بسم الله الرحمن الرحيم
اعتراف بجريمة ارتكبتها منذ ساعات .
قتلته بيدي العاريتين .
كنت أضغط عليه كثيراً مؤخراً وبشدة و فوق قدرة
احتماله. وكان يلبي كل متطلباتي . ولم يكن يتأفف أو يعترض كان ( رضي الله عنه )
يفعل كل ما أمره به دون كلل أو ملل .
وكنت أراه يذوي بين يدي كالشمعة من شدة الإرهاق . ولكنه وقع بين براثن أنانيتي
المفرطة وأنياب طلباتي التي لا تنتهي .
كلما كانت الأزمة تشتد على سوريا . كنت أرسله في مهام صعبة جداً و خطرة و وعرة .
فكان يغطي ببطولة وبسالة منقطعة النظير . مساحات كبيرة من أرض الوطن . دفاعاً عما
أعتقده وأومن به . لم يكن يناقشني في شيء رحمه الله .
أقول رحمه الله : لأنه أستشهد بين يدي وأنا أرسله في مهمة تلو الأخرى . لقد أنهكته
. لقد قتلته بأنانيتي .
لم أترك له أي مجال للراحة . كيف أدعه يرتاح وأنا الكسول الذي ألقيت بكل ثقلي عليه
. وكان صمته وصبره علي يشجعني أن أطلب المزيد .
أرجوكم لا تكرهوني .. كل واحد منكم لو توفر له مثل الذي توفر لي من هذا الخادم
المخلص لما قصر معه . و لربما فعل أشياء أسوء من التي فعلتها به .
بكل الأحوال ألقيته في مثواه الأخير . وأنا أنظر إليه وهو مضطجع و نائم بسلام . في
سرير الأبدية نومة ستطول جداً قبل أن يستيقظ ثانية . إن قدر له أن يبعث من جديد .
جريمتي هذه . في قتل ولدي . وهو يؤدي طقوس الرضا ويقدم لي فروض الطاعة بإخلاص .
جعلتني أتفكر كم أن الإنسان مغرور وأناني ومجرم . وأنه قد يستعبد كل ما حوله لراحته
الشخصية . ولا يهمه مشاعر أحد من الناس المحيطين به . ولا يهمه تعبهم والخطر الذي
يرميهم به في سبيل إرضائه .
قمت بعد أن تأثرت عليه لثواني معدودة فقط . لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة .
وأنجبت واحداً أخر . وبريته ليتمم مهام أخيه الراحل . فلوحتي لم تكتمل بعد . والقلم
خلق ليلبي طلبات يدي . وها أنا أفعل به كما فعلت بأخيه ( رضي الله عنهما ) .
ورحمهما . ورحم كل قلم يقع في يدي .
كتبت هذه القصة بعد أن ذاب بيدي ثلاثة أقلام رصاص وأنا أرسم . هاربا من التفكير إلى
الغرق في عالم الرسم .
محمد عصام الحلواني دمشق في 6/1/2013 الساعة الثالثة فجراً .