news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
المشهد الثامن .. الهارب من ملفات بقعة ضوء ومرايا وموجه حصرياً لقراء سيريا نيوز ... بقلم : هاني يحيى مخللاتي

سر (الريحة)..


عبارة من موظفي قسم المعلوماتية، غيرت من حاله تماماً، سمعها على لسان هيثم الذي يعمل مديراً لقسم المعلوماتية في إحدى الشركات الخاصة، قبل أن يمر (سعيد) من جانب قسم المعلوماتية كان هيثم يحاور عادل وهو موظف آخر في نفس القسم..

عادل: والله شكلو رح يعملا..

هيثم: هلأ عنجد عم تحكي؟ سعيد..!! سعيد بدو يتجوز جوازة تانية وراتبو ما بيطلع قد ربع راتبي وأنا صرلي ست سنين عم أسس حالي وصرت خاطب تلت مرات وكل مرة بتفئس القصة لأسباب مادية وعم تئلي سعيد بدو يتجوز مرة تانية؟

عادل: اي والله يا هيثم.. والله شغلة بتحط العئل بالكف.. لأ ومن عئل وعئلين عم يدور ع المكاتب ويعزم العالم على عرسو..

هيثم: عرس كمان..

 

عادل: لكن شو عم نحكي صرلنا ساعة؟

هيثم: لك مو هيك قصدي.. يعني عامل كروت للعرس؟

عادل: لأ عم يعزم العالم شفهي على ضيعتو..

 

هيثم: ومرتو..

عادل: والله ما بعرف .. يمكن هية خطبتلو ياها..

هيثم: ههههه اي والله معئول بتكون المسكينة تعقدت من ريحتو..

عادل: لا ولو .. بهي ما معك حق بنوب لانو سعيد بالذات اسمحلي يعني (شوف عيني) .. بروح وبيجي بيشتري أواعي وعطورات وما بيحرم حالو من شي.. ما شفت كيف وقت بيكون في عنا اجتماع مهم بيتطقم وكل طقومو ماركات؟.

 

هيثم: مو هيك قصدي يادب.. قصدي هاد العطر يلي بيكون حامل الأصنص تبعو وداير فيه عم يعطر العالم والنهفة انو بيكون كابب على حالو أصنص كامل الصبح لحتى ريحتو تعبي الدنية..

في هذه الأثناء يصل سعيد إلى غرفة المعلوماتية..

عادل: والله هو من جهة طالعة ريحتو .. طالعة ريحتو، بس شو بدك بالحكي.. رجال وبيعرف كيف يدير بالو على حالو..

يسمع سعيد تلك العبارة ويعتقد للحظة أن عادل كان يحكي عنه ويقطع شكه باليقين عندما يخاطبه عادل:

 

عادل: أهلين أبو سعود .. انشالله ألف مبروك.. هلأ كنا بسيرتك..

ينظر إليه سعيد مرتبكاً ويرد: الله يبارك فيك .. عن شو كنتوا عم تحكوا؟

يرد هيثم: بالله عنجد عم تحكي.. الشركة كلها بتعرف انو بكرا عرسك التاني .. انشالله عقبال التالت..

يرمق سعيد كلاً من عادل وهيثم بنظرات استياء ويرد بحزم عليهما: اي لأ مو صحيح بكرا مو عرسي والشغلة مو مسخرة اليوم بدي روح اخطب .. بس الظاهر في عالم متدايقة من هالشي ومبلشة تتطلع إشاعات عني ع الرايحة والجاية..

 

ينظر إليه عادل: اي خلص مو مشكلة اليوم بتخطب وبكرا بتتجوز بس روق حبيب لا تعصب علينا.. امشي هيثم امشي شكلو ابو سعود مو رايق..

يضع هيثم يده خلف ظهر عادل ويدفعه للمشي قائلاً: شرف يابي شرف .. سلام أبو سعود..

سعيد يراقب انصرافهما ولتكتمل تعاسته يقول هيثم لعادل (بعد أن ابتعدا): شميت ريحتو..

يهز عادل رأسه ويختفيا عن ناظر سعيد..

 

يتلفت سعيد حوله ويحاول العثور على رائحة بشعة في جسده ولكنه لا يجدها ..  وليغطيها إذا كانت موجودة يخرج من جيبها حنجوراً ويفرغه على قميصه ويقول: لنشوف إذا في ريحة..

يخرج سعيد من غرفة المعلوماتية حاملاً ما وجده فيها من كؤوس وفناجين ليغسلها في المطبخ، وفي طريقه ينظر إلى ليلى وهي موظفة (جميلة) كانت تمشي مع أحد المراجعين وفجأة تنظر إلى سعيد وتضع يدها على أنفها فيسرع في ذهابه إلى المطبخ..

في تلك الأثناء تقول ليلى للمراجع:

 

ليلى: والله الرشح هلكني..

المراجع: سلامتك..

ليلى: الله يسلمك .. بس مبارح حسيت حالي تعبانة واليوم فئت ما فيني شي .. بس الظاهر كان فيني شي وكان لازم ضل بالبيت..

المراجع: أكيد هادا من حظي..

 

ليلى بلهجة حدة: عفواً..

المراجع: لا تفهميني غلط .. أكيد ما قصدي ع المعاملة، يقطع المعاملة وساعتها .. قصدي مشان نكسب شوفة هالوش الحلو..

تبتسم ليلى وتقول: اي شرف .. شرف هي مكتب المدير خلينا نلحقو قبل ما يهرب..

يبتسم المراجع ويقول: شرفي ستي.. (في سره: خلصينا يقطع عمرك وعمر رشحك)..

 

يغسل سعيد أواني المطبخ ويحكي مع نفسه: معقول تكون طالعة ريحتك يا سعيد.. (يشم نفسه مجدداً).. والله ما في ريحة .. أكيد هدول عادل وهيثم مشان يكركبوني هيك عم يحكوا .. طب ليش الست ليلى غطت أنفا وقت شافتني .. بعمرا ما عملتها .. في شي غلط .. أكيد في شي غلط (ويخرج من جيبه حنجور العطر ويعيده فوراً عندما يرى موظفاً يقترب من المطبخ..

يصل الموظف إلى سعيد ويطلب منه فنجان قهوة.. يرد عليه سعيد مرتبكاً: على عيني استاذ فادي روح هلأ انت وبيصل على طاولتك..

ينصرف الموظف ويتذكر كلام والدته التي نصحته بألا يشرب القهوة قبل أن يأكل فيعود لإلغاء الطلب .. وما أن يصل إلى باب المطبخ يقول:

 

فادي: سعيد.. خلص بلا القهوة..

ينظر إليه سعيد مستغرباً ويرد: ليش استاذ..

فادي: خلص بلاها وعلى فكرة في ريحة غريبة بالمطبخ..

يصعق سعيد بتلك العبارة ويرد عليه بدون تردد: هي أكيد ريحة الحمامات عم تجي لهون لإنو الشفاطات موصولة على نفس التمديد..

يقاطعه فادي: اي ماشي ما شي.. (وينصرف)..

 

أجاب سعيد عن سؤال فادي بالحقيقة التي تحدث ولكنه ظن أنه كذب على فادي ليبعد الشبهة عن نفسه وبقي محتاراً حتى نهاية الدوام..

خرج فادي مع الموظفين ورفض أن يركب باص المبيت بحجة أنه سيذهب إلى السوق وما أن وصل إلى موقف السرفيس حتى ركبه بسرعه وجلس في المقعد الأخير..

امتلأ السرفيس بالركاب وانطلق باتجاه المنطقة التي يسكن فيها سعيد إلا أن أحد الركاب خاطب السائق بلهجة حدة في منتصف الطريق..

الراكب: يا معلم في ريحة ورا .. يا معلم..

السائق: ريحة شو..

الراكب: ريحة غريبة.. ما بعرف..

 

وأيدت إحدى الراكبات كلام الراكب قائلة: اي والله يا معلم في ريحة غريب جاية من ورا..

يهرب اللون من وجه سعيد ويقول بدون تفكير: ما في ريحة ورا الريحة من قدام..

وبعد ثوان يصرخ معظم الركاب يا معلم والله في ريحة نزيل شوف شو القصة..

يستاء السائق ويقول: اللهم جيبك يا طولة البال.. (ثم يركن السرفيس جانباً وينزل)..

ما أن ركن السائق السرفيس وهم بالنزول حتى قفز سعيد بصعوبة نحو الباب وهرب مسرعاً مبتعداً عن السرفيس لكي لا يعرف أحد أن تلك كانت رائحته هو..

