news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
"الأسد: البزوغ العربي يضع نقطة النهاية هنا"... ترجمة وإعداد : هبه محمد

هذا هو عنوان المستقبل الذي بشر به روبرت فيسك في الصفحة المتصدرة لصحيفة الاندبندنت البريطانية, ليس فقط لسورية بل أيضا للعرب والعروبة, مؤكدا في صميم تلك الكلمات وعي وإدراك الغرب حقيقة أن سورية هي السيف الوحيد في يد العروبة.


هكذا بدأ بوضع ألغامه التي تنفجر في وجهه بتحليل بسيط من قبل قارئ سوري- أي قارئ يجري فيه الدم السوري. ويتابع فيسك تعليقا على الحقيقة التي ظهر بها الرئيس الأسد, الحقيقة التي لطالما ظهر بها رئيسنا قائلا "لم يكن رئيسا مذلولا, ولم يكن الانهيار محيطا به".

 

 هذا ما كان ينتظره كل الزعماء الغربيين والعملاء العربيين. أرادوا للجبل أن ينحني, وكيف له أن ينحني وقد كتبت يد الله له أن يبقى شامخا. أرادوا للرفعة أن تنجلي, وكيف لها أن تنجلي وقد صمم الشعب والقائد على إبقائها في الأعلى.. الأعلى حيث لا يستطيعون الوصول, فأرادوا لنا النزول, وعملوا عليه.

 

 فلم ننزل إلا في أوهامهم ومخيلاتهم. ويتساءل كاتب المقال:

هل هي ليبيا التي أعطته "القوة" للاستمرار والشجاعة للوقوف وإعلان أن "الإصلاح قضية غير ملائمة", والذي هو ترجمة دقيقة لاعتقاده انه لا ينبغي لسورية ان تنصاع لثورة الشرق الأوسط؟

 

محاولا إيهام القارئ ان سبب ما حدث في سورية هو المطالبة في الاصلاح. متماديا في الايهام بأن الإصلاح في المفهوم السوري هو نفسه في المفهوم الغربي الذي عرفه كل عربي في العراق وليبيا وغيرهما, خاصة بعد ان صرحت صحيفة اديعوت احرينوت الإسرائيلية  وجود عناصر من الاستخبارات الامريكية في ليبيا قبل أسابيع من وقوع ما حدث فيها. فهل كانت تلك الاستخبارات موجودة لمعاينة ما يستلزم ليبيا من إصلاحات, ام لمعاينة ما يلزم ليبيا من قوات؟

 

 وطبعا هذا الكاتب يستمر في محاولته الغبية في استغباء العقل السوري والعربي غير مدرك ان سبب تلك "القوة" هو ثقة السوري برئيسه. تلك الثقة التي لم تعرفها قواميسهم. فالثقة لا توجد في قاموس الخيانة والمؤامرات ومحاولات الانتهاك. الإصلاح في القاموس الغربي يعني القتل بنيران أسلحتهم. ولهذا نرى كيف أن إصلاحهم يقذف بنيرانه في العراق  وليبيا بدون تفريق بين من جاءوا للدفاع عنهم كما ادعوا ومن جاءوا للقضاء عليهم.

 

فبرأي الكاتب فانه بعدم انصياع سورية لهذه الثورة الشرق أوسطية, فإن "حزب البعث لن يستسلم, وبهذا يبقى الأسد رئيسا لسورية, والحصيلة لا يحدث تغيير."

 

لا يلام هذا الكاتب على رعبه وحساباته لإسقاط هذا الحزب, فهم يريدون للأمة الاستسلام , ولا يمكن للأمة أن تستلم وهي بقيادة الأسد, والحصيلة لن يكون هناك أمان واستقرار لا لإسرائيل ولا لأي دولة يهودية أخرى. والاهم ان هذا الكاتب ومن خلفه زعماء وعملاء حريصون كل الحرص على التغيير لصالح الشعوب العبرية- اقصد العربية.

 

 ويتابع فيسك مبرزا أنهم أمام شعب مختلف عن ما عرفوه في الدول العربية, ذاك الشعب الذي وقف بأحصنته في وجه دبابات اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 في معركة ميسلون قائلا:

 " لا يعرف السوريون رضوخا للقواعد, ولا ينجر السوريون وراء العرب الآخرين كالبلهاء ... فقد حارب السوريون بقوة أكثر من غيرهم من أجل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية. "

 

هذا هو الاعتراف الصافع لوجه الغرب. فالسوريون عصيون عن محاولات التدجين الغربية. مختلفون عن من اشترتهم الدولارات الامريكية. لم يدرك الغرب بعد أن فلسطين هي في قلب سورية. لم يدرك الغرب بعد رغم الصفعات التي توجهها لهم سورية أن سورية ترفض الاستسلام في حروبهم عليها. لم يدركوا بعد ان سورية هي المقاومة.. المقاومة الأقوى.

 ان سورية هي الجدار الصلب الصلد في وجه مخططاتهم. لازالوا يعيشون على أمل ان تصبح سورية كغيرها من الدول العربية سجادا مخضبا بالدماء تمشي فوقها أحذية إسرائيل وغيرها. لم يفهموا حقيقة ان الله قد خلق دولتين عربيتين ولم يخلق نفس السلطتين.

 

ويتابع الكاتب عملية زرع ألغامه بإضافة شاهد آخر على المقاومة قائلا:

 في الواقع فإن منطقة حوران التي تضم درعا... لطالما كانت منطقة ثورية حتى خلال الحكم الفرنسي, فهل سيستطيع بشار الأسد أن يلملم شمل بلده؟

 

هذه هي سياسة الغرب. فقد عاشوا على أساس تمزيق الأرض والشعب إلى قسمين: معتدي ومقاوم. ولفرط غبائهم في محاولة خداع القارئ العربي, قاموا بوضع حامي العروبة موضع المعتدي على العرب. فإذا لم يضعوه في هذا الموضع, لن تكون مقاومتهم له مشروعة!! عاشوا على التقسيم, وأصبح التقسيم في دمهم. لا بل وخلقوا اقتساما افتراضيا في منطقة حوران كبرهان على أوهامهم!! هؤلاء هم الغرب. أسماك قرش تفترس الأغبياء وهم في بحر أوهامها وخزعبلاتها, وتموت عندما يُخرجها أصحاب الوعي من وهمها بعدم الوقوع في بحرها.

 

ولابد من التنويه إلى الكلمة التي تبناها أيضا القرضاوي في خطبته يوم الجمعة هذا, وكأنه قد قرأ مقالة فيسك أيضا, بأن أشار إلى أن سورية بلد "مُحتل" وان السوريين يعانون كما يعاني الفلسطينيون!!!! هل سبق أن دافع هذا الشيخ المتشيطن عن فلسطين أو أبناء فلسطين؟ وهل يعرف شيخ ملعون يدعو للفتنة بين طوائف الشعب, شيخ لم يعلمه الدين أن الدين إنسانية, هل يعرف معاناة شعب يحاول بكل أطيافه وطوائفه مقاومة الاحتلال الإسرائيلي؟ توافق واضح بين المعلمين الغربيين والتلاميذ العربيين. وفي هذا رسالة من إسرائيل إلى كل العالم الإسلامي مضمونها هو قدرت دولارات إسرائيل وأمريكا الرخيصة والقذرة على شراء من يتربعون عروش المساجد. قدرة الرخيص على شراء القناعات الرخيصة لبعض الشيوخ الذين لا قيمة لهم.

 

 

هيهات أيها القرضاوي. فأنت لم تكن إلا مثالا إسرائيليا على قذارة ورخص من يعتقد البعض أنهم انقياء. لكنك وبكل تأكيد لن تشوه حقيقة الدين الإسلامي لان هناك من يحفظها. انقياء حقيقيون يحفظون الصورة الإسلامية  من دنس من يحاول تشويهها. 

 

ويبرز الكاتب استغرابه في خطاب الرئيس البارحة قائلا: انه لشيء غريب أن يتحدث الأسد البارحة عن "مؤامرات" دخيلة.

 

ويتابع الكاتب المصعوق بالدهشة محصنا استغرابه الخبيث "بقول مأثور". يقول هذا القول: لطالما تم كشف "مؤامرات" دخيلة عندما ينتاب الدكتاتوريين شعور بعدم الأمان.

