لو سار إنسان ذكرا أو أنثى في الشارع برفقة خمسة من الفاقدين لمسلكية الأخلاق الطبيعية لقال عنه الناس لولاه من نفس الصنف لما سار برفقتهم
ولو سار خمس أشخاص عاديين مع واحد فقط أخلاقه سيئة لقالوا لولا أنهم على شاكلته لما كانوا برفقته وإذا أنجزت مجموعة من الناس مهمة صعبه استأثر بها القائد لنفسه واعتبرها انجازاً صرفاً وخالصاً له شخصياً وإذا حدث خطأ أو تقصير أو مصيبة أو فشل القى باللائمة على غيره أو إذا كان عادلاً ورحيماً وديمقراطياً وضع نفسه من جملة المقصرين وربما آخرهم ولكونهم في موقع المسؤولية فلا احد يخضع للمحاسبة وللتهرب من أي كارثة سببها الإهمال أو التقصير البشري في الأداء ويتم تشكيل لجنه وبعد أسابيع يتم تكليف لجنة رقابه لمتابعة ومراقبة أعمال اللجنة الأولى وبعد شهور ثلاثة يتم تشكيل لجنة ثالثة لفحص مدى أداء اللجان السابقة وكما يقال تبيت نار وتصبح رماد
وإذا كان فقدان عزيز يكون في اليوم الأول نار وفي اليوم الثاني جمر واليوم الثالث رماد فان أعمال اللجان بعد ثلاثة اشهر تتحول إلى بقايا رماد و تضيع الحقيقة بين اللجان مثل ذرات الرماد في الهواء وينسى الناس الموضوع ويصبح في الذاكرة المحنطة مثلها مثل من يطلب حقه عن دم أخيه من خمسين قاتلاً يضيع دمه بينهم وتسجل جريمة قتل جماعي لا يعاقب احد على ارتكابها لأنه لا قاتل محدد فالجميع مشتركين ولكن القانون يعجز عن توجيه التهمة لأي من المتهمين وربما يكون المجرم الحقيقي والمحرض
ومن عمل على إثارة الفتنه خارج الإطار وليس متهما واسمه ليس من بين الخمسين اسما المذكورين في لائحة الاتهام وإذا كانت الفتنة اشد من القتل فلماذا لا يحاسب من يمارسها في إطار القوانين المعمول بها في بلدان كثيرة ويرتكب المزيد من الجرائم بحق ضحايا آخرين ويتسبب في المزيد من الأرامل والأيتام والثكالى وهو مرتاح لأنه فوق القانون وغير خاضع للمحاسبة ولو بحثنا عن الأسباب الجوهرية والحقيقية وليس الشكلية والمزيفة لوجدنا أن الجميع مشترك فالرشاوى خلل يحتاج لراشي ومرتشي وأحياناً وسيط والكل يشارك في الفساد لتسهيل أموره أو توفير وقته أو التملص من المحاسبة ليدفع ثمن أعماله المخالفة للقانون شريك ضعيف معه أو إنسان بريء لا ذنب له إلا انه كبش فداء تم اختياره لتحمل وزر جريمة أو مخالفة لم يرتكبها وفي مثل هذه الأحوال يزداد الانحراف عن الخط المستقيم حتى تصل المجتمعات إلى أفق مسدود ويلقي كل طرف باللائمة على كاهل غيره وكأنه بريء براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام وليس شريكا في الفساد والإفساد ولو كان الجميع على حق فلماذا وصلنا إلى حال الفيل المصاب بعمى الرمد الربيعي لبصيرتنا دخلنا في نفق ضاق علينا حتى وصلنا إلى مأزق لا تقدم ولا عوده وننتظر التغيير الذي لن يكون خارج سياق و أطار خمسة قرون من عباءات سوداء متعاقبة وآي بصيص نور يتم سد الشقوق مصدر الشعاع