news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
وجهةُ نَظَرٍ (2 )... بقلم : المحامي منير العباس

الرؤيا رقم -2-


لم يسبق لأحد أن أيقظني من " غيبوبتي اليَقِظة " ، وفرق بيني وبين زجاجتي الوطنية ، ولكن طارقاً ابني فعلها ، فقد دخل عَلَيَّ وبدهشةٍ مَشُوْبَةٍ ببعض القلق قال :

-       هيا لنخرج إلى الشارع ونستطلع الأمر ، لا بد أن أمراً جللاً جعل أبناء الحي كلهم " يجتمعون " ، أجل ، هناك حشد كبير من أبناء الحي يجتمع على الرصيف بينما يقف جارنا بهلول بمفرده على الرصيف المقابل .

-       وما الغرابة في الأمر يا بني ؟

-       لم يسبق لي أن رأيت أهل حيِّنا " مُجتمعين " .

 

-       أما أنا فكثيراً ما رأيتهم " مجتمعين " ولكني لم أرهم " مُجْمِعِيْنَ " ، انظر من الشرفة يا بني وأخبرني إن كان جارُنا بهلول قد تعرض لمكروه .

-       لا ، إنَّهُ يَضحكُ بِصوتٍ عالٍ وبشكلٍ متواصلٍ ، و " المُجْتَمِعُونَ " يتساءلون فيما بينهم عن سرِّ ضحك بهلول ، وقد أعيتهم الأجوبة . 

خرجت مع طارق بدافع الفضول ، اقتربنا من الجموع ونحن نسمع ما يدور بينهم 

-       الأول : رُبَمَا بَلَغَتْهُ إشاعَةُ زِيَادَةِ الرَّوَاتِبِ فِي القِطَاعَينِ العَامِّ والخَاص .

-       الثاني : أَيُعْقَلُ هَذا وَهُوَ لا يَمْلِكُ وظيفةً إطلاقَاً رُغْمَ أَنَّهُ يَحُوزُ شَهادَةً جَامِعِيَّة ؟!

-       الثَالِثُ : لَوْ كَانَ يَمْلِكُ قَليلاً أَوْ كَثِيراً لَقُلْتُ أَضْحَكَتْهُ إشَاعَةُ تَخْفِيْضِ أسْعَارِ بَعْضِ السِّلَعِ الاسْتِهْلاكِيَّةِ .

 

-       الرَّابِع : أَيَظُنُّ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ سمع بإلغاء " قانون الطوارئ " وإلغاء " المحاكم الاستثنائية " ؟

-       الخامِسُ : لا أظن هذا يعنيه وفي كوخه آلافُ " المحاكم الاستثنائية " التي يديرها " مجلس الصمت والجوع والبرد " بموجب قانون الطوارئ الذي شرعه أولادُهُ العشرةُ وزوجته " الأمية " إلاَّ من " متطلبات لا تنتهي " .

-       السَادِسُ : أَبَلَغَهُ مَا يَتَنَاقَلُهُ النَّاسُ مِنْ أَنَّ وَزِيْرَ العَدْلِ لا يُغادِرُ مَكْتَبَهُ لَيْلَ نَهَار ؟

-       السابِعُ : لَيْتَهُ خَرَجَ مِنْ مَكْتَبِهِ لِيَرى بَهْلُولَ وَغَيْرَهِ وغَيْرَهُ وَغَيْرَهُ فَحِيْنَهَا يكَونُ العَدْلُ بِمُتَناوَلِ يَدَيْه لَوْ ابْتَغَاه .

-       الثامِنُ : لعله سمع بإنشاء نقابة لأمثاله .

 

-       التَاسِعُ : لا أظن أنَّ هذا يسعده ، فَمثل هذه النقابة تولد عقيمة إن لم تكن ميتة لأنها لا تجد لدى أمثاله طريقاً إلى جيوبها .

-       وآخرون وآخرون : لعلَّ ... ربما ... قد يكون ... لا أظن ...

أحد أطفال الحي همس لآخر يقف بجواره :

-       أظن أنه استنفذ كل ما لديه من دموع فبدا وكأنه يضحك .

انتبه كبير الحي لوجودي فقال لي :

 

-       أنت محامٍ أيها الجار ، فهل مرَّت بك حالة مماثلة ؟ وهل هو الإجرام أم المرض ألمَّ ببهلول ؟ فلم نعهدْهُ يجيد الضحك .

-       وما الغريب في أن يضحك ؟

-       كيف وهو الذي لا يضحك " للرغيف الساخن " ؟

-       وهل رأى " رغيفاً " من قبل ؟!

سَمِعَ حديثنا أحد الجيران الذي حَصَلَ مُؤَخَّراً على وَظِيْفَةٍ لَدَى مُديْرِيَّةِ التَّمْوِين فأسرع بإحضار " رغيفٍ بارد " فضحك " المجتمعون " ولا زالوا يضحكون ، بينما صمت بهلول وسط دهشته من ضحكات " المجتمعين "

تَوَسَّطَ لَهُ أَحَدُ المُحسِنِين لإدخالهِ مُسْتَشفى الأمراض النَفْسِيَّة فَرَفَضَتْ إدارَةُ المُسْتَشْفَى اسْتِقْبَالِهِ بِذَرِيْعَةِ " أَنَّ عَقْلَهُ يَزِنُ رَغِيْفاً سَاخِناً "

لَمْ يَكْتَرِثْ بَهْلُولُ ، بَلْ ظَلَّ صَامِتاً ، ولا يزال صامتاً .

 

الاثنين-17-1-2011

 

2011-05-04
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد