عندما تزور بخيلا في بيته المتواضع ليس من فاقه ولا حاجة بل من منطلق سياسة عدم التبذير تجد بيته سقيفة واحده سقفها خشبي من أشجار الغابة المجاورة ...
ويستخدم فقط وقت النوم على فراش اقتربت طبقة الأسفنج العليا فيه على تقبيل الأرض وبعض أدوات مطبخ على رف صغير كؤوس وابريق للشاي وطنجرتين من الالمنيوم لونهما مثل لون ابريق الشاي اسود من الخارج وبعض الصحون والأوعية من الألمنيوم المتهالك لان هناك موقد من الحجارة خلف السقيفة للشاي والطبيخ وغرفة الضيوف مقعد خشبي طويل صنع يدوي تحت شجره خارج السقيفة
وكان صاحب السقيفة على موعد مع ضيف لزيارة عمل والضيف هو صاحب شركة تجاريه حضر لاقتراض بعض المال بالفائدة لمواجهة أزمة سيولة في السوق وبعد الاتفاق على مدة القرض ونسبة الفائدة يدخل البخيل الى السقيفة ويتوجه نحو انبوبة غاز صدئه مركونة في زاوية داخل السقيفة ليقلبها ويفتح قفلها ويخرج رزم النقود من داخلها بالعدد المتفق عليه ويضع داخل انبوبة الغاز (الخزنه) اتفاقية القرض ويغلق قفل انبوبة الغاز ويعيد الى رقبته المفتاح المعلق بخيط سميك كان لونه ابيض تحول الى البني بسبب الاحتكاك برقبة المسكين ويخرج بعد ان يخفي الرزم في كيس خضار مصنوع من الورق ويسلمها الى صاحب الشركة الذي وافق البخيل على اعتذاره عن شرب الشاي اما القهوة فهي من المحرمات لغلاء ثمنها....
وأولاد البخيل وزوجته لم يصادف ان لامس جسدهم لباس جديد بل من محلات الملابس المستعملة وبأرخص الأسعار بعد مفاوضات عسيرة مع صاحب المحل الذي يكاد يقول للبخيل خذها مجانا ولا تسبب لي الجلطة
ولكن البخيل لا يحب الغبن فيناوله نصف المبلغ النهائي الذي توصلا للاتفاق عليه و يغادر البخيل متفائلا وكأنه احضر للعائلة ثياب من فرنسا من أشهر الماركات العالمية ولا ينسى ان يمر في طريق عودته على السوق ليتفحص باقي عربات وبسطات الخضار لشراء ما تبقى من خضروات مصابه أو مفعصة وبعدها على اللحام لأخذ القليل من الدهن مجانا والى محل الدجاج للسؤال عن أرجل الدجاج المفيدة لتقوية العظام دون مقابل ويعود الى البيت محملا بما يشبه النفايات ولكن بالنسبة له الحياة تمضي ويجب بذل أقصى الجهد لتوفير المزيد من المال لعثرات الزمن ودائما يقول لزوجته وأولاده أنا اخبىء القرش الأبيض لليوم الأسود وكأن عائلته قد عاشوا يوما رماديا في حياتهم وليس ابيض في ظل أب لا يرى إلا المال هدفا في كل الظروف والأوقات وكل وسيلة للحصول عليه وسجنه في أنبوبة الغاز مباحة وحتى لو عاشت العائلة أسوأ من المدقعين الذين هم أدنى مراتب الفقراء ولا حول ولا قوة إلا بالله