صباح تشريني
أستقبل أول ما يظهر من هذه الأرض ..
أول رابيةٍ تنهض فجراً
أول زهرةٍ تعرض مفاتنها ..
لديوكِ الحي ..
وأولُ ديكٍ ينتفض ..
ليمسحَ آخر مفرزات سهرته الحمراء
أتسربُ بهدوء..
بهذه المدينة الغارقة بالشفق ..
التي اختزلت .. بلدي ..
وتركت بنهديها الصلبين
آثار حروق على كل جبهة صلت لعشقها ..
دمشقُ
يا سبية الحروب المنذورة
يا نذر هنيبعل المهدور
وأقراط سبايا بنات روما بكف خالد
**
مأوى ..
حانة مهملة بزقاق ..
ضائع دوماً ..
تلك الحانة المفتوحة صباحاً
تحتويني لأفرغ كل قذارتي
وأخرج بين شوارعك ..
مصبوغاً بخمرة السماء
الندامى تركوا أصواتهم الفارغة
تركوا ..
تيارا كهربائياً.. مقطوعاً ..
ينقل للمستقبل .. والعدم من رفعوا المناجل
لحصد المعامل
وسجاده صلاةٍ
مغبرة لإخفاء البثور في الحقول
وقومية أمة ..
أمها لا تزال ..
توصيها أن لا تلعب مع ابن الجيران .
تلفظني الحانةُ للشارع ..
مهذباً .. دمثاً ..
أصافح كل يد تخرج من جيبها ..
دوارٌ يدخلني كل الحدود الإقليمية
لأبناء شعبي ..
وأحتفل مسرعاً ..
بعيد الفطر
والفصح
والأم
والعمل
والعمال
وكل ما مر بالسنة من أعياد وأفراح وطنية ..
أقف ملياً ويدي في جيوبي أمام ..
عيد الشجرة ..
**
دمشقُ
لن أتغزل فيك وأنت عارية الفخذين أمامي ..
لا زلت أملك بعض شهامة الفرسان ..
وذكورة ..من يطلب عذراء .
ستقول أنوثتك ليلاً
نكرةٌ أخضر ..
جاء يصب رغبته
بإناءٍ مملوءٍ ..
لا بأس ..
أجهش بسؤال ..
بحجم الكاف .
كيف استطعت أن تختزلي
كل سماء بلادي ..
وكل نساء بلادي ..
وكل وجوه بلادي ..
وكل جحود بلادي ..
وكل عقوق بلادي ..
وفصول بلادي ..
بتشرين .
وتسألي ..
ما سره تشرين ..؟
ربة الفصول ..
رحيق مواسم الياسمين
وبوح كل عاشق ركز راية
فوق قاسيون
أمام كل الوجوه العابرة
تلك التي ترسم شعار دول عدم الانحياز نهاراً
وليلاً تتنقل بأحضان الأحلاف
عندما تغلق كل الدروب
وتشتعل كل الإشارات الحمراء
بنار حمى الهواجس
وتقودنا الطرق الى هذه الأرض ..
توجعني يا وطني ..
بإيماءات المندسين كطابور خامس بين الأرواح
وهذه الحمى السلبية
**
أمامي تاريخ كامل ..
من العيون ..
والأغاني ..
والأشعار ..
والشهقات ..
والحروب الخاسرة
وتلك الوجوه الخجولة لحد التلاشي
من كل مدلج .. وطارق بليل ..
خالف نواميس الأحجار ..
إلا فتى .. عصري ..!
يرسل أشواق العشق
عبر - البلوتوث –
هنا كل الوجوه بلا الوان
والضياع في الشارع .. طريق
تنحاز دوماً .. للأعلى
عتب .. عتب
على كل برعم فل
سقط عن شرفة عذراء
لم يترك رسالة غرام .. خلفه
وأنا .. أحجز بكل زقاق
مكاناً من الفراغ
عندما تمشي بجانب الحائط
لا ترفع صوتك .. بالستر يا رب
فتبقى بلا حائط ..
الصمت ستر .
**
هذه المدينة .. تتنفس
أزرع وردة حمراء
فوق الرصيف
وأخرى أسفل إشارة المرور
همزة وصل
لحل كل المواضيع ذات الصلة
أتلحف .. زوبعة خضراء
لابساً أحد وجوهي
أعطيني قبل الوداع
كسرة خبز
وقليلاُ من الزيتون
وكأساً نصف ممتلئة
لأنثر فوضى
عاشق غيور
تحت كل حجرة ..
أمر بها .