حرية .. حرية
احتشدوا وبدؤوا جميعاً يهتفون للحرية بصوت عال، كان صوتهم مسموعاً، بل كان هادراً لدرجة عالية، بينما كان آخرون يهتفون أيضاً وكان صوتهم عال أيضاً، كانوا يهتفون للجيش، ويحمسون الجيش، ويؤازرون الجيش، بعضهم هتف سابقاً للشرطة، ولكن كلمة الفصل أصبحت اليوم للجيش، وللجيش فقط، وبينما كان (فريد) ماراً يتنقل بين المحتشدين والمنادين للحرية، رأى عجوزاً جالساً، جلس بجواره ودار بينهما الحديث التالي:
وليد: مرحبا يا عم
العجوز: أهلين ابني، أهلا وسهلا
وليد: عفواً يا عم بس ليش ما عم تنادي متل الباقي
العجوز: تعبت من كتر ما ناديت وحبيت ارتاح شوي
وليد: بس بهيك وضع يا عم ما في مجال للراحة
العجوز: ابني بهاد الوضع في مجال للراحة بس بأوضاع تانية أكيد بيكون ما في مجال للراحة
وليد: اوف، كيف هيك صار؟
العجوز: هلأ نحنا عم نهتف للحرية، والجانب التاني عم يهتف للجيش، ونحنا ولاد بلد وحدة، وأكيد نحنا رح ننتصر عالحالتين سواء إذا جماعة الحرية هنة اللي ربحوا أو الجيش، نفس الشي منضل ولاد بلد واحد
وليد: شو عم تحكي انت، لكن ليش عم نعمل هالهتافات كلها ونعذب حالنا، كنا قعدنا ببيوتنا وما ساوينا شي
العجوز: ما بيصير، بكل دول العالم لازم يكون في طرفين متنافسين ولازم يكون في مؤيدين لطرف وفي مؤيدين لطرف تاني وإلا بتكون المنافسة خاسرة وبتطلع الشغلة من إيدنا تماما
وليد: أنا فهمت عليك بس نحنا شو فينا نعمل؟
.............................................
وقبل أن يجيب العجوز على سؤال وليد ارتفعت أصوات الحشد بشكل ملحوظ وانخفضت مرة أخرى
.............................................
ثم أجاب العجوز: هاد الصوت يلي ارتفع من شوي هو جواب لسؤالك
وليد مندهشاً: كيف هيك؟
العجوز: هاد الصوت فينا نطلعو لأحد سببين، إما لحتى نزيد حماسة طرفنا أو لحتى نشوش على الطرف التاني، والمشكلة بتصير لما منستعمل هالصوت لحتى نشوش عالطرف التاني ومنخسر نحنا المنافسة الشريفة ومعظمنا بيكون زعلان حتى لو ربحنا بس منضحك على حالنا ومنقول انتصرنا بمجهودنا
وليد: أيواااااا، مع إني ما كتير فهمت بس بدي إسألك إذا لمحت لانتصار غير عادل
يبتسم العجوز ويجيب: أنا يا ابني أكبر منك بتلاتين سنة وبعرف تماماً ايمتى لازم استخدم صوتي وايمتى لازم ما استخدمو، بس الشباب صعب يعرف ايمتى لازم ينادي وايمتى لازم يتفرج ممكن ينادي لمجرد التقليد وبتلاقيه أحياناً عم ينادي عالفاضي، وأحياناً بيشوش على رفقاتو لدرجة إنو بيفكروه مندس بيناتون لحتى ينزع عليهون
وليد: يندس؟ شو بلشنا نحكي سياسة عمي؟
يضحك العجوز ويجيب: لك لأ.. أنا أبعد ما يكون عن السياسة بس يلي بعرفو إنو حياتنا متشابهة بكل شي، يعني علاقتك بالبيت مع إخواتك وأهلك هية عبارة عن سياسة وعلاقتك مع رفقاتك وزملاءك بالعمل كمان سياسة، بس نحنا خصصنا كلمة سياسة لأمور الدولة والحكومة
وليد ضاحكاً: يعني هالحوار يلي صار بيني وبينك فينا نعتبرو سياسة ههههههه
العجوز: طبعاً سياسة، بس متل ما قلت إنت سياسة حوارية
.............................................
في هذه اللحظة يصرخ حشد الحرية بصوت عال جداً، ثم يجلسون أرضاً لثانية واحدة، ثم يقفون ويعانقون بعضهم البعض فيقفز العجوز ويعانق وليد بسعادة..
يبتسم وليد للعجوز ويسأله: شو صار؟
العجوز: متلي متلك ما شفت شي بس أكيد نحنا حققنا تقدم
وليد: بس مو قلتلي إنو نحنا ولاد بلد واحد ومالازم نفرح إذا حققنا تقدم على بعض
العجوز: يا إبني فرحتنا ما بتساوي واحد بالمية من فرحتنا إذا كان الشي يلي عملناه هلأ نفسو، عملنا مع حدا برا، ولما قلتلك إنو هلأ في مجال للراحة لأنو وقت اللي بتكون المنافسة برا بيكون مافي مجال لأي لحظة راحة
وليد: قصدك بلد تاني؟
.............................................
وهنا تظهر حقيقة جلوس كل من وليد والعجوز على مدرجات ملعب كرة قدم ويجيب العجوز على سؤال وليد..
العجوز: طبعاً.. لإنو وقت لاعب بالفريق يلي عم نشجعو بيحط هدف بشباك فريق ابن بلدو منفرح شوي بس وقت بيحط لاعب سوري هدف بمرمى لاعب فريق بلد تانية بتكون فرحتنا أكبر ومنكون كلنا ايد وحدة لانو أصلاً نحنا منعمل دوري بسوريا لحتى الفريق يلي بيربح بالدوري ينافس فرق من برا ولما بينافس فرق من برا منشجعو كلنا (وحدة واتحاد ومجد وكرامة جهاد وحرية وجيش وشرطة وووووو إلخ) وبيصير اسمنا (مشجعو الفريق السوري) والنصر الحقيقي برا مو جوا بئا فهمت عليي؟
وليد: كلامك جواهر يا عم وحابب إلك بصراحة إني أنا وحداوي وإني مع الجيش ومع الحرية ومع الشرطة ومع كل الفرق السورية وبتمنى يلي يربح بالنهاية يكون بيستاهل الفوز يلي حققو بتعبو وبتعب جمهورو يلي هتف بأعلى صوتو لحتى يحمسو مو لحتى يشوش عالفريق التاني وشكراً إلك ياعم على هالمحادثة الظريفة وحابب إلك إنك صحي أكبر مني بس ما شاء الله عليك شب وروحك مرحة
العجوز: دخلك بدي إسألك برشلونة شو صار فيه؟ أخد الدوري ولا فاز الريال مدريد؟
وليد: بس أول قللي إنت مدريدي ولا برشلوني؟
يبتسم العجوز لوليد ويقول: أنا سوري.