(إذا عرفت لغة قوم أمنت شرهم) المقصود في اللغة هنا كل ما يتعلق بالشعوب الأخرى من معتقدات وتقاليد وقيم وعادات وانظمه وقوانين وتاريخ حضاراتهم

أما إذا فسرها البعض على أنها التعلم الأجوف لمعاني الكلمات  بمعزل عن ما يرتبط باللغة وأصحابها فلا فائدة يمكن جنيها من ذلك وتكون قراءه سطحيه لقشور الحضارات الأخرى  وللأسف الشديد فان الشعوب الأخرى هي التي قامت بدراستنا وسبر أغوارنا بشكل مفصل ومعمق  من تاريخ وجغرافيا وديموغرافيا ومعتقدات وعادات وتقاليد وقيم وجميع جوانب حياتنا بما فيها من ايجابيات وسلبيات ونقاط التقاءنا واختلافنا وتناقضاتنا واستطاعوا وبمساعدة من جانبنا ومستندين الى ثقافتنا المبنية على التفكير العاطفي  في تقزيم العناصر المشتركة في امتنا العربية وتضخيم عوامل الفرقة والتفرقة والخلاف والاختلاف ودق اسافين من جميع الأنواع والإشكال والإحجام في جغرافيا وديموغرافيا وثقافة امتنا  

وأصبحنا بين نقيضين البعض منا لا يريد أن يعترف بالواقع المرير ويهرب منه إلى مرآة الماضي لكي يخدع نفسه ويصرفها عن التفكير في إيجاد حلول لتعقيدات وتناقضات الحاضر مثل حفيد باشا  ولكن متسول ولا يريد التنازل عن المظاهر المرافقة  للقب وهي   البدلة والطربوش والعصا   والبعض الأخر يهرب من الواقع الى مرآه عكس الاولى  ويخدع نفسه بمستقبل وردي مثل متشرد يحيا بنفسية رائد فضاء ولا يتابع إلا مسلسلات وافلام الخيال  و لا يريد ان يصحو  من الحلم الجميل وقنواتنا الفضائية تساعد في تغذية أفكار الطرفين البعيدة عن الواقع  علما ان الطرفين بحاجه الى تغيير المرآتين لان الامس مات والمستقبل لم يولد بعد  والحاضر هو الحي الوحيد  وكلاهما بحاجه لمرآه من نوع اخر لانه حتى المرآه المسطحه التي تعطي ابعاد حقيقية تعطيها معكوسة

 ونحن أحوج إلى ان نكون صادقين مع أنفسنا في تشخيص حقيقي لازمتنا بعد غسل المكياج عنها وإزالة الصدأ المتراكم تحت  المكياج عن تفكيرنا  والا فانه اذا كان الفارق الحضاري بيننا وبين الحضارات الاخرى خمسة قرون حتى الوقت الحاضر  فانه وفي ظل تسارع تطور الحضارات الاخرى  فأننا فقط وفي  عدة عقود قادمة  سنجد اننا تخلفنا خمسة قرون إضافية عن الحضارات الاخرى او صرنا من الغابرين وتحولنا إلى ذكرى وعبره للشعوب الاخرى