزئير المتألم
و تناثرت هياكل الموتى من حول مخلوق الحقيقة راجعين إلى أجداثهم
بعد أن فارقتهم لعنة إبليس الذي سقط مقتولاً بلدغات الزواحف الجائعة
فما كان من حقيقتنا المنتصرة
إلَّا أن سطَّرت أبجديَّة الكرامة العائدة
و أصدرت وثيقة العيش المشترك الصارمة
و اقتلعت عينَ إبليس من مكانها
و من ثمَّ فقؤوا العين الأخرى
بعد كلِّ هذا أكملت حقيقة الخلق الصالحة
حياتها عامرة ً
في حضن الأمان النبيل........................