الطيب يظلم نفسه في الكثير من الاحيان والخبيث يظلم غيره وقد قيل سابقا (اذا اكرمت الكريم ملكته واذا اكرمت اللئيم تمردا ) كما قيل (ومن يعمل المعروف في غير اهله يكن ذما عليه ويندم ) كما قيل (اتق شر من احسنت اليه ) ...
والتجارب تعلم الانسان انه لا يكفي ان يكون طيبا وكريما حتى لا يواجه الاذى ممن احسن اليهم لانه نادرا من يطبق (وما جزاء الاحسان الا الاحسان ) اما الغالبية العظمى من الناس متناسين للجميل او متنكرين او ناكرين له ولفاعله و ما يحركهم هو المال والمصلحة ولا يقيمون أي اعتبار للاحسان نفسه او لفاعله بل احيانا ما تعود الطيبة والكرم بالشر والوبال على فاعلها لان من اعتاد على الكسب السهل وصنبور من المال او الطعام او الخدمات المجانيه دون أي جهد بالمقابل فان نوازع الطمع تتنامى في داخله لانه فاقد للشخصية السوية ولا موازين لحسابات العقل لديه ويمتلك الاستعداد لايقاع الاذى بمن احسن اليه لان الطمع يلغي الضمير
واذا انعدم الضمير وهو الوازع الاخلاقي انفتحت امام الانسان غير السوي جميع الابواب التي تؤدي الى كل الاعمال الخارجه عن منطق العقل ولا يقبلها ضمير حي ويرفضها وينبذها ويحتقرها كل من لديه جوهر الانسان الحقيقي وقد يشعر من لديه ضمير حي بالاستغراب والاستهجان والصدمه من قدرة البعض على الكذب والدجل والنفاق والغش والظلم والتجني على الغير دون ان يشعر بانه اقدم على امر غير عادي بل ربما يشعر بالارتياح لانه نفس عما بداخله من سموم و التفسير الاقرب للمنطق هو ان من يمارس مثل هذه التصرفات قد دفن ضميره ووزاعه الاخلاقي والانساني وما يحركه فقط هو الرادع
فاذا ما امتنع عن ممارسة المسلك السلبي في حياته فليس بسبب الوازع والضمير الاخلاقي وروح الانسانية الحقيقيه بل خوفا من العقاب او النتائج التي قد يحصدها من اعماله ومن يزرع الشوك لن يتذوق حلاوة العنب وحافر حفرة السوء وقع فيها حتى لو مهما طال الزمن ولو استطاع الشرير النجاة او التملص مرة فمن الممكن ان يقع ضحية حفره سبق ان انجزها بنفسه ليقع بها غيره او حفر اخرى انجزها من هم على شاكلته ولدى بعض الشعوب المتحضره سؤال استفساري اذا ما اساء انسان لآخر فان من عانى من الاساءة يسأل المسىء (لماذا تسيء الي ) هل سبق ان احسنت اليك