news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
المشهد الثالث .. الهارب من ملفات بقعة ضوء ومرايا وموجه حصرياً لقراء سيريا نيوز ... بقلم : هاني يحيى مخللاتي
syria-news image

إنه يوم تاريخي، أسبوع تاريخي، شهر تاريخي، عام تاريخي، وربما، هو عقد تاريخي بكل معنى الكلمة..


سمع (وديع) تلك الكلمات في المذياع فتأفف وغير المحطة باحثاً عن أغنية لأنه لم يعد يريد سماع مثل هذه الكلمات، التي كانت تتكرر في جميع المحطات الإذاعية ولا مفر من سماعها، المصيبة أنها تتردد في عقله لأنه حفظها عن ظهر قلب، حفظها عبارة عبارة، كلمة كلمة، حرفاً حرفاً، ومع التشكيل..

 

ها هي تدور في رأسه: (إنه يوم عظيم، إنه يوم الواقعة الكبرى، يوم الحرية، يوم الجلاء، يوم الكرامة، يوم الشرطة، يوم الجهاد، يوم المجد، النصر، الشباب...).

 

لا ينفك يفكر في تلك الكلمات ولا يقاطعه عن ذلك إلا زبون يصعد معه في سيارة الأجرة التي يعمل عليها سائقاً، أو شرطي مرور وجد لديه مخالفة غير متوقعة ولم تكن بالحسبان.

 

ينزل من سيارته ويعود أدارجه إلى منزله خائر القوى، متعب الجسد، كئيباً، جائعاً، مستاءً، فتعود تلك الكلمات لتدور في عقله من جديد: (إنها بطولة، بطولة مشرفة، إنها مصنع الرجال، إنها حرب الشرف، إنها .. إنها .. إنها..).

 

يدخل منزله ويلقي التحية على زوجته التي تسرع إلى المطبخ لتعد له وجبة الطعام الوحيدة التي يتناولانها معاً، فهو موظف ويخرج في الصباح الباكر ويعمل سائقاً على سيارة الأجرة بعد انتهاء دوامه مباشرةً وهذا حال الكثيرين من زملائه الذين يفضلون التعب على المال المدنس بالرشوة وسرقة الجهات التي وظفتهم.

 

بعد أن تناول وجبته نظر إلى الساعة فوجد فيها دقائق معدودة قبل أن ينام فقرر أن يستغلها بمشاهدة التلفاز، يدخل غرفة الجلوس فيجد أن ابنه (قيس) يمسك كتاباً كما لو أنه يدرس، بينما يتفرج على التلفاز كما لو أنه لم يشاهده من قبل، وما أن ينتبه لدخول والده حتى يضع رأسه في كتابه ويقرأ فيه..

 

يلقي (وديع) التحية على نجله ويسأله:

وديع: كيفك بابا.. كيف الدراسة؟..

قيس: الحمد لله بابا .. إنت كيفك؟

يهز وديع رأسه ويجيب: الحمد لله .. ماشي الحال .. إي بابا على شو عم تتفرج..

 

يبتسم قيس ويقول: ما كنت عم بتفرج .. بس كنت عم شوف الجزيرة (الرياضية)..

وديع بغضب: أنا ما قلتلك ما تشوف الجزيرة الرياضية..

يجيب قيس: بابا والله ما كنت بدي شوفا بس عم تصير شغلات غريبة..

 

يحاول وديع الامساك بأعصابه ويسأله: شو الشغلات الغريبة اللي عم تخليك تتلهى عن دروسك مشان تشوف الجزيرة.. الرياضية؟

هنا يمسك قيس الجهاز ويقول لوالده: شوف بابا .. انت ما سمعت الإعلان تبع المباريات اللي عم تصير بالوطن العربي.

ينفجر وديع: لا تذكرني .. طول نهار عم بسمع الإعلانات تبع كأس الكؤوس العربية.. لسا .. إنه يوم استثنائية، إنها مباراة استثنائية، إنها .. إنه..

 

يقاطعه قيس: مزبوط بابا بس شوف هالمباراة .. (ويغير المحطة) هي محطة تونس ناقلة المباراة بين فريق الحرية التونسي وفريق الشرطة التونسي والمعلق عم يقول إنو فريق الشرطة مسيطر عالوضع مع إنو الجزيرة الرياضية عم تقول إنو فريق الحرية التونسي رح يربح بالتأكيد..

وهي محطة مصر ناقلة نفس المباراة بس كاتبة بدل فريق الحرية التونسي فريق الكرامة المصري ضد فريق مصري تاني والأنكى من هيك إنها عم تقول إنو فريق الكرامة خسران سبعة صفر والجزيرة الرياضية التانية عم تقول إنو الكرامة المصري مسيطر عالمباراة بشكل كامل والنتيجة سبطعش صفر..

 

شوف البحرين نفس المباراة حتى بالعلامة دائماً عم يكون الفريقين واحد أحمر والتاني أسود والقصة نفسا عم تتكرر الفريق الأحمر عم يكون مسيطر حسب الجزيرة الرياضية والتلفزيون الدولي تبع الفريق عم يحكي بالعكس..

وشوف هي .. (ويغير المحطة) هي محطة ليبيا ناقلة نفس المباراة..

فيقاطعه وديع: لك شلون نفس المباراة هدول واحد أحمر والتاني أخضر..

 

فيجيبه قيس: إي بابا ما بعرف ليش بس هي المحطة ملونة الفريق الأسود بالأخضر ليك كيف حاطين أخضر بالفوتوشوب فوق اللاعبين السود.. والنهفة إنو الطابة منفسة..

يشعر وديع بالنعس ويتابع: إي بابا وشو شفت كمان؟

يجيبه قيس بسرور: بس هدول بابا لأنه بالقنوات التانية حاطين التحضيرات للمباريات تبع بكرا .. بس والله يا بابا الجزيرة هلكتني..

 

يسأل وديع ابنه مستغرباً: ليش هلكتك بئا..؟

يجاوبه قيس: كل شوي بتتشفر صارت تقطش أكتر من وقت كأس العالم، مع إنو كأس العالم بطولة أهم ما هيك بابا..

ينظر وديع إلى ابنه ويقول له: لك تضرب انت والطابة والمباريات والدوري والكأس والكرسي والتكسي وإمك وأنا وأنا وأنا رايح نام تصبح على خير..

2011-02-26
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد