برلمان شعبي حقيقي هو هذا الفيسبوك، تجد فيه حوارات في السياسة والفن والمجتمع، وقضايا الساعة هي التي تأخذ الحيز الأكبر من الحوارات
فموضوع شائك وإشكالي وساخن مثل الربيع العربي يدخل في كل الحوارات حتى لو كانت بوح عاشق.. فيما يكاد ينكفئ موضوع مهم ومصيري مثل الصراع العربي الإسرائيلي إلى مراتب أدنى.. ناهيك بقضايا الناس الاجتماعية وأوضاع الاقتصاد في البلدان العربية.. إلخ.
ولان غالبية مرتادي الفيسبوك هم من الشباب أو الكبار الذين يخبئون في صدورهم قلوباً شابة نجد قضايا الشباب تأخذ حيزاً جيداً سنتوقف عند بعضها لاحقاً.
* * *
في صفحة (آفاق يسارية) نقرأ مادة مؤثرة عن الربيع العربي.
(كما هو الحال لدى علماء الغابات حيث يحددون عمر الأشجار بإدخال مبزل ثم يعدون الحلقات العريضة صيفية والضيقة شتوية، كما يمكنهم معرفة الشتاء القاسي أو الصيف الجاف عبر قياس سمك الحلقة، سيأتي عالم إحصاء ليسأل لم انخفض متوسط عمر السكان في سورية من 48 عاماً في 2010 إلى دون ذلك بكثير في 2011، هل سنقول له إن الربيع في بلادنا أحب شبابها لأنهم مثله فأخذهم معه كي لا يشيخوا أبداً)؟
* * *
الشاعر والمسرحي يحيى جابر من المواظبين على إضافات جميلة إلى صفحته تمتع قراءة الكثير.. نقرأ له هذه المرة نصاً عن انقطاعات الكهرباء المتكررة يمارس فيها أسلوبه الساخر الجارح.. بعنوان (دعاء المساء):
دعاء المساء.. يا قاطع الكهرباء.. ينقطع سحاب بنطلونك بالطيارة.. وتنقطع من الدخان بليلة قصف، وتنقطع من شجرة بأرض مهجورة.. وتنقطع من المصاري بأول موعد مع صاحبتك أو صاحبك.. يا بو نفس قطيعة.. تنقطع من الملح المالح والحامض من تبّولة مازاتك يابلا فكاهة ولامازية يا قاطع الكهرباء إن شاء الله ينقطع شريط صباطك بشي عرس أو حفلة.. وينقطع حيلك مع مرتك أو عشيقتك.. وينقطع زر قميصك بشي اجتماع.. وينقطع نفس أركيلة صوتك..يا رب
عم فكّر أعمل صلاة استسقاء للكهرباء
* * *
من وجدانيات الفيسبوك وهي كثيرة تكتب لميس حسون عن حلم العودة إلى طفولة مرت كحلم، وصدمة العمر:
(صغيرة كنتُ، أتسلّل إلى غرفة أمّي، أرسم بأدوات التجميل لوحة سوريالية على وجهي، أنتعل حذاء أمي ذا الكعب العالي، وأضع منديلها الأبيض كطرحة العروس على رأسي، وأحلم بالفارس القادم على حصانه الأبيض ليحملني إلى عالم الكبار. وهأنذا اليوم أتجنّب النّظر في المرآة بعد أن رسم الزمن لوحته على وجهي.
لكنّ حلماً يراودني بأن أعود صبيّة ( لأجلك.
ياااه.. أضغاث أحلام).
* * *
سبق أن أشرنا إلى موهبة حقيقية لدى البعض في اختيار أقوال لمبدعين وفلاسفة وحكماء.. وبثها عبر صفحاتهم، وهي كما أظن تعبر عن حالات يعيشها هؤلاء غالباً فتاتي على مبدأ الشيء بالشيء يذكر.
تكتب رانيا عباس شذرات ما تقرأ دائماً.. نختار منها:
ـ لقد من الله علينا بثلاث في هذا البلد: حرية التعبير، وحرية التفكير، والمقدرة على عدم تطبيق أي منهما. (مارك توين).
ـ أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين احتلوا وانتصروا، بينما فشل الأنبياء غير المسلحين عن ذلك (نيكولا ميكيافلِّي).
ـ نحن اليوم نفكر أكثر مما نشعر، لذلك أعتقد أننا فاسدون إلى حد ما. (مكسيم غوركي)
حسان يونس
الغاية في الحب ليس الألم أو الفرح ولكن الحب. (طاغور)
لبانة ربيع
أبشع ما في الديمقراطية.. أنها تجبرك على سماع صوت الحمقى.
(جورج برناردشو)
ملك كورية
تبدأ سن الغلاظة عند كل شعوب العالم في الثالثة عشرة من العمر، وتستمر سنة أو سنتين وتنتهي.. إلا عند المراهق العربي، لاسيما إذا كان ابن مسؤول، فإنها تستمر عشرين أو ثلاثين سنة، وقد لا تتوقف إلا بحادث أو بحرب أهلية!
(محمد الماغوط)
* * *
واحة شعر
تكتب سوزانة خليل نصها بحرية مطلقة، تترك للروح مسارب حلم تباغت به القارئ، وفي صفحتها تقدم سوزانة تجربة كتابة حقيقية جديرة بالتوقف حافلة بالدهشة وبالترف اللغوي، وهي من الكاتبات اللائي لم ينشرن كتاباً مطبوعاً حتى الآن، يفاجئك الفيسبوك بطاقات مميزة، بمواهب مخبأة لم نكن لنظفر بها لولاه.. . لنقرأ بعض ما كتبته سوزانة:
* * *
سأتمدد بكامل جرحي على سكينك،لأني ما أحببت سواك، سأعقد قراني على ظلك ...
* * *
أحب أن أتمرغ فيك وأخرج موحلة المشاعر.
* * *
أنا لا أحتمل التأويل
ضائعة في لغتك المفهومة جداً
آخر مرة فتحت تبحث عني
في قاموس شقائك
وجدتني دون معنى
أحب لنفسي أن أجرك وجنونك
نحو تعقلي..
وأحب لنفسي أن تظل بعيدة عنك
وأحب أن أضحك بصوت عال كــَ مجنونة
تعلمت لتوها كيف تصطاد الهواء
بسنارة طيش..!
* * *
لم تتعلم يوماً
أن ترتب أجزائي على حائطك
لذا كثيراً ما كان ظلك يتعثر...
وكثيراً ما كنت أعيد تركيبه
بما يناسب مخيلتي
* * *
يهمس وإذ بي أتساقط جملة وتفصيلا
حسين خليفة