news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الأسرة وإصلاح المجتمع ... بقلم : رائد أحمد

يتحدثون عن الإصلاح وكأن الإصلاح في بلد ما، هو مجرد إصدار قانون أو حزمة من القوانين فو الله ولو تم إصدار آلاف القوانين لما صَلُحت أمة و لا  أصبح شعبُ ما حرّا أو ديموقراطيا؟! إصلاح المجتمع لا يتم بين ليلة وضحاها بكلمة من مسؤول أو حتى بأمر من السلطات العليا ولا تعطى الحرية لشعب ما ما لم يولد أبناؤه في بيئة حرة و لا كرامة لمن لا يرضع الكرامة مع حليب أمه ولا توجد ديمقراطية مطلقة وعدالة اجتماعية كاملة لأن الديمقراطية والعدالة والكمال صفات نسبية على الأرض كاملة عند الله عز وجل.


إصلاح المجتمع يحتاج لخطة ممنهجة ويحتاج لسنين عديدة، يبدأ بإصلاح الفرد لذاته سعياً منه لتقويم سلوكه، وإصلاح الأسرة لمجتمعها وبيئتها التي تنشأ بها، علماً أن إصلاح الأسرة المكونة حديثاً فيه ضمان لفرد صالح ومجتمع قوي ومتماسك على مختلف الصعد: الإقتصادي والسياسي والتعليمي والإداري وغيرها. لا أعتقد أن إصلاح الفرد ممكنا إن لم يكن بالأصل فردا صالحا ولأنه من تربى على شيء شاب عليه ولكن ينبغي على الدولة والمثقفين تقديم الوعي لفئات المجتمع كافة عند البدء بتكوين الأسرة.

 

 هذا الإصلاح يبدأ أصلاً من اختيار الشريك وتوفر مجموعة من العوامل التي تؤدي في نهاية المطاف لتكوين أسرة قوية اقتصاديا واجتماعيا. فالزواج هو واجب أخلاقي قبل أن يكون واجبا شرعيا وهو مسؤولية قبل أن يكون متعة وبناء أسرة كريمة عزيزة تنجب أطفالا أحرارا كرماء هو ثمرة الزواج وأساس متين لمجتمع صالح.  فما الذي أراه في مجتمعنا؟ أرى أن الغالبية من أفراد المجتمع يتزوج فقط ليتزوج دون الإدراك بالمسؤولية المترتبة عن هذا الزواج. إن اختيار الزوج المناسب (من حسب ونسب وخلق وجمال ودين) وتوفر العمل المناسب لكليهما وتوفير المسكن اللائق كلها أسباب كفيلة بنجاح الزواج وبالتالي نجاح للأسرة وإصلاح للمجتمع.  

 

إن الكثير من أبناء أمتي يتزوج وينجب أولادا وليس لديهم أي دخل أو مسكن أو أي عمل آخر، بالله عليكم هل هكذا أسرة هي عالة على المجتمع أم لا؟  تعالوا معي نناقش الإصلاح الإقتصادي للأسرة؟ يبدأ هذا الإصلاح من ضرورة التخطيط السليم لعدد الأطفال في هذه الأسرة وهنا لا بد لي من أن أنوه الى تجربة كل من الصين والهند في تحديد النسل والتطوير تعالوا لنرى الفرق بين التجربتين:

 

تعتبر الهند من الدول الأكثر ديمقراطية في العالم فيما تصنف الصين بأنها أقل الدول ديمقراطية (لأسباب سياسية) ومنتهكة لحقوق الإنسان بإتباعها تحديد النسل للأسرة منذ الثمانينات في القرن الماضي. في الهند الملايين من البشر يعيشون في أكواخ وعلى الطرقات ومحطات القطارات ولا يتعدى دخل الأسرة الواحدة بضعة دولارات في الشهر ومع ذلك يتزوجون وينجبون وبالتالي يضيع كل ما تقوم به الحكومة من جهود للتطوير عباء منثورا على الرغم من التقدم العلمي والصناعي الكبير للهند ولكن زيادة السكان الكبيرة تأكل كل خطط النمو والرقي لهذا البلد. أما في الصين (التي كانت شبيه جدا بالهند نهاية القرن الماضي)  

 

نرى ثمرة تحديد النسل هذا التطور الصناعي والاقتصادي والعلمي والتقني والاجتماعي وزيادة في دخل الفرد ونمو الناتج القومي.  فإذا أراد شخص ما الزواج بفتاة ما يتم السؤال عن التعليم وعن توفر العمل الجيد لكليهما، فإذا علمنا أن مدخرات أسرة الفتاة تذهب للفتاة ومدخرات أسرة الشاب تذهب للشاب فما الذي تتوقعونه من بناء هكذا أسرة؟ يأتينا الجواب كما يلي:

 

 الأسرة التي بدأت حياتها بتأمين مسكن لائق يأتي الأبن بمسكن وسيارة وربما مكتب وبالتالي تتركز الثروة الإقتصادية جيل بعد جيل ويعم الرخاء في المجتمع وبالتالي يصبح البلد أكثر قوة ومتانة. فما الذي يحدث عندنا؟ يأتينا الجواب سريعا يحدث في مجتمعنا تشتيتُ للثروة ويقضي الزوج والزوجة حياتهما في سبيل الحصول على مسكن ثم نجد أن الوارثين كثر وبالتالي يخرج الأطفال الى الحياة وتزداد معاناتهم مجددا وهكذا دواليك. إن اليهود سيطروا على العالم بعاملين أساسين أولهما: تركز الثروة الإقتصادية بأيديهم من خلال سياسة تحديد النسل ( الاكتفاء بطفل واحد أو طفلين) وحصرية الزواج فسيطروا على الإقتصاد عصب الحياة وثانيهما: العلم حيث أنجبوا الكثير من العلماء والمخترعين وبالتالي المزيد من الثروة التي مكنتهم من السيطرة السياسية والاقتصادية للشعوب الأخرى.

 

لقد وجدت من خلال ترحالي طالباً للعلم بين هذا البلد وذاك، أن الإسلام مطبقاً في الشرق الأقصى دون إسلام ووجدت عندنا مسلمين دونما إسلام. فاحترام الكبير والصغير، وبناء اسرة متماسكة وبرٌّ بالوالدين وطاعتهم واتقانٌ للعمل وطاعة رؤسائهم والحب لأوطانهم والصدق في القول والوعد كل ذلك تُعتَبر من المقدسات التي يجب التمسك بها. وجدت اهتمامهم بالرياضة والموسيقا والطعام والنظام وإني لأعتبر أن لهذه العوامل الأثر الكبير في تطور هذه البلدان (جنوب شرق آسيا). حبهم لأوطانهم يحتل المرتبة الأولى فهم يفتدونه بالغالي والنفيس وأكبر دليل على قولي هذا هو تداعي اليابانيين لشراء الين الياباني من أجل دعم عملتهم الوطنية لتفادي تداعيها بعد كارثة فوكوشيما الذي تسبب الزلزال والتسونامي بحدوثها. لقد غزت المنتجات الصينية دول العالم قاطبة وستصبح قريبا الدولة المتحكمة بكل شيء على هذه الكرة الأرضية لأنهم استطاعوا أن يبنوا الإنسان والأسرة الصالحة التي يتم توجيهها اقتصاديا وبشكل علمي ممنهج ومدروس. في معالجتها لتطوير الريف الصيني عمدت الحكومة الصينية لتقديم الدعم العيني كالأبقار والحيوانات وتوفير السماد والإشراف المجاني على المزروعات في حين لم تقم بإعطائهم دعماً مالياً مباشرة لأن المزارع الذي يصله المال دونما عناء لا يعمل وإن أراد العمل به لا يكون موجها.

 

اما عن الفساد وهنا سأروي قصة قصيرة كنت أنا بطلها ففي يوم من الأيام كنت أدرس في المعهد الهندي للتكنولوجيا الذي يعد من أرقى المعاهد في آسيا وفي الأيام الأولى للدراسة تعرفت على حلاق. كانت تسعيرة حلاقة الشعر 7 روبيات (بما يعادل 10 ليرات سورية فقط) والذقن 5 روبيات ولكن وبما أنني عربي أخذت أدفع زيادة على هذه التسعيرة. مضت الأيام وأمست أجرة الحلاقة تصل حوالي 40 روبية والتي أصبحت حقاً مكتسباً له. أخذ صاحبنا يرفض أن يعود للتسعيرة المعلقة على جدار حانوته. بالله عليكم ألم أكن أنا مُفسِداً؟ دعونا نبتعد قليلاً عن عواطفنا ونلتزم بالقوانين فهي الدواء الشافي حتى ولو كانت فيها بعض المنغصات لأن القوانين الوضعية لا يمكن أن تصل في يوم من الأيام لدرجة الكمال لأن الكمال لله وحده. علينا تبسيط الأمور لا تعقيدها.

 

في كل دول العالم يوجد الفاسد والمفسد، الراشي والمرتشي ولا حل للقضاء على هذا الفساد إلا بنشر الأخلاق الكريمة وقليل من العدالة الإجتماعية والايمان بالعقاب وأن نتذكر أن الحياة قصيرة والموت عاجلنا "فاعملوا لدنياكم كأنكم تموتون غداً". إن الله سبحانه وتعالى أنزل الشرائع السماوية لتكون قوانين إلهية تنظم الحياة (اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ....) على الأرض وتنشر العدل والمحبة والأخلاق ولا يمكن أن يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.  إن الوطن يحتاج الجميع على اختلاف المهن والتخصصات وللعلم المكانة المرموقة "فالعلم يرفع بيوتا لا عماد لها". الخير في سوريا ولا خوف على المستقبل والإصلاح والتطور ضرورة كما النبتة تحتاج لرعاية وسقاية وضوء وشمس وهي تنمو يوما بعد يوم لتصبح شجرة مثمرة. سوريا هي هذه الشجرة المثمرة التي يشكل جذورها جميع أطياف ومكونات الشعب السوري والتي تغذي القطر العربي السوري بكل متطلبات النمو لكي تثمر وتختضَّر أوراقها شباباً جيلاً بعد جيل لتكون سوريا بلداً قويا شعباً وقيادةً يسوده الرفاه والعدالة، بلداً قوياً بجيشه، باقتصاده، بصناعته وبزراعته وبالتالي يرتفع علم سوريا خفاقاً بين الأمم ويفتخر السوريون بوطنهم وانجازات أبنائه.

2011-08-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد