استوقفتني في الآونة الأخيرة عبارات غريبة, بات يرددها بعض من يدّعون الإسلام, وكنا نسمعها فقط من أفواه الذين نصّبوا أنفسهم ولاة على أمر هذا الدين.
فهناك عبارة يطلقونها عندما تجادلهم في أي ظاهرة خاطئة أُقحِمت في هذا الدين وأصبحت عبئاً ثقيلاً عليه.
العبارة تقول هذا هو الدين, وهذا هو الإسلام, وإن لم يعجبك أو يناسبك, فابحث لك عن دين آخر أو ابتكر ديناً جديدا.
مع العلم أن هذا الدين هو من عند الله, وليس من ابتكارهم أو اختراعهم, وهم لم يضيفوا عليه شيئاً, بل على العكس هم يعملون ليل نهار لتنفير المسلمين منه, وأبعاد كل إنسان يفكر في اعتناقه.
وتذكرت ما حصل مع المفكر روجيه غارودي وكيف أنه تعرف على الإسلام بمفرده , بعد إتقان العربية عن طريق القرآن وتدبّر آياته, ولكنه فوجئ بإسلام آخر يطبّق في بلاد المسلمين, فحمَد الله على أنه توصل للإسلام قبل رؤية وسماع من نصّبوا أنفسهم ولاة على أمره.
ولكن المشكلة تكمن أنهم هم أنفسهم يرددون حديث – طبعاً لا صحة له لتناقضه مع القرآن : من بدّل دينه فاقتلوه.
فكيف لنا أن نبحث عن دين جديد أو نبتكر آخر, وهم يهددوننا بالتكفير والقتل؟؟؟
وأحياناً أخرى يقولون: لا يوجد الآن من هو قادر على التحديث أو التفسير أو الاجتهاد, فلذلك علينا إتباع ما رآه الأجداد دون نقاشٍ أو جِدال كونهم وصلوا إلى أعلى درجات العقل والإدراك.
والسؤال الذي يطرح نفسه وهو: لماذا تطورت بقية العلوم, ولم تتطور الرؤى في كثير من القضايا الشرعية؟؟
فمثلاً ابن سينا كان الأول في زمانه بعلم الطب... والآن طالب في سنة رابعة طب بشري يعرف أكثر منه في علوم الطب.
طبعاً نحن لا نبخس العالم ابن سينا قدره, فقد كان له الفضل في اكتشاف أمور شتى, ولكن قصد الكلام أن العلم لا ينجح إلا بتحديث الرؤى وتطويرها, وليس بقَولبَتها وتقديسها.
ويقولون أحياناً وللأسف أن هناك أمور لم يتطرق إليها القرآن وترك للرسول شرحها وإيضاحها, وهي من أساسيات الدين ومن أقوى دعائمه -كما يزعمون.
والسؤال لماذا لم يوضحها الله في القرآن وتركها لتتناقلها الأجيال, ولتبقى مصدر شك وريبة؟؟
وأحياناً تجد في القرآن ما يدلل على ما يفعله المتأسلمون الآن, وحين تذكُر لهم بعضه يقولون لك "لا هذا قصد الله به اليهود, وذاك قصد به المشركين, وتلك قصد بها المنافقين...
والسؤال وبما أن القرآن يلاءم كل العصور, ألا يمكن أن يكون الله قد قصدكم بقوله وأنتم غافلون؟؟؟
والله من وراء القصد