من كتابي الثالث الموهوبون
أولاً:التَّغَيُّراتُ في مَرحَلَةِ المُراهَقَةِ:
مِنَ المَعلومِ أنَّ سِنَّ المُراهَقَةِ تَبدَأُ بِتَحَوُّلِ الإنسانِ مِنْ مَرحَلَةِ الطُّفولَةِ إلى مَرحَلَةِ الشَّبابِ، فَتَظهَرُ عَلاماتٌ عَلى هَيكلِ جَسَدِهِ ، وتَتَغَيَّرُ مَلامِحُ وَجهِهِ، ويَطرَأُ عَلى صَوتِهِ بعض الخُشونَةِ.
ولِلمُراهَقَةِ ثَلاثُ فَتَراتٍ:
1-تَبدَأُ ما قَبلَ المُراهَقَةِ مِنْ (10-12) سَنَةً.
2-فَترَةُ المُراهَقَةِ مِنْ (13-16)سَنَةً.
3-فَترَةُ المُراهَقَةِ المُتَأخِّرَةِ من( 17-20) سَنَةً.
وتَختَلِفُ أشكالُ المُراهَقَةِ باختِلافِ البيئاتِ والأعراقِ البَشَريَّةِ والظُّروفِ الاجتِماعيَّةِ والأسريَّةِ والثَّقافيَّةِ والتَّربويَّةِ.
ثانياً أهمِّ أشكالِ المُراهَقَةِ :
1-المُراهَقَةُ السَّويَّةُ:
وهيَ المُراهَقَةُ الطَّبيعيَّةُ المُتَوافِقَةُ، فهيَ تَميلُ إلى الاعتِدالِ ويَشوبُها الانفِعالُ، ثُمَّ تَتَوافَقُ مَعَ البيئَةِ في العاداتِ السّائِدَةِ والنَّظامِ المَوجودِ.
2-المُراهَقَةُ المُنطويَةُ:
وهيَ تَتَمَيَّزُ عَنْ غَيرِها بِالانطوائيَّةِ ، فَنَجِدُ أنَّ المُراهِقَ يَنطوي عَلى نَفسِهِ ، وكَذِلَكَ تَتَمَيَّزُ بِالسَّلبيَّةِ والخَجَلِ ، وضَعفِ نَشاطِهِ الاجتِماعيِّ...!
3-المُراهَقَةُ العُدوانيَّةُ:
تتَمَيَّزُ هَذِهِ المُراهَقَةُ بِالعُنفِ والتَّمَرُّدِ عَلى النِّظامِ الأسري، وظُهورِ المُشكلاتِ في البيئَةِ المُحيطَةِ بِهِ .
ثالثاً: السُّلوكُ الخُلُقيُّ عِندَ المُراهِقِ:
غالباً ما يَكونُ النّاشِئُ في بِدايَةِ مَراحِلِ المُراهَقَةِ مُنطوياً عَلى نَفسِهِ، لِفِعلِهِ العادَةَ السِّريَّةَ خطأً ، وذَلِكَ لاقتِرانِهِ بِرُفقاءَ سُوءٍ ، حَيثُ إنَّهُ يَشعُرُ بِلَذِّةٍ انتابَتْهُ فَجأةً دونَ أن يَعرفَ مِنْ أينَ جاءَتْ ، ثُمَّ يَعرِفُ بأنَّ السَّبَبَ عائِدٌ إلى التَّغَيُّرِ الفيزيولوجيّ الَّذي يَطرَأُ عَلى جَسَدِهِ ...
وإذا رأى شابٌ فتاةً ، فإنَّ الهُرموناتٍ تَتَحَرَّكُ فجأةً في جَسَديهِما ، وهَذا أمرٌ فِطريٌّ زَرَعَهُ اللهُ فيهما لاستِمرارِ النَّوعِ البَشريِّ ، ونَظَّمَ تِلكَ العَلاقَةَ الجِنسيَّةَ بِقناةِ نَظيفَةٍ هيَ الزَّواجُ
، فالأمرُ طَبيعيٌّ جِدّاً ، ولَكِنْ هُنا يَظهَرُ دَورُ الدّينِ والأخلاقِ و العاداتِ الحَسَنَةِ في ضَبطِ الأبناءِ ومَنْعِهِم مِنَ التَّفَسُّخِ الأخلاقيِّ والإباحيَّةِ المُطلقَةِ، وتناوُلِ المَشروباتِ والمُحَرَّماتِ وغَيرِها بِحُجَّةِ تَذَوُّقِ اللَّذَّةِ المُحَرَّمَةِ...!
سؤال من الأهمية بمكان ...!!
رابعاً هل مِنَ المُمكِنِ مُصارَحَةُ الوَلَدِ جِنسيّاً؟
مثال:إذا قالَ الطِّفلُ ماما مِنْ أينَ يأتي الطِّفلُ ؟
أحضِري حَبَّةَ حِمصٍ ، ثُمَّ ضَعيها في قُطنٍ مُبَلَّلٍ بِالماءِ وداومي علي سِقايَتِها ، وليساعدك طِفلُكِ ، وبَعدَ أيّامٍ تَجِدينَ أنَّ حَبَّةَ الحِمصِ قَدْ انتَشَتْ ونَبَتَ لَها الجُذورَ وبَدَتْ تَنمو، وبَعدَها تَشرَحينَ لِطِفلِكِ أنَّ الإنسانَ يَنمو في بَطِنِ أمِّهِ مِثلَ حَبَّةِ الحِمصِ ، ثُمَّ يَخرُجُ إلى الحياةِ كَما خَرَجَتْ تَفَرُّعاتُ حَبَّةِ الحِمصِ هَذِهِ...! خامساً : صفاتُ المُراهِقين:
1-انعدامُ الثَّقَةِ بِالنَّفسِ:
أ- بِسَبَبِ تَحَمُّلِ الأبناءِ ما لا يُطيقونَ.
ب- بِسَبَبِ عَدَمِ مُساعَدَةِ الطِّفلِ في صِغَرِهِ عَلى التَّعبيرِ بِحُريَّةٍ عن أفِكارِهِ ، وما يَجولُ في نفسِهِ مِنْ خَواطِرَ .
ت- بِسَبَبِ عَدَمِ إتاحَةِ الفرصة للصِّغارِ في مُخالَطَةِ الكِبارِ والحِوارِ مَعَهُم.
ث- بِسَبَبِ إحراجِ الأبناءِ في مَواقِفَ تَجعَلُهُم سُخريَّةً لِلآخرينَ .
2-الخَوفُ الدائِمُ والشُّعورُ بِالقَلَقِ:
بِسَبَبِ عُيونِ الأهلِ المُراقِبَةِ لَهُ بِحُجَّةِ القيامِ بِواجِبِهم تِجاهَ المُراهِقينَ، فَيُؤَدّي إلى ظُهورِ القَلَقِ والخَوفِ لَدَيهِم.
3-اللامبالاةُ عِندَ المُراهِقينَ: بِسَبَبِ سَفَرِ المُراهِقِ الدّائِمِ في أحلامِ اليَقَظَةِ ، ومِنْ هُنا يَبحَثُ هَذا الفَتى عَنِ الحُريَّةِ المَزعومَةِ، بِسَبَبِ نَقصِ خِبرتِهِم مِنْ جِهَةِ، وبِسَبَبِ قُصورٍ في التَّربيَةِ في مَراحِلِ حَياتِهم مِنْ جِهَةِ أخرى.
4-تَقليدُ حَرَكاتِ الرُّجولَةِ:
وذَلِكَ حَتّى يُشبِعَ رَغبَةً ذاتيَّةً بأنَّهُ أصبَحَ رَجُلاً...!
فَيقومُ بِضربِ إخوَتِهِ الصِّغارِ حَتّى يُثبِتَ وُجودَهُ في المَنْزِلِ بِالقُوَّةِ ، وما شرب الدخان إلا مثال آخر ليدل ذلك المراهق أنه صار في زمرة الكبار...!!
لِذا نَتَوَجَّهُ إلى الأهلِ أن يُراعوا وَضعَ المُراهِقِ ، لأنَّهُ يَمُرُّ في مَرحَلَةٍ حَسّاسَةِ خَطيرَةٍ، وأنْ لا يَقوموا بإزعاجِهِ بِالخِطابِ المُباشَرِ القاسي ، وإنِّما يَتِمُّ التَّواصُلُ مَعَ المُراهِقِ مِنْ خِلالِ مُصادَقَةِ المُراهِقِ ، واعتِمادِ الصَّراحَةِ والحِوارِ الهادِئِ وسيلَةً ، وتَوفيرِ الصَّديقِ الصّالِحِ ، والكِتابِ النّافِعِ ، ومَلءِ أوقاتِ فَراغِهِم بِالدِّراسَةِ والعَمَلِ الجادِّ ، والرِّياضَةِ الجَسَديَّةِ والفِكريَّةِ ، والرَّحلاتِ المُمتَعِةِ ، ولابُدَّ مِنْ قُدوَةٍ صالِحَةٍ تَتَوَثَّقُ بَينَهُما عُرى المَحَبَّةِ والاحتِرامِ يَقتَبِسُ مِنهُ السُّلوكَ الحَسَنَ الطَّيِّبَ .
عَزيزتي الأمُّ عَزيزي الأبُ :
إنَّ ذَلِكَ المُراهِقَ الَّذي يَمتَدُّ طُولاً ، وتَبدو عَضلاتُهُ المَفتولَةُ ، وقَد خَشُنَ صَوتُهُ ، و تَبَقَّلَُ وجَهُهُ ، ورُبَّما وجَدتُماهُ مَرَّةً عَصبيَّ المِزاجِ ، ورُبَّما أخَذَ الأبُ مَوقِفاً سَلبيّاً مِنهُ ؛ لَكِنْ سَرعانَ ما وَضَعِتِ الأمُّ لَهُ طَعاماً التَهَمَهُ بِتَلَهُّفٍ سَريعاً فَهَدَأتْ نَفسُهُ ، وعادَ حَمَلا ًوَديعاً...!
إنَّ هَذِهِ الحادِثَةَ تُبَرهِنُ أنَّ ذَلِكَ المُراهِقَ هو ذَلِكَ الطِّفلِ الصَّغيرِ جَميلَ الحَرَكاتِ واللَّفتاتِ عَذبَ الكَلامِ ، وأنَّهُ يَحتاجُ مَزيداً مِنَ الحُبِّ والحَنانِ والعَطفِ والرِّعايَةِ .
وإنَّ المُراهَقَةَ مَحَطَّةٌ مَرَّتْ ، وسَيَمُرُّ بِها أولادُكُما فَلتَكُنْ مَشروعاً استِثماريّاً ، عُنوانُهُ : الحُبُّ والعَمَلُ فَهَذِهِ المَرحَلَة ُتَرِقُّ بِها المَشاعِرُ ، فَليَتَعَلَّقْ حُبُّهُ بِحُبِّ سامٍ ، وليَبذُلِ العَمَلَ في سَبيلِ هَذا الحُبِّ .