يشم السائق الرائحة ويقول للركاب: ما في شي عرضية شباب هي ريحة الاشطمان بدنا شي قبضاي يساعدني ثواني لحتى ظبتو..

 

يلغي سعيد فكرة الركوب نهائياً ويقرر أن يمشي مسافة طويلة ليصل إلى منزله منهكاً والتعب ظاهر عليه..

تستقبله زوجته كعادتها بسعادة وتقول: الحمام جاهز تؤبرني فوت اتحمم..

ينظر سعيد إليها بخبث ويدور في نفسه حوار سخيف: ها ها مشان هيك كل يوم بتشغل الحمام وأول شغلة بدا يا ها مني اني اتحمم .. حتى انت عم تشميها للريحة .. طب ليش ما حكيتي..

تنظر إليه الزوجة: شبك صافن حبيبي..

يحتد ويرد: ما في شي .. فايت اتحمم..

 

يدخل سعيد الحمام وتخاطب الزوجة نفسها: والله حالتنا يا ربي على قدها .. منين طلعلي بها الجنان؟ .. شو بدو بالجوازة التانية؟ .. والله ما عم يصرف على بيتو متل العالم والناس ومغرق حالو بالديون وما بيشتري إلا أحسن شي وما بيعرف يوفر قرش واحد .. آآآخ .. آآآآخ .. حتى عالدكتور ما رضي يروح لحتى نعرف منين العطل.. الله يصبرني عليك يا سعيد..

يضع سعيد الصابون بكثافة على جسده ويحدث نفسه: لشوف هلأ إذا بدها تضل هالريحة..

على غير العادة يبقى سعيد في حمامه ساعة ونصف وزوجته تنتظره ليتناول معها الغداء وعندما يخرج..

الزوجة: نعيماً تؤبرني..

 

سعيد بفظاظة: جاهز الأكل..

الزوجة: اي حبيبي وعم استناك..

سعيد: قديش الساعة..

الزوجة: صارت خمسة ونص..

سعيد: لعمى .. خمسة ونص.. دوبي لحق الجماعة .. الساعة سبعة لازم كون عندون..

ثم ينظر سعيد إلى زوجه ويحاول أن يلاطفها: ليكي إذا بدك تزعلي ما بروح .. بس ما فيني ما روح مشان إمي ما تزعل ومشان يصير عندي ولد .. والله حاجتي بدون ولاد .. وبتضلي انت الأصل حياتي..

 

تحاول الزوجة أن ترسم ابتسامة على وجهها ولكن دمعتها تغلبها فتضع يدها على وجهها وتركض نحو المطبخ.

يقول سعيد في سره: شبها هي؟ إنشالله شمت شي؟ صرلي ساعة عم فرك جسمي بالليفة .. احسن شي روح فضي على حالي أصنص عطر مشان الجماعة ما يشمو شي..

يخرج سعيد متفائلاً إلى منزل أهل العروس الجديد .. تفاؤل حصل عليه من حمام صابوني طويل .. وبدلة أنيقة غالية الثمن .. مع حذاء ملمع وذقن (بحاجة إلى حلاقة) يتذكر سعيد بأن ذقنه بحاجة إلى الحلاقة فيسرع باتجاه الحلاق ولكنه يصعق عندما يراه مغلقاً خاصة وأن السبب هو أنه يوم عطلة الحلاقين.. يتخبط سعيد في رأيه فيقرر أن يذهب دون أن يحلق ذقنه..

 

في بيت العروس الجديدة .. الأم والأخت الكبرى تنشغلان بتجهيز العروس لكي يراها العريس بأبهى حلة .. والكارثة أن الصغرى (استثنائياً) تشرف على الطبخة (بالأحرى تشرف على نضج الطبخة) لتحول دون احتراقها إلا أن مهمتها كانت صعبة للغاية فاحترقت الطبخة وحصلت على نصيبها من الصراخ والتوبيخ الذي كاد يخفي صوت والدتها..

استاءت العروس واعتبرت أن ذلك سيكون فألاً سيئاً مع أن أمها حاولت اقناعها أن ما حدث لن يؤثر على شيء.

عندما وصل سعيد إلى مشارف المنطقة التي تسكن فيها العروس .. وجد بالمصادفة محلاً يبيع العطور .. ففكر في أن يشتري عطراً جديداً يساعد العطر السابق في مهمته ألا وهي تغطية رائحة سعيد.. وبالفعل دخل سعيد إلى ذلك المحل واشترى عطراً بعد أن جن جنون البائع من اختيارات سعيد .. ثم انطلق إلى المكان المنشود..

 

قبل أن يصل سعيد بثواني وصل والد العروس ودخل ليغسل وجهه ويديه ويستعد لتناول الغداء (المحروق).. رن جرس الباب وسعيد طبعاً هو الضيف الذي قاطع والد العروس عن غسل يديه .. جفف والد العروس يديه وانطلق ليفتح الباب لعريس الغفلة ويستقبله..

 

شعر والد العروس بشيء من الإحباط عندما رأى العريس لأنه كان يتوقع: عريساً أصغر .. مهتماً بمظهره خاصة ذقنه غير المحلوقة .. ولكنه أقنع نفسه بأن أخلاق العريس أهم..

لم تخبر والدة العروس زوجها بأن سعيد متزوج وبأنه يريد الزواج من ابنته لينجب منها فقط.. ولو عرف الأمر لجن جنونه..

وفعلاً جن جنون الأب وكظم غيظه وحاول مراراً وتكراراً أن يصرف هذا العريس بطريقة لبقة دون أن يطرده من منزله.. ولكن دون جدوى .. فسعيد مستمتع وينتظر أن يرى العروس بفارغ الصبر وكل محاولات والد العروس باءت بالفشل..

 

قرر والد العروس أن يصارح سعيد وبحث عن طريقة للدخول في الموضوع وفي تلك الثانية فتح باب المطبخ الذي كان يحبس رائحة الطعام المحروق وعندما وصلت إلى أنف والد العروس سأل سعيد على الفور:

والد العروس: لعمى شو هالريحة؟ شامم؟

سعيد بارتباك: لأ .. لأ مالي شامم شي..

والد العروس: مبلا يا زلمة ريحة قوية..

 

سعيد: لا والله .. مالي شامم شي..

ينادي والد العروس على زوجته ليسألها .. فيقول سعيد لوالد العروس: معلش عمي مشان الله ما تواخذني بس طلبي مو عندك .. وهلأ عن إذنك .. أنا ماشي..

ينظر إليه والد العروس مستغرباً ومسروراً بأنها جاءت منه ويقول: إذنك معك عمي ولا يهمك.. (ويصرخ منادياً زوجته مرة أخرى فيسرع سعيد بالانطلاق)..

يخرج سعيد محطماً من منزل العروس ويصل إلى منزله مكتئباً تماماً .. يدخل منزله فلا يجد زوجته التي ذهبت وتركت له ورقة أعلنت فيها عن انسحابها من حياته .. بعد أن استنفدت الفرص التي منحته إياها..

 

لم يغمض لسعيد جفن ولم يحصل على لحظة نوم..

في اليوم التالي:

انطلق سعيد: قبل الجميع إلى وظيفته .. نشيطاً مسرعاً وكأن شيئاً لم يكن .. أو بالأحرى كأنه عثر على الحل..

.........................................

.........................................

 

يدخل سعيد إلى مكتب المدير العام وينظر على جهاز صغير معلق على الجدار .. الجهاز عليه ضوء أحمر يومض كل عشر ثواني.. ويسرح سعيد متذكراً.. لحظة تركيب الجهاز..

مُركب الجهاز: هاد الجهاز صرت مركب منو شي أربع تالاف واحد..

سعيد: أوف .. وين؟

مُركب الجهاز: بالشركات والمكاتب والإدارات..

سعيد: وشو شغلتو بلا صغرة؟

 

مُركب الجهاز: هاد الجهاز ببخ ريحة حلوة .. لحتى يغطي الروايح البشعة .. فهمت عليي؟

سعيد: أيواااااا..

نعود إلى سعيد الذي سرح متذكراً ذلك الحوار .. والذي يقترب من الجهاز شيئاً فشيئاً حتى كاد يلتصق فيه.. يرش الجهاز عطره فيشتاط سعيد غضباً ويخرج من الشركة متوتراً مستاءً منتهي الصلاحية..

2011-04-15
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد