news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
اصالة الانتماء ... بقلم : ماجد جاغوب

ابو العبد تاجر جوال على الحمار يتنقل بين القرى وهو يستخدم قدميه لان ظهر الحمار مخصص لتحميل البضاعه  ولا طاقة للحمار على تحمل وزن ابوالعبد وبضاعته معا


 وفي احد الايام وبينما كان ابو العبد مغادرا برفقة حماره احدى القرى شاهد حمارا يحني رأسه منشغلا ومتلذذا بالربيع وليس برفقته  احد من بني البشر وتفحص ابو العبد المنطقه حتى لا يتعرض للاحراج ان هو ركب ظهر الحمار واراح نفسه من عناء السير على قدميه ولكن ما من بشر في اطراف القريه الامر الذي شجع ابو العبد على اقتياد الحمار لتحميل بضاعته عليه وامتطى هو صهوة حماره الذي يعرف طريقه جيدا وامسك برسن الحمار الذي اعتبره من قائمة صيد البر والبحر وهبة القدر على امل ان يكون الحمار الذي اصطاده ابو العبد من البر مال حلال عونا له في تجارته ويستخدمه لتحميل بعض البضاعه والركوب على ظهره

 

 ومرت سنة كامله  وابو العبد يستخدم قافله من حمارين ولكنه تأخر عن العوده في احد الايام حتى بعد غروب الشمس بساعتين فقرر المبيت تحت الاشجار بالقرب من القريه خوفا على نفسه من قطاع الطرق والكلاب الضاله ووحوش البراري وربط الحمارين بالاشجار وجلس تحت شجره وصادف مرور مزارع كريم الطباع وعندما استفسر من ابو العبد عن السبب في بقاءه في منطقة موحشه صارحه ابو العبد ان قريته بعيده والافضل ان يكون قريبا من الناس  حتى يشعر بالامان

 

 ولكن المزارع لم يتركه وطلب من ابناءه اقتياد الحمارين  الى البيت وتقديم التبن والشعر والماء للحمارين واصطحب المزارع  ابو العبد وسارا خلف القافله  ولكن الصدمة كانت عند اقتراب الحمارين من البيت حيث  اسرع الحمار الذي اصطاده ابو العبد في البر قبل حوالي السنه الى بوابة البيت الخارجيه ودخل منها الى مكانه المعتاد وهنا كانت صدمة الخجل عندما نظر المزارع وابوالعبد الى المشهد ولكن المزارع التزم الصمت وقدم العشاء لا بو العبد

 

وقبل النوم حاول ابو العبد تبرئة ذمته وبادر بالقول للمزارع انا ادركت ان الحمار الثاني الذي معي كان لك وانا عثرت عليه في طرف القريه قبل عام واخذته لانه لم يكن احد في المنطقه و ليس بقصد السرقه واليوم يمكنك استعادة حمارك فاجابه المزارع كلامك صحيح لاننا فقدناه السنه الماضيه بينما  كان امام المنزل ولم  يحرص الاولاد على ربطه  ويبدو ان اربعته اقتادته بحثا عن الحشائش الخضراء او حمارة للتسليه وانت شاهدت بنفسك انه  دخل بسرعه الى مكانه المعتاد لانه  تذكر ان هذا بيته حتى بعد غياب سنة تقريبا

 

وهذا دليل على انه  يمتلك اصالة الانتماء للبيت وليس مثل بعض المخلوقات من الفصائل الاخرى التي  تتعامل مع بيتها وموطنها وكأنه سلعه او محطة مؤقته يمكن الاستغناء عنها والسماح بتدميرها او المساعدة على ذلك  وقد لاحظت ان  حمارك انتظر الدعوة لانه غريب عن المكان وقال المزارع لابو العبد انا مدرك انك تاجر تبحث عن رزقك بالحلال ولا يبدو عليك ما يدفعني للشك بانك اخذت الحمار بقصد السرقه ودعوتي  لك لم تتغير ولم اتراجع عن موقفي ويمكنك النوم هادئا مطمئنا ولا تفكر في الامر فقد فهمت الامر وفي أي وقت تكون قريبا من القريه ولا تتمكن من العودة الى بيتك  يمكنك الحضور للمبيت عندي وفي بيتي

 

 ونام ابو العبد بعد ان ازاح شبح الخوف والقلق والتوتر من نفسه وهدأ بعد ان كان يتوقع العقوبة والطرد كرد فعل طبيعي من المزارع الذي لا يشرفه استضافة لص حمير في بيته وفي صبيحة اليوم التالي اضطر ابو العبد الى العوده الى ما كان عليه الحال قبل عثوره على صيد البر فالبضاعة على ظهر الحمار وهو يمشي على قدميه وهو مجبر على التنازل عن الرفاهية التي اعتاد عليها ولكن لا يمكنه المطالبة باستعادة الحمار الذي عرف بيته ومالكه وباعتبار الحمار من الممتلكات فقد عاد المال لاصحابه الشرعيين ولا يفترض ان يشعر ابو العبد بالاستياء لانه لم يشتريه واستخدمه عاما كاملا دون مقابل وهذا يكفي

 

وعندما وصل ابو العبد الى بيته ماشيا على قدميه استفسرت منه زوجته عن الحمار الثاني فاجابها الحمار عثر على بيته مع اننا نحن نحن البشر كثيرا ما نفقد بوصلتنا ونحاول اقناع انفسنا اننا في الطريق الصواب مع اننا نعاني الضياع على الدوام ولكننا لانرغب بالاعتراف بالحقيقه حتى امام انفسنا التي نحاول مخادعتها ولكننا نعاني المرض بسبب صراع الضمير ومحكمة الذات التي تظهر امام عيون بني البشر عند محاولتهم النوم فيصابوا بالارق ليلا وبالقلق والتوتر نهارا وتذوي صحة الانسان كالشمعة التي تذوب احتراقا لتنير للناس ظلمة لياليهم

 

 ولكن الانسان يخسر صحته وهو يعاني من جلسات محكمة الذات التي لا تنتهي حتى يفضل البعض انه كان افضل لو كانوا قد ولدوا بلا ضمائر او ان ضمائرهم مشلولة فاقدة الاحساس اما نصف الضمير يعني العذاب المتواصل واما اصحاب الضمائر النقية الصافية الصادق الشفافه فيناموا ليلهم مطمئنين بعيدا عن محكمة الذات لايما نهم ان العمر والرزق والصحه هبة الخالق عز وجل وهم يمارسوا شعائرهم ويعيشوا حياتهم صادقين مع خالقهم ومع انفسهم ومع جميع الناس لهذا تجد وجوههم مشرقة صافيه عكس اصحاب الضمائر المريضه  فالمرض يبدو جليا على ملامح وجوههم المكفهرة المسوده التي تعكس التعب والانهاك بسبب القلق نهارا والارق ليلا والله المستعان

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2014-07-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد