إن الرئيس الخالد حافظ الأسد أعطى لسوريا مكانا ودورا محوريا إقليميا ودوليا فأصبحت سوريا مهمة بالنسبة لاستقرار العالم وليس فقط لاستقرار الشرق الأوسط والوقت الراهن هو أكبر دليل على أهمية الدولة في سوريا.
هاهو العالم ينقسم من جديد في العام 2011 إلى شرق ممثلاًً بروسيا والصين وكوريا الديمقراطية وإيران والهند وغرب ممثلاً بأوروبا العجوز وأمريكا الدولة الاستعمارية والعنصرية والتي رافقها الخراب والدمار أينما حلت منذ وجودها ونشوئها كقوة استعمارية وإمبراطورية عالمية. فلا ننس القنابل النووية التي انهالت على هيروشيما ونكازاكي اليابانيتين والتي هزت المشاعر الإنسانية والأخلاقية وخالفت الحقوق الإنسانية والأعراف الدولية مرورا بفيتنام وأفغانستان والعراق وليبيا. إن أمريكا وأوروبا دول استعمارية تعيش على امتصاص دماء الشعوب والعيش على قوتهم البشرية وقواهم الفكرية واستخدامهم كعبيد بطريق مباشر أو غير مباشر.
لقد أعطى القائد العظيم حافظ الأسد سورية هذا الدور المحوري منذ حرب تشرين التحريرية وخروج مصر من المعادلة الإقليمية والدولية على يد الرئيس السادات وتابع من ورائه هذا الدور السلبي الذي جعل من مصر دولة صغيرة سياسيا على الرغم من إمكانياتها الهائلة، بينما كانت سوريا ولا تزال دولة كبيرة على الرغم من مساحتها الصغيرة، لقد تابع السيد الرئيس بشار الأسد هذا الدور وهذا النهج لا بل قام بتطويره من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بكافة الدول من أمريكا اللاتينية الى أوروبا الى البلقان الى الصين والهند وكوريا وإيران الى تركيا وهذا أحد الأسباب التي تتحكم من خلاله سوريا بالاستقرار العالمي.
إن الرئيس الراحل حافظ الأسد رفض الاستسلام والسلام غير المشرف ورفض كل العروض والإغراءات من جميع الدول وفي مقدمتها أمريكا فلماذا؟ لو أن الرئيس الخالد وقع معاهدة سلام مع اسرائيل في العام 2000 فمالذي سيحدث؟ لمات الحق العربي الفلسطيني وذلك لأنه أدرك أن المعركة مع اسرائيل هي معركة وجود وليست معركة حدود. أليس من واجب المسلمين والمسيحيين تحرير بيت المقدس قبلة المسلمين الأولى من دنس الصهاينة الغزاة؟!، فأين العرب والمسلمون ومسحييهم من هذا؟!
إن الرئيس حافظ الأسد ومن بعده الرئيس بشار الأسد اختارا طريق مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي لشعوب المنطقة سواء بشكله المباشر أو الغير مباشر وبهذا نقل موقع سوريا وأعطاها هذا الدور المحوري الذي تتمتع به. إن معارضة مخططات اسرائيل التي تتحكم بأمريكا وأوروبا باللوبيات الصهيونية جعل قوة سوريا تعادل قوة اسرائيل وأمريكا وربما تفوقت عليهما بعد انتصار المقاومة في العام 2006 وهكذا أصبحت سوريا دولة مهمة بالنسبة للعالم.
لكن بعد العام 2006 وانتصار المقاومة في لبنان وغزة أصبح محور المقاومة هو الأعلى كلمة فهو يملك قوة الحق وقوة الإدارة والعقيدة وقوة الشعب والقوة الفعلية على الأرض ولهذا جن جنون كل من أمريكا وإسرائيل التي أصبحت في مرمى الخطر الوجودي الذي يتهدد كيانها فسعت كلتاهما لتغيير وجه المنطقة ومن هنا نفهم قول الرئيس الأمريكي وربطه مستقبل أمريكا بمستقبل منطقة الشرق الأوسط لاسيما الوضع في سوريا.
منذ أحداث أيلول 2001 بدأت أمريكا سياسة الشرق الأوسط الجديد ولكنها أدركت أن الأسلوب العسكري باحتلال الدول والسيطرة على ثرواتها الذي انتهجته هو أسلوب خاطئ لأنه كاد أن يؤدي إلى انهيار أمريكا (وربما سيؤدي لاحقا لتحقيق هذا الغرض) اقتصاديا. بعد العام 2006 تمت مراجعة وتقييم النتائج فأدركت أنه لابد من خيار آخر جديد ألا وهو نشر الفوضى لتدمير الدول العربية وتمزيقها وبالتالي يسهل السيطرة عليها وتصبح اسرائيل هي القوة المسيطرة في المنطقة وبالتالي الإنقضاض لاحقا على ايران ومن ثم روسيا والصين. تسعى أمريكا لتدمير الإقتصادات الوطنية للدول العربية وذلك بغية السيطرة على مقدرات الشعوب العربية لحل مشاكل أمريكا الإقتصادية الداخلية من جهة وحل مشاكلها السياسية الخارجية من جهة أخرى وضمان أمن وسلامة واستمرار وجود دولة اسرائيل للأبد.
للأسباب الواردة أعلاه كان لا بد من العمل على تخريب وأضعاف سوريا وإلهائها بالداخل وإبعادها عن التهديد المباشر للكيان الصهيوني وهنا يجب أن لا ننس أن هناك أسبابا مباشرة مرتبطة بالوضع اللبناني لا سيما تيار المستقبل واستخدامه ماليا وسياسيا واستخدام علاقاته بدول الخليج للضغط على سوريا وإشعال الفتنة الداخلية وذلك لإخضاع سوريا وقيادتها لأمريكا وإسرائيل ولتصادر القرار السوري الحر المعادي لأمريكا وإسرائيل.
أود أن أسأل: إن دولة مثل سوريا هي سيدة لقرارها وتقف حجر عثرة في وجه أمريكا وإسرائيل (ومن يجرؤ على هذا)، أليست سورية دولة حرّة؟ أليس قائدها حرٌّ أبي؟! أليس شعبها حرٌّ كريم؟! ومن أعطى الكرامة للدولة السورية سوى القائد الخالد حافظ الأسد وهذا الشعب السوري الذي يرفض الخنوع والذل؟ فمالذي يريده هؤلاء المجرمون؟ هؤلاء المخربون يعيشون في أوروبا وأمريكا ومخابرات هذه الدول هي من ترعاهم وتنفق عليهم الأموال فهل تتوقعون ممن فقد كرامته وتسول في شوارع باريس و لندن وأمريكا والسويد أن يكون سيداً حرّاً؟! وهل ستكون سورية دولة حرة بأيديهم (لا سمح الله). فاقد الشيء لا يعطيه. بالطبع لا، فلا هم لهم سوى المناصب وتحيق أمل أسيادهم بمصادرة القرار السياسي للدولة السورية ليصبح بيد أمريكا وأوروبا خدمة لمصالحهم ومصالح الكيان الصهيوني. لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن سيادة الرئيس بشار الأسد هو الرئيس الديمقراطي الأول في العالم لأن الشعب السوري وقف والتف حوله بعكس ما حدث في مصر. إن القائد الحر الذي يلتف حوله شعب حر يعطي سوريا قراراً حراً وهذا ما يقوم به الرئيس الحر الأبي العربي السوري الأول بشار الأسد.
ثم تعالوا معي نناقش: إذا كان الأحرار في مصر انقلبوا على الرئيس السابق حسني مبارك وعلى نظامه الذي كان يطبق كل ما يملى عليه من أمريكا وإسرائيل فأجهر العداء للمقاومة وحاصر غزة وتآمر على المقاومة في لبنان وسعى لعرقلة المصالحة الفلسطينية الفلسطينية و عمل أن تكون القيادة الفلسطينية رهن للكيان الإسرائيلي وحارب مواقف سوريا تجاه مختلف القضايا العربية ولا سيما في لبنان والعراق وفلسطين، حيث جعل من مصر دولة صغيرة لا حول لها ولا قوة. إذا كانت أهداف الثورة في مصر هي قطع العلاقة مع اسرائيل وإغلاق سفارتها وإغلاق خط إمداد الغاز المصري لإسرائيل ودعم حماس وفتح المعابر ودعم الفلسطينين لاسترجاع أرضهم المغتصبة والقضاء على الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية الذي تسبب به نظام حسني مبارك الرئيس المصري السابق، ترى مالذي يريده الفوضويون في سوريا؟!! إذا كانت القيادة السورية تقوم بكل متطلبات الثورة في مصر؟!
إن الإصلاح الداخلي قد بدأ على كافة الصعد الاقتصادية والاجتماعية والحزبية والسياسية والديمقراطية والإدارية والإعلامية، فلقد صدرت المئات من القوانين والبعض الآخر سيكون جاهزا قريباً. بعد هذه القوانين والمراسيم التي صدرت ستكون سورية في أوائل الدول كما كانت في الماضي والحاضر والمستقبل يهتم بها القاصي والداني.
ألا يرغب الشعب العربي والسوري أن تتحرر قبلة المسلمين الأولى في فلسطين؟!!
ألا يرغب الشعب السوري قراراً حرا يقف ضد مخططات أمريكا وإسرائيل؟!
ألا يرغب الشعب السوري اقتصادا حرا ودولة قوية بجيشها وشعبها؟!
ألا يرغب الشعب السوري رئيساً حرا يقف مع الحق رافضاً الذل والإهانة؟!
هل يرغب الشعب السوري رؤساء كأشباه الرجال؟!
أطلب من كل المعتوهين والجاهلين أن يتوقفوا عن تدمير بلدنا وتدمير ممتلكاتنا، توقفوا عن نشر الفوضى ففي النهاية ستبقى سوريا شعبا وقيادة، سوريا العزة والكرامة. لا مكان للمخربين والمتواطئين فيها، وأول الناس الراحلون هم أنفسهم الفوضويون وأسيادهم. دمتم ودامت سوريا حرة أبية بقيادة القائد الكريم بشار الأسد.