الإملاء لغةً: هو درس يملي فيه المدرس نصاً صحيحاً بصوته فيكتبه تلاميذه على أوراقهم، ثم يصحح المدرس الأوراق ويمنح العلامات للتلاميذ، كل حسب اجتهاده، علامة عالية للتلميذ الشاطر وتوبيخ للتلميذ الكسول..
كان ذلك في المدرسة، ولكن ماذا عن مدرسة الحياة؟ وهل هناك من يحاول عمداً إملاء جمل وكلمات خاطئة؟
الدراما مثلاً .. يغضب الممثل ويقلب كفيه قائلاً: (لا حو لله يا رب) بدلاً من (لا حول ولا قوة إلا بالله)، هل كان ذلك اختصاراً أم جهلاً؟ تكمن المشكلة في أننا نسمع هذه الجملة تتكرر حتى حفظناها وبتنا نرددها أحياناً..!! ثم يفرح ممثل ويقول لآخر (يسعد ربك) أو (يسعد الله)، وتشيع وتزداد هذه الجمل والكلمات التي يرددونها دون حتى معرفة معناها، أو إلى ما تصبو إليه.
إذا مررنا بمجموعة محلات تجارية نجد أحيانا إحداها مجهزاً بلافتة مكتوب عليها (سأعود بعد قليل إنشاء الله)، (إنشاء الله) بدلاً من (إن شاء الله) فإذا قرأها طفل وحفظها، فتلك مصيبة وليست خطأ شائعاً كما يدعي البعض.
في مصر قواعد كتابة الهمزة تختلف تماماً ويشكل ذلك لغطاً كبيراً، حتى أن برنامج (Word) الموجود ضمن مجموعة برامج (Office) يفرض علينا تلك القواعد، فكلمة مسؤول تكتب (مسئول)، كما أن الياء المنقوطة وغير المنقوطة، قد تبادلتا المهمة فتكتب الجملة هناك (أحلي هدية لأمى) بدلاً من (أحلى هدية لأمي)، والأمثلة كثيرة.
مواقع الإنترنت تحتوي على نصوص كتبها مثقفون ونصوص لعديمي الثقافة، الذين لا يستطيعون التمييز بين همزة الوصل وبين همزة القطع، ولا بين تاء مبسوطة أو مربوطة أو هاء.. إلخ، كما لو أن للإنترنت قواعده الخاصة المختلفة عن القواعد التي درسناها وتعلمناها.
حرب ثقافية تشن على لغتنا من جبهات عدة، التلفاز والإعلانات واللافتات والإنترنت وعلب المشتريات وبعض الصحف والمجلات غير المدققة لغوياً، جميعها أسلحة تحاول تدمير القواعد التي ترتكز عليها لغتنا العربية.
إملاءات تحاول بشكل أو بآخر تبديل ما تعلمناه، وترسيخ أخطاء تزداد يوماً بعد يوم، فهل من مفر من هذه الإملاءات؟
أم أنها ستحقق غايتها؟.