 

طبعا هي ليست "مؤامرة". وجميع السوريون والعرب قد أدركوا انها ليست كذلك يا فيسك. ذاك لأن سورية أبعد ما تكون عن استهدافهم ومؤامراتهم. فبكل تأكيد كان السبب هو الرغبة البريئة بالإصلاح! الرغبة التي حركها مئات المرتشين. كم نشعر بالشفقة على من يتركون أنفسهم في مسرح الجريمة ويقولون أنهم لا يعرفوا شيئا. يتركون كل شيء يدل عليهم, يتركون أنفسهم وكأنهم عميان ما عادوا يعلمون كيف يخرجون من مسارح جرائمهم. وبالمناسبة القول جميل ولكن عندما يوجه إلى قارئ غبي وموجَّه. فهم تمرسوا في الدكتاتورية والاستبداد لدرجة شكلوا فيها أقوالا ذكية لا تمر إلا الأغبياء.

 

لم ننته بعد. فالكاتب لديه ما يثبت غرابته تلك, حيث يقول:

 ومع هذا, فإن دمشق قد تعرضت للهجوم من قبل عملاء إسرائيليين وعملاء صداميين وعملاء من حزب اليمين التركي على مدى الأربعين عاما المنصرمة.

 

هذا الكاتب يضع إصبعه على أول شوكة في جسد مؤامرتهم, مشيرا بخبث كلماته إلى ارتداء إسرائيل لباس البراءة  من هذه المؤامرة على سورية. على من تحاولون الضحك؟؟ وهل بقي في وجه إسرائيل إلا الصخرة السورية كي تعمل على إزالتها ليل نهار؟؟

 

ويتابع فيسك استغباءه للعقل العربي عامة والسوري خاصة قائلا:

لقد اخذ هذا الخطاب في "المؤامرة" صدىً حول السوريين إلى وطنيين بدلا من أن يكونوا محاربين لأجل الحرية.

 

فماذا أقول أيها القراء؟؟ هؤلاء لا يعرفون أن كلمة من رمز الوطن تلهب الوطنية في نفوس السوريين, فكيف إذا كانت هناك مؤامرة خسيسة تستهدف رمز الوطن وامن الوطن والسوريين؟ هؤلاء يريدون أن يستخفوا بالعقل السوري. العقل الذي شهد العزة والكرامة. العقل الذي أدرك أن الحرية الحقيقية لسورية هي بين يدي رئيسها بشار الأسد. هؤلاء لا يعرفون أننا نحن من نحدد الحرية التي نريد وبالطريقة التي نريد. فنحن صناع قراراتنا.

ويستمر الغرب بمحاولة إقناعنا بالحرية والإيهام أن الشعب حريته مسلوبة قائلا:

من المؤكد أن هناك الكثير من الأخطاء في سورية, وبشار الأسد قد حاول جاهدا حفظ ماء وجهه مخفقا في الإعلان عن "إصلاحات" وحريات كان الشعب السوري يتوقعها منه.

 

الغرب, جنة الله الأرضية, حيث الأخطاء منقرضة, حيث لا يقبل الخطأ أن يكون اصغر من قتل الملايين وتشريد الملايين, حيث لا يقبل الخطأ أن يكون أصغر من أقبح الأخطاء وأكثرها شرا, يقول أن سورية فيها أخطاء وهي كثيرة. وطبعا يجب أن يجدوا الطريق للتدخل فيها كي يقصفوا الشعب بمشاريع الإصلاح بمختلف الأسلحة كما أغدقوا على الشعوب العربية بتلك المشاريع الإصلاحية الافضاحية. هؤلاء كانوا ينتظرون تقزيم سورية خطابا ورئيسا وقرارات إلى خطاب خاص بالمشاريع الإصلاحية داخل سورية, منصعقين بخطاب رقص الرقصة السورية المعروفة على أوتار فشلهم وخيبة آمالهم.

 

هؤلاء يعتقدون أن ورقة الإصلاحات هي آخر ورقة في يد الرئيس بشار الأسد. انتظروا على جمر غبائهم إعلان تلك الإصلاحات.. ولكن هيهات. فهم قد نسوا حقيقة أنهم أمام كلمة للرئيس السوري بشار الأسد.

 

متناسين الكثير من الأمور التي لا تعنيهم إلا بقدر ما تخزُ في صميم فشلهم. بدءاً بحكمة الرئيس الأسد وانتهاءً بعلاقة لم يعرفها شعب مع رئيسه تربط السوريين ورئيسهم.

 

هؤلاء لا يفهمون معنى جملة تبح بها حناجر ملايين السوريين, طبعا ليس كل السوريين. وبالمقابل لم يفهموا معنى أن يرد الرئيس لشعبه تلك الكلمات وذاك الهتاف. لم يعرفوا الصدق واللهفة في كلمة تجمع رئيسا وشعبا. لم يعرفوا أن كلمة تستقر في قلب وعقل السوريين تكون حجر أساس لعلاقة جديدة وأكثر قوة.

 

ولهذا يتساءل فيسك فيما إذا كانت تلك الكلمات من الرئيس الأسد كافية بالنسبة للشعب السوري؟! حيث يتابع ببث كلماته المسمومة قائلا :

فهو [الرئيس الأسد] لا يقوم بإجراء إصلاحات تحت الضغوطات- وبالمناسبة كلمة "إصلاحات" تعني الديمقراطية. ولكنه وبكل تأكيد واقع تحت ضغط  ليقوم قناصوا الحكومة بقنص الأبرياء في شوارع المدن السورية. فهو غير راغبا بالقيام بتنازلات, ولكن أليست سورية بحاجة لتلك التنازلات؟

 

الخطة واضحة, والتحريض واضح. والغباء واضح. فالعرب أصبحوا مدركين ماذا تعني كلمات مثل "إصلاح وحرية وديمقراطية" في قواميس الغرب عندما يرغبون بترجمتها على ارض البلاد العربية. يقول بحر الأوهام الغربي انه كان يتوجب على الرئيس السوري أن يرمي بورقة اعتقدوا انها الأخيرة علنا أمام الشعب في كلمته تلك علّ الغرب يتصدقون بالرضا عليه, فهو قد مثل الدور الذي رسموه له على أكمل وجه.  ثم يكتشفون انه غير مضطر لذاك التنازل, وغير راغب بل ومصر على ألا يلبس الدور الذي أحاكوه له راميا بكل تنبؤاتهم أسفل حذائه, مرتفعا بسورية درجة أخرى في العلو. 

 

العيون الغربية لا تبصر قناصيها. وهم طبعا معذورون. فقد يكون مرضهم مياها سوداء تغشي على عيونهم. وقد تكون عيونهم تعاني ثقبا أعمى لا يسرب للنظر إلا الصور الصغيرة التي يريدها. فمن هو النائم عن المندسين والقناصين اللذين زرعوهم على اسطحة الأبنية وفي الشوارع في درعا واللاذقية؟ الغرب بمحاولاته تلك لاستغباء العقل العربي يجد نفسه يغرق أكثر وأكثر في أوحال أوهام تفكيره الغبي.

 

ويستكمل الكاتب مقالته قائلا:

لا يوجد أسهل من أن تقوم كلينتون بتوبيخ سورية بسبب سفكها لدماء أبنائها. وهي عبارة لم تستخدمها بكل تأكيد في مخاطبة البحرين.

 

لغة التوبيخ تستخدم غالبا مع الأطفال, ولذلك فإن البعض يطالب أمريكا "بتوبيخ" طفلها المدلل إسرائيل على مجازره الوحشية في فلسطين. ونستغرب استخدامها مع سورية التي برهنت انها هي الأكبر في كل محاولة تحاول فيها أمريكا وإسرائيل إثبات صغرها. وبالتالي هي محاولة لغوية فاشلة لتقزيم سورية الكبيرة والعظيمة. والجميل أن نفس الكلمة اللغوية قد جمعت بين طرفين الفرق بينهما مزّق المسافات الشاسعة. ويجب إلا ننس حرص أمريكا بدعم من إسرائيل على حياة السوريين اللذين ترميهم بنار قناصيها, متهمة قوات الأمن السوري بهذا كما تلفق لها المحطات العربية العبرية. فهي حريصة ألا تكتفي بالقنص مع وجود دبابات وطيارات وأساطيل وغيرها. والمتمادين في الغباء اعتقدوا ان السوريين لم يعرفوا سبب انتقالهم بفتنتهم ومحاولتهم سفك الدماء باسم الأمن السوري من درعا إلى اللاذقية. فالمنطقة الحدودية فشلت, ويجب الانتقال إلى المنطقة الساحلية, فهناك الأسطول يكون اقرب. وبقليل من الدماء بين طوائف اللاذقية, وباتهام الأمن السوري والنظام السوري يصبح الأسطول على أبواب ميناء اللاذقية دفاعا عن المدنيين- لدى الغرب إصرار أعمى على البقاء أغبياء!

 

 هؤلاء لا يعلمون أن التحقيق جارٍ في حوادث مقتل البعض في درعا, وهو أمر لا يستبعد البعض فيه ان تكون أموالهم قد وصلت إلى أيدي بعض رجال الأمن الرخيصين كي يوقعوا كامل الخلية الأمنية السورية بفخ سفك دماء الشعب. ولكن كم انتم مثيرون للشفقة بالعمى الذي تعانون منهم. فأنتم لا تحسنون قراءة جملة مكتوب فيها ان قوات الأمن بالتعاون مع الأهالي قد ألقت القبض على بعض مدنسيكم وقناصتكم. والاهم ان هذا الكاتب وبدون ان يقصد أرسل لنا رسالة نعرفها جميعا. ففي حين أن "توبيخ" سورية أمر سهل جدا على أمريكا, فإن توبيخ إسرائيل على مجازرها امر صعب ومؤكد انه مستحيل.

 

ولكن الكاتب لديه عذر لذاك التوبيخ "فأمريكا بحاجة إلى سورية لسحب قواتها المتبقية من العراق"

وينتقل الكاتب من خطاب التوبيخ النظري ذاك الى الخطة التنفيذية  قائلا:

فمن السهل أيضا جعل مشاكل سورية تأخذ طابعا طائفيا.

 

ورغم أن العالم كله قد شهد الفتنة وهي تنهرس تحت أقدام الشعب السورية, مازال لديهم إيمان بان ذاك الطريق سيوصلهم إلى بر الأمان في سورية.

ولكنه يعود لرشده في جملة حذرة أخرى ويعترف قائلا:

ومع هذا, فإن سورية لطالما حافظت على حالة من الوحدة.

 

ثم يتابع الكاتب الإصلاحي  قائلا:

إن سورية بحاجة لعملية تجديد. فهي بحاجة لإنهاء قانون الطوارئ, حرية في الإعلام, تشكيل نظام قضائي عادل, وإطلاق السجناء السياسيين.

 

وهنا أريد ان اذكر القارئ إلى التعب النفسي الذي عاناه السوريون في أمريكا بسبب المحطات المسموح لها أن تنشر الصورة التي تريدها القيادة الأمريكية. هؤلاء يطالبون بحرية  الإعلام وهم يحجبون القنوات التي هدأت نفوس السوريين في الداخل ولم تصل إلى السوريين في أمريكا. ويجب التذكير إلى القضاء الدولي ومحكمة الأمن الدولية التي تترأسها إسرائيل وأمريكا. تلك المحكمة العصية عن كل ظلم. فهي لا تردع الاسرائليين لأنهم يدافعون عن حقهم. ولا تتدخل للدفاع عن القتلى تحت نيران أمريكا وغيرها من الدول الاستعمارية فهم دعاة الحرية والديمقراطية والغاية تبرر الوسيلة! اللعبة مكشوفة. اختلاف المفاهيم بيننا وبينهم أصبح يعني حياة الشعوب. كما أنهم لم ينسوا السجناء السياسيين. فهؤلاء المحرضين في الخارج يحنون للسجناء السياسيين في السجون السورية. متناسين أن البعض حيوانات إذا ما تركت طليقة فإنها لا تنفك عن ممارسة التخريب. وهؤلاء في الخارج خير دليل عليهم. فهم قادة ويريدون جيشا لهم.

