يتميز بلدنا الحبيب بارتفاع مستوى الجَمال لِدى فتياته, ولا أعلم إن كان هذا التميز نِعمة أم نِقمة علينا نحن معشر الشباب, ولكني ولأسبابٍ عديدة اعتدت الخوف من الجَمال, واعتدت إساءة الظن في كل شاب يحاول التقرب من جميلة.
فعندما كنت في الصف الرابع الإبتدائي كان هناك ما يسمى مسابقة الرواد, ولكوني مجتهداً, تم سوقي إلى المسابقة عن مادة العلوم... كانت المسابقة تتم في مدرسةٍ تقع في باب توما, وكان لكل اختصاص صف يجري به الامتحان, ومع كل مجموعةٍ من الطلاب معلّم أو معلّمة, وكان يرافق تلاميذ مدرستنا معلّمٌ مشهورٌ بعصبيته وسرعة غضبه, وحين جلسنا على المقاعد ووزعت علينا الأوراق رفع تلميذ بجانبي يده, وقال لمعلّمنا: أُستاذ... نسيت قلمي, فممكن قلم؟؟... فما كان من معلّمنا إلا أن إحمرّ وجهه, وصاح غاضباً بالتلميذ المسكين: كيف تنسى قلمك يا غبي؟ أين معلّمك المشرف يا حمار؟... فجاءت من آخر القاعة معلّمة جميلة تمشي على استحياء, وقالت: أنا... فحين رآها معلّمنا ابيض وجهه, وابتسمت شفتاه, وسارع بإخراج قلم من جيبه, وقدّمه للتلميذ قائلاً: تفضل حبيبي...
بالنسبة لطفل في عمري لم أدرك سبب التحول المفاجئ في سلوك أستاذنا المبجّل, والآن وبالرغم من إدراكي للسبب أجده تحولاً لا يليق بإنسان يحترم نفسه.
نجد هذا الأمر يتكرر مراراً في حياتنا, فدائماً يتم التمييز لصالح الفتيات, وتبعاً لجمالهن, ولن أنسى ما حييت دكتورنا الفاضل في الجامعة حين بخسني حقي في امتحان العملي لمادته... فقد تعود حضرته في الإمتحان الشفهي امتحان كل طالبين معاً, وكان من سوء حظي دخولي المقابلة مع زميلة جميلة, فكان يبتدئها بالسؤال, وحين لا تعرف الإجابة ينتقل إليّ, ولا أذكر أنها أجابت على أيٍ من الأسئلة التي تمكنت أنا من الإجابة عليها جميعاً... لكن المفاجأة كانت حين تفوقت عليّ تلك الفتاة في علامة العملي تفوقاً ملحوظاً.
مما لا شك فيه أن الجمال ليس سبباً لأي مشكلة, ولكن تعامل بعض شبابنا ورجالنا مع الجميلات مبالغٌ فيه, فمن المعيب أن ينقلب الرجل الوقور, ويتحول إلى ممسحة حين تقع عينيه على فتاة جميلة.
الجمال نِعمة من الله, ولكننا نأبى نحن البشر إلا تحويله إلى نقمة...