يدهشني رأي بعض المراقبين للوضع السوري حين ينفون وبشدة المعتد نظرية المؤامرة التي باتت خيوطها الخفية تتبدى للعيان من دون أدنى بحث أو تمحيص.
ونظرية المؤامرة التي بات الكثير منا ينتعلها لم تولد محض الصدفة ولم تكن في يوم من الأيام غائبة عن فلكنا، كيف لا وسوريا تقبع في قلب العالم وتحظى بالموقع الأمثل والمكانة الهامة لكل من يسعى إلى ضمان موارده وحفظ صادراته وبالإستحواذ على كم من الهيمنة والنفوذ.
إذن نظرية المؤامرة قائمة والسؤال الذي يطرح نفسه وبشدة في هذه العجالة هو: ما الأشكال التي تتمثل بها هذه النظرية على مستوى الأفراد؟
بالمختصر نقول...
· حينما يرفع التاجر أسعار بضاعته بنسب تفوق بكثير نسب العجز الحاصل في البلاد فهو متآمر
· عندما يبيع موزع الغاز والمازوت هاتين السلعتين بأضعاف أثمانهما فهو متآمر
· إذا سعى الواحد منا لاقتناء ما يفيض عن حاجته من أية سلعة خوفاً من فقدانها في المستقبل فهو متآمر
· حين نبيح لأنفسنا التلاعب بعدادات الكهرباء بحجة أن الدولة هي التي تدفعنا للإستهلاك المتزايد للطاقة فإننا متآمرون
· عندما نغض النظر عن المسارعة لدفع استحقاقات الدولة من الفواتير أو الرسوم والضرائب نكون متآمرين
· وقتما سارع البعض بسبب إنشغال الدولة بما هو أهم إلى إنشاء عقار أو سلب ما لا يخصه فهو متآمر
· حينما هرعنا لتبديل مدخراتنا من الليرات السورية إلى عملات أجنبية أو ذهب خوفاً من تدني السعر فنحن متآمرون
· عندما يتأخر الواحد منا عن عمله أو يغيب متذرعاً بالحواجز الأمنية أو الإشتباكات فهو متآمر
· عندما نبيح لأنفسنا خرق القانون بأي شكل من الأشكال مستترين بما نسميه بالفلتان الأمني فإننا متآمرون
· عندما ندعي بأننا نغادر عملنا للمشاركة بتجمع ما ونذهب لقضاء بعض حاجاتنا فإننا متآمرون
· عندما نطالب الدولة بلبن العصفور ونقف لنراقب أخطاءها وعثراتها وزلاتها لنكتفي بالنقد الهدام فإننا المتآمرون
· عندما نصدق الأخبار المحلية من قنوات خارجية ونكذب القنوات الوطنية فنحن المتآمرون
· عندما صارت الرجولة تتمثل بشتم رموز النظام علانية لأننا بتنا نخشى من غدر المعارضين ( السلميين ) نكون المتآمرين
· عندما هرب البعض وتخلى ( وأخذ الجمل بما حمل ) لحين هدوء الأوضاع فإنهم المتآمرون
· عندما تطالبنا الدولة بشيء من التقشف محاكاة للأزمة فنفعل العكس نكاية بالطهارة نمسي متآمرين
· عندما يتذرع الشخص فيتنصل من واجباته اتجاه الآخرين لحين أن تهدأ الأحداث يكون من المتآمرين
وعندما...وعندما...وعندما!
أذكركم هنا أحبتي بحادثة سيدنا عيسى اليسوع حينما دخل ساحة صلب السيدة مريم المجدلية التي زنت وتابت وما كان إلا أن تجمعت الحشود لرجمها فخاطبهم قائلاً:
من منكم لم يرتكب الحرام في يوم من الأيام ليبقى ويرجمها...
فما كان من الحشود كلها إلا أن غادرت من غير إبطاء.
وبإسقاط مماثل أقول من منا لم يشارك بالتآمر على الوطن بشكل من الأشكال فليبقى وليطالب بإسقاط النظام...فهل من مجيب؟؟؟