 

ولا ننس جميعا موقف المعارضة السورية التي انتفضت في الخارج للدفاع عن المدنيين السوريين الذي يقتلون "برصاص قوات الأمن السوري بطريقة وحشية", هؤلاء هدأت موجة نباحهم عندما علموا أن قوات الأمن والمدنيين مستهدفين من قبل دمى لعبتهم القذرة, هؤلاء اختفى صوتهم عندما قام ذاك التيار اللبناني بإطلاق النار على المؤيدين  للرئيس الأسد ولم ينس خطف اثنين منهم ممن وصلت إليه يداه.

 

ويتابع الكاتب في سلسلة مطالبه في الإصلاح قائلا:

بالإضافة إلى ذلك لنقل إنهاء التدخل في لبنان.

 

فالتدخل الغربي في لبنان مشروع, أما حماية سورية للبنان من ذاك التدخل أمر غير مشروع. تدخل إسرائيل في فلسطين واعتدائها على الدول المجاورة أمر مشروع, تماما كما هو تدخل الدول الغربية في الدول العربية وغير العربية- كل تلك الأمور مشروعة اما "الخوذقة" السورية لهم في كل قضية أمر غير مشروع. ولهذا يجب أن يكون ضمن خطة الإصلاح التي على الرئيس الأسد ان يتخذها كما يطالب هذا الكاتب الإصلاحي إيقاف التدخل بلبنان!

 

ويختم الكاتب مقالته التبشيرية والإصلاحية مع نبرة لا تخلو من النباح الذي اعتدناه على سورية  قائلا:

سيقوم غدا الرئيس بشار الأسد بإخبارنا برؤيته المستقبلة المزعومة لسورية. ومن الأفضل أن تكون جيدة.

لم يتعلم الغرب بعد أن الرئيس بشار الأسد لم يكن يوما مضطرا لإخبار الغرب بخططه التي يتم تنفيذها في سورية. والدليل الأول هو عدم إعلان أي خطط للإصلاحات التي كان الغرب ينتظرها عظمة يرميها لهم الرئيس الأسد. فعلى من تحاولون اللعب بسطوتكم السطحية؟ لم يعرفوا يوما أن إعلان شيء من خططه  للشعب السوري إنما هو دليل على شفافية وصدق التواصل بين الرئيس والشعب. ولم يتعلم الغرب بعد أن ما هو جيد بالنسبة لنا لن يكون جيدا أبدا بالنسبة لهم . لم يعرفوا بعد أن هناك شعبا ورئيسا قد أتقنوا تفسير مدلولات لغتهم ونباحهم بالحرية والديمقراطية.

 

وقبل أن يقول فيسك كل هذا, يكتب تعليقه الأول منذ البداية ويقول : بينما يطالب المحتجون في سورية بالحرية, يوجه الرئيس رسالة صارمة لشعبه.

 

لن اعلق على هذا التعليق, بل سأتركه لكم. ولكن هذا لا يمنعني من القول ان اللغة تلعب لعبتها وتتحول كلمة "شعبه" إلى "أعدائه".

 

فهل من يفكك ألغام روبرت فيسك يجد في هذه المقالة نهاية للبزوغ العربي ببداية ما يعتبروه سقوطا للأسد؟ نهاية للربيع العربي والسوري؟ لو سألتموني لقلت لكم أني لم أجد إلا الكلمات التي تتقاذف بأقدامها هذا الكاتب أولا والتفكير الغربي ثانيا. ولم أجد إلا استمرارا للوهم الغربي, فهم قد خططوا لإسقاطه, ولابد أن يسقطوه, ويشكلوا حكومة جديدة مؤلفة من المعارضة التي لم تقدم للسوريين إلا محاولات التخريب ,وتعلق جيوشهم في سورية.... وكل هذا في عالم الأوهام.  إلى الآن لم يعرف الغرب من يكون الرئيس بشار الأسد. إلى الآن لم يعرف العرف من يكون الشعب السوري. إلى الآن يرفض الغرب أن يتذوقوا طعم الحقيقة المحنظل. إلى الآن لم يعرف الغرب طعم المعرفة والحقيقة. فكم هم ضعاف وجبناء. وكم نحن أقوياء.

 

صحيفة الاندبندنت, روبرت فيسك, 31 آذار 2011 . 

2011-04-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد