news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
مذكرات أردنية في دمشق الأبية 2 ... بقلم : ادهم عبدالله

نعود يا دمشق مرة اخرى وأعود علي أفشي غليلي بهذه المذكرات والتي لا زال الرفيق والصديق يسألني  عن هذه المذكرات والتي لا تخلو من الاشتياق ووجع الفراق المجبول بالأمل والدعاء بالصبر والنصر والفرج باذن الله لعاصمة بني أمية ولسورية عروس بلاد الشام الأبية.عندما تغني ماجدة الرومي للأردن أعود وكللي حنين أعود


 فكيف لا يطيب لي الغناء والتغني بدمشق الحبيبة. اه يا وجعي يا دمشق.

 

تاهت بي الافكار مرة أخرى بل مرات وأنا أقف في ذلك الزقاق المعنون بجادة البريد ومشكورة محافظة دمشق على هذا الاهتمام بالمحافطة على دمشق القديمة والارث الدمشقي ولكل من ساهم بمثل هذا المشروع ..تاهت بي الأفكار من أثر الجوع تارة ماذا أستطيع ان اتناول الان؟  لا أدري ولدينا مقولة بالعامية : الجوعان بياكل خبز ناشف..ولكن من أضاعني بمثل هذه الافكار حبي لهذه المدينة والتي ما أن خرجت من منزلي في الأردن ووصلت الى مشارفها اعتبر نفسي فيها  دمشقي  أو حتى سوري ..أحببت الحياة فيها من كل جانب ..

 

وقفت محاطا بمجاميع من الناس والمتسوقين  ممن يريدون تناول الطعام. هناك من يقف أمام فلافل عربشة يريد تناول سندويشة فلافل وهناك من يقف أمام معجنات أبو العز يريد شراء صفايح اللحمة والعودة الى المنزل وهناك من يهم للدخول وتناول الصفيحة داخل المحل وهناك  من يقف  أمام معجنات الأمين يريد تناول بعض المعجنات بشكل سريع أو شراء بعضها والعودة الى المنزل وهناك أمرأة تسر لولديها الصغار لاقناعهم بتناول طعام الغداء لدى ذلك المطعم والذي لا زلت احاول تذكر أسمه ..تحركت أقدامي قليلا وبخطوات متثاقلة  باتجاه فلافل عربشة ومن ثم اتجهت يمينا لابو العز وعدت للخلف الى معجنات الامين

 

وبالنهاية قررت الدخول الى ذلك المطعم وتناول وجبة الغداء ولكن وقفت أمام الكاشير أسر لنفسي: هل انت تقلد الناس هنا ام أنت فضولي؟ ولكن يشهد الله أنها محبة لاولئك الناس الذين لا يعرفوني ولا أعرفهم وبالنهاية اطلقت نفسي للتعارف على الناس او حتى مجرد تبادل الابتسامة  وسألت الكاشير : عندكم صالة هون ولا بس سفري؟ اجابني لا فيه شرف  أهلا وسهلا  واذا بدك  تاخدها معك كمان اهلا وسهلا وبالنهاية قررت  شراء وجبة تتكون من الشقف والبطاطا  وتشير اب وكانت تلك هي المرة الاولى التي اتناول فيها تشيرأب والذي كنت اشاهده بالاعلانات التجارية على شاشة التلفزيون العربي السوري وكذلك كندا دراي كولا ومندرين  ثم قاومت نفسي قليلا من شدة الارهاق وقررت دفع الحساب وتناولها بالفندق لأنني أردت الاستسلام للنوم قليلا..فلدي برنامج مسائي ..

 

عدت من سوق الحميدية وكنت أمشي بخطوات سريعة خوفا من ان يلفت نظري اكثر الناس المتجولين من دمشقيين وسوريين وعرب وأجانب أو أن تلفت نظري المحلات وتفوتني معلومة  عن هذا السوق التاريخي  فلا أريد الشعور بالتيه والضياع فالأفضل أن أسير وفقا لبرنامجي الدمشقي..خوفا من ان تلفت نظري ضحكات الأطفال وبكائهم  واللهجة الشامية والسورية بشكل عام  والتي أحببت اتقانها بل التفنن بها.ثم سألت نفسي : ليش ما تتزوج من الشام أو من سورية؟ أخذت أتمتم مرة اخرى لماذا أريد العودة الى الفندق وأين هي المشكلة ان أحسست بالتعب؟ أنظر الى هؤلاء الالاف المؤلفة من الناس كلها داخلة وخارجة الى هذا السوق لماذا تريد العودة الى ذلك الروتين في الأردن وهو النوم بعد تناول طعام الغداء؟ أنت الان في دمشق وهي مدينة معروفة بجميع دول العالم أنها مدينة صاخبة وتدب بها الحياة ليلا نهارا ولكن كابرت على نفسي لأن الانسان أضعف المخلوقات على وجه الأرض وعند الاحساس بالجوع أو التعب  فأنه يستسلم لكسرة خبز والوسادة.

 

عندما خرجت من سوق الحميدية ووصلت الى مطعم أبوالخير ووجدت الكبير والصغير يقف بانتظار سندويشة الفلافل أو الشاورما عدت أسر لنفسي من باب التذمر: لماذا قررت تناول وجبة كاملة وليس سندويشة شاورما كهؤلاء الناس؟ انظر الى الدمشقيين وما معنى  هذه النعمة التي تتالف من سندويشة فقط؟ ومامعنى سندويشة الشاورما في دمشق؟  نظرت الى الأمام الى ذلك المسجد وهو مسجد الدرويشية وسألت رجل كبير بالسن يجلس بجانب ذلك المطعم : عمو شو اسم هاي المنطقة؟ أجابني: هاي الدرويشية فخطر ببالي مباشرة المسلسل السوري والذي يتحدث عن البيئة الشامية (جرن الدراويش)

 

صوت صفارة شرطي السير ذو السحنة السمراء وجبينه يتصبب عرقا ويأبى أن يتذمر أو يشكو عمله او ان يخلع قبعته او أن يترك العصا من يده بتلك الوقفة المهيبة على مسربين من الشارع وهو ينظم السيارات في ذلك اليوم المزدحم بالسيارات وساعة الذروة  أبى الا أن يوقف السيارات علما ان الاشارة كانت قد أشارت باللون الأخضر للانطلاق أبى الا ان يوقف السيارات كي يتسنى لأمراتين كبيرتين بالسن للمرور وابواق السيارات لا تهدأ. أكن له الاحترام وتجرأت ووقفت وبادلته السلام وقلت له: الله يعطيك العافية والله يقويك.

 

وصلت الى بهو ذلك الفندق الجميل والموظفين الذين لا تفارقهم الابتسامة وأذكر ماقاله لي أبو اياد فلم أستطيع رؤيته صباحا عندما وصلت الفندق : شو؟ أهلا وسهلا  نورت الشام لك كيفك حباب؟ هيك بتيجي وما بتخبرنا؟ فأعتذرت من باب أنني لم أستطيع  رؤيته والسلام عليه صباحا .والمأساة في الفندق  والساعة كانت تدق تمام الثانية الاعشرة دقائق  كان يتعريني الصداع من شدة التفكير بالحياة في دمشق كنت قد أخذت دوش دافىء قليلا وقبلها جائني أحمد (حميد) وسألني ان كنت أرغب باحتساء القهوة أو الشاي فرددت من باب الاعتذار وباللهجة الشامية: بدي أدوش بعدين أنام شوي والله.استسلمت للنوم

 

 تمام الساعة الثالثة الا ربع وبدات بالتفكير والذي لا نستيطع ايقافه لانه ليس بالشيء الملموس بامكانك الامساك به وازالته من رأسك فهذه نعمة من الله حتى لا نتوه في هذه الدنيا الكبيرة الصغيرة .لم يتبقى الا ساعة تقريبا عن وقت أذان العصر الا ترغب بالصلاة في المسجد الأموي مسجد بني امية؟ فقلت بامكاني الصلاة في الفندق وانشالله بصلي المغرب في المسجد ثم سألني ضميري ولكن المسجد الأموي وقت النهار أية من الجمال وكذلك في المساء أية اخرى من الجمال الاخاذ؟ هل تريد اضاعة هذه الفرصة والحصول على الاخرى؟

 

 ثم تقاذفتني أسئلة وأسئلة:اين هي الصالحية؟ اين هي ساحة المرجة؟ أين هي حارات وازقة دمشق القديمة؟ اين هي جامعة دمشق؟ اين هي حديقة تشرين؟ اين هي مدارس طلائع البعث وتلك البرامج التي كنت لا أفارقها بل وصلت بي الامور انني كنت أهرب من المدرسة فقط لمشاهدة برنامج الطلائع أو نحن الشبيبة وتلك المغناة والتي لا زلت  أحفظها ظهرا عن غيب :

جينا جينا بأمانينا    نبدع فجرا بأغانينا    نحلم بالأيام الأحلى    والمستقبل في أيدينا

يا هلا يا هلا يا هلا هيه

 

نمضي نمضي للمستقبل      ندرس نحفظ نبدع نعمل     ياوطني أبدا لن نقبل الا الأول في مواقعنا

 يا هلا يا هلا يا هلا هييه

 

بل أنني شاركت بالكشافة في المدرسة حبا لوطني ونشوة الالتزام والتي تعلمتها وتعشقتها عندما أشاهد هذا البرنامج والتحية  تحية العلم في الطابور الصباحي كنت  أرفع كفة يدي اليمنى أفرد الاصبعين على الجبين وليس الأصابع الخمسة  حيث  كانت تراودني مباشرة وفي هذه اللحظة تلك الصورة صورة احدى بنات الطلائع عندما تبدأ اغنية البداية أو نهاية البرنامج وهي ترتدي اللباس باللون البني والقبعة باللون البني  وتفرد الاصبعين على الجبين تحية للعلم ...وطننا واحد وعلمنا واحد وشعبنا واحد وصمودنا واحد صمود أردني سوري وتحيتنا واحدة وحبنا لرؤسائنا واحد وان شالله لن تفرقنا لا الحدود ولا المؤامرات ولا المهاترات. هناك مقولة مشتركة بين الاردنين والسوريين : كل الشعوب لديها وطن تعيش فيه الا نحن لدينا وطن يعيش فينا.

 

أين هي مدارس البنين والبنات؟ اين هي تلك الساحة الواسعة الجميلة والتي تظهر دائما كخلفية وبالذات في برنامج صباح الخير يوميا على شاشة التلفزيون العربي السوري؟ اين هي الضيعة وتلك الباصات الملونة؟ أين هي الغوطة غوطة دمشق؟ اين هي بلودان والزبداني؟كيف أستطيع الوصول الى جبل قاسيون المشرف والمطل على دمشق الحبيبة؟ أين أين اين ..ولكن لم اجد الاجابة الا بعد أن صحوت فجاة تمام الرابعة واربعين دقيقة ..الاجابة هي النزول الى الشارع وليس الخلود في الفندق ..

 

فتحت النافذة وكانت الشمس لازالت مشرقة ليست كشمس الصباح بل شمس تميل قليلا للمساء فقلت: الحمدلله لسه الدنيا نهار وين هلأ بدي اروح؟  تذكرت برنامجي الدمشقي وقرأت ابواب دمشق – الصالحية- جادة الجسر الأبيض- باب توما – مقهى النوفرة – ساحة المرجة .وانا لا املك أية معلومة عن مثل هذه الأماكن ..ثم تذكرت أن هناك بعض الحمام بالقرب من المسجد الأموي وسألت أبو اياد : الحمام هلأ المسا بكون موجود؟ اجابني ابواياد: هاد الحمام بيجي على بكرة الصبح وبيجمع بساحة المسكية قبل ما تدخل الاموي وبنهاية الحميدية هلا ما رح تلاقي شي روح بكرة الصبح أحسن..فقررت الذهاب باتجاه الصالحية فمسلسل ليالي الصالحية هو من كان يلح علي بالذهاب الى الصالحية قبل كل شيء فقد كنت أدرك ان الحارات الدمشقية القديمة هناك حسب ما كنت قد شاهدته من حلقات هذا المسلسل الجميل ..أحببت مشاهدة الطنبر وجرار الزيت الخشبية وتناول الفول الحب والتمر الهندي والمقدوس  بل وصلت الأمور أنني اشتريت اللباس التقليدي الشامي القديم الطربوش وغيره..سألت أبو اياد من وين الصالحية؟ فأشار لي بالاتجاه الشمالي الغربي لا أذكر بالضبط الاتجاه وخرجت قاصدا الصالحية ووصلت بعد أن كنت قد غيرت الطريق الى شارع النصر ووجدت نفسي فجاة بجانب مقطورة صغيرة وسألت شرطي السير هناك مستفسرا عن اسم هذه المنطقة

 

فأجابني: هاي كانت هونه محطة الحجاز انت وين بدك تروح؟  ثم سألت :هناك ساحة تظهر دائما على شاشة التلفزيون ساحة كبيرة وسيارات تدور حولها  فاجابني مباشرة : اه هاي ساحة الأمويين ثم سالت من باب الاعتذار ان كنت قد أطلت عليه بالسؤال  كمان في ساحة عليها تمثال متل الجندي يقف بمهابة ويحمل السيف على جانبه الأيمن فأجابني: ساحة المحافظة يوسف العظمة بدك تروح لهنيك؟ اجبته اه من وين بس؟ فاشار لي بالاتجاه نزولا الى ذلك الجسر وربما هو جسر الثورة واكمل كلامه : اتعدى الجسر وخليك بنفس الطريق بتوصل للساحة .قلت : شكرا كثير غلبتك .

 

لنا لقاء قريب يا دمشق  ;

2013-08-31
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد