كانت الدولة السورية تسعى على الدوام لبناء جيلٍ مثقفٍ لديه من الوعي ما يجعله قادراً على دخول حياته العملية بكل ثقة وفهم وإدراك دون الخوف عليه من الإنجراف وراء المغريات التي تؤثر على تفكيره وجسده وتعرقل إنتاجه وتقدمه وتطوره العملي والفكري ..
ولا شك أن كل هذا يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالبيئة التي يعيش فيها الإنسان وهي تلعب دوراً كبيراً في تنمية قدراته وخبراته وتجاربه وميوله وإتجاهاته ولكن في ظل وجود بعض الأشخاص الذين يحاولون فرض فكر متشدد هدفه إقامة إمارة إسلامية لا تنتمي لأي شرع أو دين ولا حتى لها أي هدف إنساني أو إسلامي وأفكارهم وأهدافهم لا يقتنع بها حتى بعض من هم يسمون أنفسهم مؤسسين لهذه الإمارة الخرافية , وهذا ما ثبت بالدليل القاطع لمجموعة متشددة تم إلقاء القبض عليها منذ فترة وبثت إعترافاتهم على التلفزيون السوري ومن يمولهم وما هو الهدف الأساسي من كل ما كانوا يقومون به
حيث أن الموضوع ليس ثورة ولا فورة بل هو محاولة توسيع وجود هذه الجماعات المتطرفة وإستخدامهم لتهديد بعض الدول العربية وإنهاء أنظمة كانت ولا زالت شوكة في حلق أمريكا وإسرائيل ومن لفَ لفيفهم , ولا مشكلة إذا كان الثمن هو قتل وذبح الشعوب والعمل على زرع الأفكار التي تؤدي إلى إنحراف الإنسان البسيط الذي همه الوحيد هو لقمة عيشه وتأمين حياة كريمة له ولأهله وأولاده ولم يكن يفكر في يومٍ من الأيام بالسياسة أو الدين مع أنه يتابع البرامج السياسية ويصلي ويذكر ربه وليس بحاجة لمن يعطيه دروس في الثورات أو إسقاط الأنظمة ولا حتى تعليمه طرق جديدة في الصلاة وممارسة الشعائر الدينية وإستبدال القانون بما يسمى بالمحاكم الشرعية التي يقوم بإدارتها مجرمين بعيدين كل البعد عن الإسلام ولكنهم قريبين جداً من الجهل والتخلف والفتنة والطائفية وهم يحاولون بسط نفوذهم وسيطرتهم على أي منطقة يدخلون لها ومن لا يتعاون معهم ويدعمهم ويؤيدهم يتم قتله وبأبسط الحجج
وهم لا يرحمون حتى الأطفال الذين يحاولون تجنيدهم وزجهم في المعارك وجعلهم يعيشون نفس الظروف التي يعيشها هؤلاء الإرهابيون في جحورهم وأوكارهم والخوف الذي ينتابهم من مصيرهم المجهول , وأما الأطفال الذين يعيشون في المناطق الآمنة قليلاً فما يعانون منه مع أهلهم وجيرانهم في تأمين الخبز الذي كنا في السابق نحصل عليه وبكل سهولة ومن أي سوبر ماركت قريب من بيوتنا فهم اليوم يذهبون إلى الأفران ويقفون لساعات حتى يحصلوا على ربطة الخبز ولا سيما أن هذا العذاب هو بسبب سرقة الطحين من هؤلاء المسلحين والإرهابيين ودعاة الإسلام
ومنهم من كان يعاني البرد ولكن لا يوجد مواد نفطية بسبب إحراق أنابيب النفط وأيضاً سرقته وبيعه خارج سورية وعندما تغيب الشمس ويريد الأطفال أن يقوموا بواجباتهم المدرسية تكون الكهرباء مقطوعة ويضطرون للقيام بهذه الواجبات على ضوء الشموع أو أية مصادر أخرى للإنارة بسبب إعتداء المجموعات الإرهابية على المحطات والمولدات الكهربائية لأن النور لا يهمهم بشئ ولعل شعارهم هو الظلام والتخلف والضلال
وفي ظل كل ما يعاني منه أطفالنا وما يشاهدوه فهم يستغربون لماذا يحدث كل هذا ونحن بدورنا نقول ما ذنبهم في كل هذه المعاناة ولماذا يتم إستهدافهم وحرمانهم من أبسط الأمور التي يحق لهم الإستفادة منها وهل سيفهمون بأن مدارسهم أغلقت ودمرت على أيدي هؤلاء المسلحين المتخلفين وما هو تبرير ما يقومون به في كل الأعمال الإجرامية التي يرتكبوها ضد الشعب السوري من صغير وكبير فهل يكفي أن نقول لأطفالنا بأن هناك مؤامرة وأن الهدف الرئيسي هو تدمير سورية بكل ما تملك من حضارة وثقافة وثروات وخيرات وإرث ديني وحضاري أم أن هذا الكلام كبير على عقولهم ويجب تفسير ما يحدث لهم بطريقة أبسط من هذا الكلام فكم هناك من أهالي يعانون كثرة الأسئلة من أطفالهم وقلة الأجوبة لديهم وخوفهم من الأفكار التي ستزرع في عقول ونفوس الأطفال والتي ستتطور في المستقبل لأفكارٍ مؤذية لهم ولمن حولهم إلا أننا على ثقة بالله تعالى الذي يهدي الجميع وإنشاء الله تبقى عقول أطفالنا منورة بنور الله هذا النور الساطع الذي لا يستطيع أحد أن يطفئه وأن نزرع في عقولهم النظيفة العلم والخير والحب والسلام بدلاً من الجهل والتخلف والقتل والظلام فالشعب السوري شعب عظيم ويستحق التحية لكل ما يقدمه من تضحية وصبر ومثابرة على إنهاء هذه الأزمة وعودة السلام إلى وطننا الغالي سورية .