عندما كانت توشك الزوجة على الولادة كانوا يحضرون القابلة الخبيرة في شؤون الولادة والتوليد إلى البيت مع حقيبتها ولوازمها من مقصات لقطع الحبل السري وسوائل تعقيم بسيطة
واليوم أصبح هناك أطباء وغرف عمليات ومعدات معقمه وكمامات ومطهرات وأجواء معقمه حرصاً على الوالده والمولود وربما يستلزم الأمر عملية قيصريه وتبرع بالدم وراحة بالمستشفى تحت المراقبة وحاضنه بمواصفات خاصة مجهزه بالاوكسجين والتدفئة
وكل هذا الانتقال الحضاري في عقود من الزمن بين القابلة والطبيب وبين سرير البيت وغرفة العمليات وفي هذه الأيام الغريب ان الأحداث يتم اصطناعها وتلقيحها وتجهيزها في غرف مظلمة وإخراجها للنور ليشاهدها الجميع دون ان يكون لها أساس سوى تجميع مناظر وأصوات وخدع بصريه يقوم بها فنيي الاضاءة والتصوير والإخراج والفوتوشوب في محاولة الجالسين في الغرف المظلمة تغيير العالم من خلال خداعهم للمشاهدين بأحداث في أماكن معينه لم تحدث أصلاً او حدثت بشكل بسيط ويمكن استخدام حريق مجسم بحجم علبة كبريت وكأن عمارة تحترق كما يمكن استخدام منظر حادث مروري على انه حادث امني
وإذا كان التطور العلمي قد كان ايجابيا في الحفاظ على الأم ووليدها وتخفيف الأم الولادة إلا أن التطور العلمي في مجال تقنيات الاتصال والتواصل قد استخدم في الثانية لزرع الفتن وتأجيج المشاعر السلبية وتغذية الأحقاد وزرع من تم توليدهم في الأرض مرة اخرى
وبدلا من ان يقوم البعض بزرع الأرض بالخيرات لمنفعة أخيه الإنسان يزرع كل واحد الآخر في الأرض بعد ان يرووها بدماء بعضهم البعض والكل يمسك أدوات القتل ويصرخ مستغيثا أنا مظلوم وكيف يكون الانسان مظلوما ويديه تقطر منها دماء آخيه ويحمل أداة القتل المغمسة بدم أخيه ويقول أغيثوني لقد قتلوه
والسؤال من قتل من وممن تطلب العون وبمن تستغيث فلقد صار الإنسان يشاهد منظر الجثث وانعدم لديه الإحساس بردة فعل لان المطلوب من كثرة التكرار ان الأمر غدا عاديا ويمكن أن يتعاطف المشاهد مع حادث قتل في فيلم ولكن كثرة مناظر الدماء على مدار الليل والنهار أصابت الناس بردات فعل نفسيه حتى أصبحوا لا يرغبون بتشغيل أجهزة التلفاز
واذا كنت تقتل لكي تحقق حلما مظلما بالوصول إلى كرسي على أكوام جثث بشر هم من اهلك ولحمك ودمك او دفعك الحقد والغباء والرغبة في الانتقام الى القتل العشوائي وتصرخ بالتحدث عن الانسانية وعن أي إنسانية تتحدثون يا بشر اذا كانت دورة قابيل وهابيل لا تتوقف وتجد المشجعين في كل زمان وأي مكان تحت أسماء ومسميات مختلفة يشجعون على سفك دم الإنسان ويشفقون على الأرنب والخروف والقط وكأن الرفق مطلوب ولكن للمخلوقات الأخرى وليس للإنسان