news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
آلام سارة ... بقلم : أبو الحارث

في ضاحيةٍ من ضواحي المدينة حيث تتناثر الأبنية بعشوائية على جوانب الشوارع الضيقة... عاشت سارة مع والديها وأخوتها في منزل بسيط متواضع.


أعطى الله سارة ما تتمناه كل فتاة من جمال الوجه والقدّ, وكانت في طفولتها ترى البسمة على ثغر كل ناظرٍ إليها, وتعودت سماع كلمات "ما شاء الله" و"سبحان الله" في كل مكانٍ تُطِّلُ فيه.

 

ولكنها لم تكن تجاوزت الخامسة عشرة من عمرها حين بدأت تعاني من نظرات الرِجال إليها... كانت أثناء طريقها إلى المدرسة تتفا جئ بعيونهم تستبيح كل أجزائها, وتخترق جسدها دون أي رأفةٍ أو شفقة... فيما مضى كانت نظراتهم تملؤها البراءة والفرح, ولكنها الآن ممتلئة بالخبث والجوع.

لم تستطع سارة تجاهل تلك النظرات, ولم تعلم سبيل التخلص منها, فلجأت إلى والدتها والتي هي أقرب الناس إليها لعلّها تجد لها حلاً, فأخبرتها والدتها بعدة نصائح عليها الالتزام بها وهي: أن تتفادى النظر في عيون الرجال, وتحاول قدر الإمكان جعل عيونها في الأرض, وأن تبتعد عن الشوارع المزدحمة, وفي الوقت نفسه عليها تفادي الشوارع الخالية, وأن تحاول أن لا تبتسم, وأكيد أن لا تضحك, وأكدت عليها ضرورة تعوُّد عدم الالتفات لأي تعليقات ساخرة أو مادحة توجه إليها.

 

بعد تلك النصائح شعرت سارة بالخوف الشديد, فأحست أمها بذلك, فحاولت تهدئتها, وأخبرتها أن عليها ألا تخاف, وفي حالة الخوف عليها اللجوء إلى أقرب رجل شرطة متواجد في المكان, فهؤلاء قد وجدوا لحماية أمثالها.

أطمأنت سارة نوعاً ما, فهي تعودت على رؤية رجال الشرطة في طريقها إلى المدرسة, وهؤلاء هم سندها وحُماتها كما أخبرتها والدتها, وهي أيضاً تعلمت في المدرسة, وسمعت بالتلفاز كيف أن هؤلاء الشرطة هم في خدمة الشعب.

 

وفي يوم كباقي الأيام خرجت سارة من مدرستها, واستعانت بالله, وشقت طريقها إلى البيت... فشعرت بشخصٍ يلاحقها, فزادت من سرعة خطواتها لكنها لم تستفد شيئاً, وأحست بالشخص يقترب منها أكثر فأكثر, ثم بدأت تسمع كلمات الغزل والإعجاب... بعيونها.... وشعرها, ومن ثم بدأت الكلمات تنحدر لتصل إلى التغزل بأجزاء أخرى من جسدها... خافت سارة, وبات قلبها يخفق بسرعة, وتلفتت لعلها تجد من ينقذها, فوقعت عينيها على شرطيٍ يقف على الرصيف... سارعت سارة الخطى إليه, والأمل يملأ قلبها... لكنها عندما اقتربت منه, تفاجأت به يتحدث مع الشخص الذي خلفها, ويقول له: "معقول أنت يا زلمة!!!! صرلي ساعة عم استناك لسلمك الدورية, وأنت راكض ورا البنات"... استدارت سارة بسرعة لتجد أن من يلاحقها ما هو إلا شرطي, وفي كامل لباسه الرسمي...

 

عادت سارة إلى البيت, والدموع تملأ عينيها, ودخلت غرفتها, وارتمت على السرير... يومها قررت سارة ترك المدرسة, والبقاء بجانب والدتها في البيت... فلا أمان لها في الخارج... والشرطة لم تكن في خدمة الشعب...

2011-04-18
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد