إن ممارسات نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في الماضي كانت أرحم بكثير مما يمارس على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ستين عاماً فبعد أن كانت الحدود مفتوحة داخل حدود فلسطين التاريخية والتمييز كان عنصرياً معنوياً مع منع منح أي ترخيص لأبنية جديدة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 أو أراضي فلسطين
1967 وبعد عام 1986 وبدء الانتفاضة بدأت “إسرائيل” سياسة منع الفلسطينيين المقيمين في أراضي فلسطين المحتلة عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة) من العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948واعتمدت أسلوب الحصار ومنع التجول والحواجز العسكرية على مسافات متقاربة، فحولت المدن والقرى الفلسطينية الى معازل عددها بالمئات ولم يتم أي تغيير على الحواجز والحصار في الضفة الغربية منذ اتفاقية أوسلو 1993حتى الآن إلا أنها ازدادت عدداً و قساوة .
أما غزة فقد حولتها “إسرائيل” إلى معزل كبير يمكن تسميته معزل بالجملة أما الضفة الغربية فمعازل بالمفرق، ويوماً بعد يوم تشدد “إسرائيل” الخناق على رقاب الفلسطينيين، حتى أحست أوروبا بألم ومعاناة الفلسطينيين وتحركت البرازيل وفنزويلا وتركيا وأما العرب فتم اشغالهم بفتن أو صراعات كرة قدم واستراتيجية النظرة القطرية الضيقة وغرقوا في غيبوبة وكأن على رأسهم الطير وليس أوباما .
ونسمع الكثير من التنظيرات في المواقف، لكن لا شيء عملياً إلا السلب منه فقط تجاه ما يتعلق بفلسطين أرضاً وشعباً وشهداء و”قافلة الحرية” .
إن مواقف تركيا أحرجت الكثيرين ولا نعرف سوى أن نوجه الاتهامات لبعضنا بعضاً ولا نعرف لماذا ولا على ماذا ولا نعرف ماذا نريد وماذا يريد العالم منا وماذا نريد من العالم قبضة “إسرائيل” تخنق فلسطين وشعبها وتزداد قساوة كلما توجه العرب والعالم مطالبين قيادتها بالسلام . وعندما تسمح “إسرائيل” بإدخال شاحنة حليب أو حفاضات للأطفال في غزة تعتبر أنها أعطت الشعب الفلسطيني نصف حقوقه، وتطبل أمريكا وتغني أوروبا ويرقص بعض العرب على أنغام الكرم من نتنياهو الذي يعتبر ما أقدم عليه تنازلاً مؤلماً، ويزعم أن “إسرائيل” محبة للسلام وتضحي من أجل إدخال عدة شاحنات مواد غذائية على أمل الحصول على تنازلات جوهرية مقابل ذلك، وتتوقع أطناناً من التنازلات والتطبيع فلسطينياً وعربياً وتأمل منهم التوقيع على صك تنازل عن اكثر من حقوقهم التاريخية في أرض فلسطين أو حقوقهم المكفولة في قرارات أكلتها الفئران في أدراج الأمم المتحدة .
هنا يجب على العالم أن يفهم أن “إسرائيل” لا تؤمن بالسلام ولن تتنازل طواعية عن شبر للفلسطينيين . أما تخفيف الحصار فدعابة جديدة تمارسها “إسرائيل” في حين تشدد خناقها على الفلسطيني .