إن العلاقة بين الطبيب ومريضه هي مفتاح أساسي في الرعاية الطبية، وتحكمها أدبيات نفسية واجتماعية وطبية وضعت منذ عهد أبو قراط، وتقوم على الثقة والأمانة والمحبة والتراحم، وتقع على الطبيب واجبات ومسؤوليات متعلقة بجمع المعلومات واستجواب المريض وتشخيص الحالة ووضع كافة البدائل العلاجية أمام المريض وأفضلها وأكثرها أماناً وكيفية تنفيذ العمل والمتابعة، وتتطلب من المريض المعلومات الصادقة وحسن التعاون والتقيد بتعليمات الطبيب.
وكنت خلال دروسي في جامعة دمشق أتوجه إلى طلابي
بالسؤال عن رأيهم عن أهم مرحلة في تعامل الطبيب مع مريضه عندما يراجعنا في علاج
المرض، هل هي مرحلة التقييم والتشخيص أم مرحلة خطة العلاج و اجراءاته، أم مرحلة
المتابعة والتغذية الراجعة ؟ وكان معظمهم يكاد يجزم أن العلاج هو الأهم، وكذلك
توجهت بالسؤال للمرضى في مركزي وكانت تقريباً نفس الاجابات.
ولعلي ممن يؤمن بأهمية كل الخطوات في تحقيق الشفاء والهدف الكلي الذي سعى له المريض
والطبيب معاً والوصول إلى الثقة والأمانة التي وضعها المريض فيك عندما اختارك طبيبا
له.
إن أدوات الطبيب موضوع لا يمكن اغفاله كما يعتقد الآخرون ولها دور كبير في تحديد
تكاليف العلاج فالأدوات لها عمر افتراضي وتحتاج الى صيانة وتطوير مع الزمن، وهي
تسهم في انجاح التشخيص وإجراءات علاجية أفضل وأكثر دقة وراحة وأقل ألماً والوصول
الى الشفاء بسرعة. والمتابعة هي من أهم الخطوات على عكس اعتقاد المرضى بأن الأمور
تنتهي بانتهاء الاجراء وذلك كون كثير من الأمور مرتبطة بفيزيولوجيا الجسم وتتطلب
المتابعة الدقيقة أو المرحلية وأي خلل فيها سيسهم في خسارة دقة الاجراء وتراجع
الحالة، فعملية القلب الممتازة ممكن أن تتدهور بنقص المتابعة وتصل للفشل الكامل
وذلك ممكن أن ينطبق على معالجات التقويم في طب الاسنان والمعالجات التجميلية، حيث
بعض المرضى لا يراجعون أطبائهم لسنوات، عندها تكون التداخلات لاحقاً معقدة وتحتاج
اجراءات علاجية من جديد ليست بالتداخلات البسيطة.
الخلاصة إن العلاقة بين الطبيب والمريض مقدسة ويتوجب الارتقاء فيها انسانياً لأنها
سر من أسرار الشفاء والنجاحات الطبية العلاجية. فكل الخطوات مهمة جداً بدءاً من
التشخيص واستكمال خطواته، الى خطط العلاج والإجراءات العلاجية، إلى المتابعة
والتغذية الراجعة وكلها متكاملة تشكل منظومة مترابطة في حلقة النجاح الطبي الفردي
والعائلي والمجتمعي والوطني.
الجودة في الخدمات الصحية عنوان هام إذ لا يمكن تقييم كل الخدمات الصحية بنفس
الجودة وما يتبع ذلك من تبعات على صحة الفرد، مع حرصي الشخصي للابتعاد عن تقييم
العلاقة بين الطبيب والمريض كسلعة، وتوخي المحبة والتراحم المتبادلين والابتعاد عن
التشويش والتشتت من خلال تعدد مصادر المعلومات وتعدد المدارس الطبية وتنوع تجارب
الأطباء واختلاف خبراتهم مع كل التمنيات وأطيبها بالشفاء لكل المرضى والصحة للجميع.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews