1ـ مرامي القرار و تداعياته :
لقد اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية قراراً قاطعاً وحاسماً ظالماً، و قابلاً للإنجاز الحقيقي و الأكيد ، كما اعتقدت ، يقتضي بإسقاط النظام السياسي الوطني في سوريا، و رحيل الرئيس بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية ، وتدمير الدولة السورية، وتقسيمها إلى دويلات طائفية هزيلة و متناحرة ،مصيرها سيكون كمصير ممالك الطوائف في الأندلس ، وتكون إسرائيل هي الدولة الأكبر و الأقوى و الأقدر على بسط الهيمنة ، ليس على تلك الدويلات الناشئة ، بل و على المنطقة بكاملها ، و بالتالي تقديم تبرير واقعي وعملي قاطع لنشوئها،أي إسرائيل ، على أساس ديني، وهذا لم و لن تستطيعه أبداً، وهي الدولة الوحيدة في العالم ، التي لا تزال هكذا حتى القرن الواحد و العشرين ، رغم هشاشته و بطلانه و رفضه حتى من الغالبية العقلانية من سكانها أنفسهم
و أقول بإيجاز شديد، أن أول من صدق و آمن بالقرار المعلن ، و اعتقد بحتمية تنفيذه على الأرض ، شاء من شاء و أبى من آبى ، هم حلفاء امريكا ، اسرائيل وبريطانيا وفرنسا و ألمانيا...، و الكثير من دول الغرب و العالم الخاضعة ،وحذا حذو هؤلاء الكبار و الاستكباريين الأتباع الصغار المرتعدين من عربان الخليج....،بقيادة المايسترو القطري لجوقة العمالة و الخيانة الماسونية الأمريكية الوقحة ....، حمد ( ينظنظ )التلمودي ، الناشط و الطامح و السابح كثيراً في الخيال ، كحكايا سندباد الأسطوري،وهو يعرف حجمه الصغير جداً جداَ، كما قال الشاعر ، ولو وضعت عقول بني حمد على الميزان ما وزنت ذبابة ....
أيضاً صدق القرار الوحشي و آمن به، و اعتقد بعمق بأنه نافذ لا محالة بالمطلق ، لا بل و رحب وهلل وصفق ، واستبشر خيراً ذاخراً و عاجلاً آتٍ معه أيضاً ، العجوز التركي المتصابي سياسياً والمتعملق عسكرياً ، كالطبول الجوفاء ،و غيره من الأعراب ،و للآسف العرب أيضاً الذين يُؤمرون فيطيعون صاغرين ، فأغلب أعمال الجامعة العربية ، لا بل العبرية، بدليل ما صدر عن هذه الجامعة الرثة العليلة بمرض العمالة أو الخيانة و المذلة و الخنوع المعيب جداً، و التفريط بالحقوق و الكرامة المخزي للغاية و المدان جداً أيضاً، ما صدر عنها من قرارات جائرة و خائنة و باطلة و مشينة ، بحق ليبيا و سوريا وغيرهما ، تنفيذاً لإملاءات أسيادها الأمريكان و اسرائيل و الغرب الاستعماري ....
و للآسف اعتقد هؤلاء جميعاً ومعهم و قبلهم الجار التركي العزيز ،الذي يقوم رئيس حكومته بما سيؤدي حتماً إلى تدمير و تخريب كل ما بناه، هذا الشعب العظيم ، خلال ما يقارب المئة عام...، و الذي كان قد صار مثلاً تطمح شعوب المنطقة للاقتداء به فعلاً....، لكن هذا الحالم بإحياء الإمبراطورية العثمانية، قد أطاح أو يكاد بالمجد و الرفاهية و الازدهار ، أو على الأقل عَرضها للخطر الشديد، بسياسته المرتهنة لأمريكا المتصهينة و الخاطئة ، و ربما هي سياسة هوجاء غير مسؤولة له أيضاً، و ربما الآمران معاً ،الذي نصحناه،أي أردوغان ، باحترام وصدق و صراحة ،سابقاً و لا نزال الانسحاب من حلف شمال الاطلسي ( الناتو) ، لأن مكانه ليس فيه بالمطلق ، وكذلك نصحناه بسحب طلب انضمام تركيا المذل الى الاتحاد الأوربي، الذي يلعب به ويتسلى بالمحادثات و المفاوضات العقيمة التي لا طائل تحتها و لا فوقها ، و لن تصل لخواتمها المرجوة و المرضية بالمطلق.. ، و المسؤول التركي يعرف انها غير مجدية، و لا يرجى منها شيئاً ، لكنه مصر على الاستمرار بالولوغ في العمالة و الجهالة و جنون العظمة ، و على سياسته الحمقاء التي أضرت جداً بمصالح تركيا بشكل يرثى له و يحزن و لا تزال....، فيكفي استجداءً و إهانة للشعب التركي العظيم يا أردوغان فتركيا الحضارة لا تستحق ذلك أبداً و لا بد أن شعبها العظيم سيحاسبك بحزم و حسم حتماً..، و سينتصر لنفسه و لتاريخه و حضارته بالتأكيد .......
أما الذين يؤمنون بالقرار و كأنه / واستغفر الله / تنزيل عزيز حكيم...؟! رغم كل الهزائم و الخذلان و الفشل المتكرر لسياسة الإدارة الأمريكية .... ، لا يزالون سائرين بالنهج والطريق و الأسلوب ذاته ، وكأنهم لا يملكون لا العقول و لا الإرادة ، و لا بالتالي القرار التوقف عن السير الحثيث إلى الهاوية الماثلة أمام أعينهم الباصرة...!! لاعتقادهم باستحالة، أن تقرر أمريكا شيئاً و لا يتحقق في الواقع ، ونسي هؤلاء أو تناسوا أن أمريكا الآن، هي غير أمريكا التي كانوا يعرفون ، الآمرة الناهية الفاعلة ،بما تملك طاقات و إمكانات لا حدود لها ، وكذلك نسوا أو تناسوا، أن العالم الذي كانوا يعرفون الخانع الخاضع الخائف المطيع ،هو غير العالم الوليد الجدير بالاحترام و التقدير الحر، القادر و الفاعل بحكمة ، يوم استفاق التنين الصيني المهيب من نومه هادراً ، ونهض الدب الروسي العملاق من سباته الطويل ، مكشراً عن أنيابه بوجه الوحش المفترس الضاري الأمريكي فأرهباه و جعلاه يراجع نفسه بألم وقهر و إكراه ، ليصل إلى قناعة أو يكاد ، أن العالم اليوم ، عالم متعدد الأقطاب و القوى السياسية و الإنسانية و الحضارية، لا بد أن تسوده الديمقراطية و الندية بين دوله كافة، و أن أكبر من يملك تفوقاً هائلاً بالسكان و الجغرافيا و الاقتصاد و الجيوش الحديثة ، قد استيقظ من رقاده الواعي الجاد و المجدي ، حتى ملك عوامل القوة و الصمود لا بل التصدي و ربما التحدي أيضاً،و حتماً لن يغفل مرة آخرى ...
و أختم أن أغرب ما يجري في هذا العصر ، وهذا الوقت بالذات، هو أن القائد الامبريالي الاميركي يعرف ما يفعل و يعرف حجمه ومكانته و قدرته، و يتصرف وفق مصالحه و مصالح ربيبته اسرائيل خاصة و فقط ، أما الحلفاء فلا يزالون يستطيعون أحياناً اتخاذ قرارهم بالحفاظ على مصالحهم ومصالحهم فقط، أما الأتباع فلا حول لهم و لا قوة ، ولا مصالح معتبرة ، فأنهم إلى الهاوية ذاهبون بالتأكيد و بئس المصير ...، ومع ذلك يصرفون المال النفطي الهائل ، ليس لدعم اقتصاد الأشقاء ، و المساهمة بالتنمية الحقيقية الضرورية و الازدهار المنشود لبلدانهم ....!! بل على تمويل التسليح و التدريب و التنظيم و القيادة، للمجموعات الإرهابية ، و تأمين كل ما يلزمها من أفضل ما أنتجه العالم و أحدثه و أفعله و أمضاه، و يدفعون بهؤلاء المرتزقة الجهلة و المضللين و المغسولة عقولهم تماماً ،و المسلوبة إرادتهم أيضاً ، و هؤلاء بالأساس مجندون من قبل الاستخبارات المعادية ، بدافع التخلف و الفقر و الحاجة لان يكونوا شيئاً ، وليس صفراً أو شيئاً دونياً جداً ،يدفعونهم إلى أرض سوريا الغالية ...
و لكن فليعلم غربان الخليج و عرب المذلة، أن أمريكا ومن معها ، ستقاتل حتى آخر مقاتل عربي و مسلم في سوريا ، الذين جمعتهم من أصقاع الدنيا، و أرسلتهم إلى سوريا، ليبادوا فيها عن بكرة أبيهم ، و يتخلصون من هؤلاء المساكين و إلى الأبد ، منفذة ما لم تفعله بعد الانتصار على الاتحاد السوفيتي في أفغانستان ، فانتشر هؤلاء المجاهدون في العالم العربي و الإسلامي و الغربي ، و عاثوا فساداً و قتلاَ وحشياً ، وذبحا هَمَجياً مرعباً ، ناشرين الفوضى و الهلع بين الناس الأبرياء، ونغصوا عليهم حياتهم وعيشتهم ،مدمرين بذلك ملامح الإنسان الإنسانية السمحاء، و الأنكى قيام أسيادهم الأشرار بإلصاق كل أعمالهم الجهنمية الوحشية القذرة بالإسلام، عبر هؤلاء مدعي الاسلام زوراً و جهلاً أو تجارةً و ارتزاقاً أو الإثنين معاً . لذلك ليعلم القاصي و الداني، أن المعركة بدت محسومة من 5/10/2011 تاريخ استخدام روسيا و الصين حق النقض المزدوج ( الفيتو ) ، كما قلنا في حينه ، وقلنا يومها احفظوا هذا التاريخ جيداً،فمنه و به بدأ يتحدد مصير العالم و نظامه السياسي الدولي ،و يتوقف جدياً وحقاً أيضاً على النصر الحتمي القادم في سوريا ...، مضمخاً بدماء غزيرة من السوريين ،و بثمن باهظ من حضارتها وتقدمها و ازدهارها الباهر ،الذي شيدته خلال عشرات السنين بعرق و جهود و تضحيات شعبها العظيم ،و الأهم في هذا المجال هو أن القاتل و المقتول في الأغلب سوري ، فاعقلوا يا أيها المقاتلون في غير ساحات القتال الوطنية والحقيقية و المشرفة ، ضد العدو الصهيوني الامبريالي الأخطر ...، و ارجعوا الى حضن الوطن الرحب و الدافئ ، إلى سوريا العز و الفخار و الشموخ، سوريا المحبة و التسامح و السلام .
2ـ الأسئلة المحرجة جداً: ولا بد من القول ، أنه لتوضيح بعض الأمور و المفاهيم و الأفكار أيضاً ، في هذه الظروف الأصعب و الأخطر التي يمر بها الوطن بكل تأكيد ...، أن أرجو من العقلاء و الحكماء و المؤمنين، أن يجيبوا على الأسئلة المشروعة و المسؤولة التالية، سلباً أو إيجاباً لأن السؤال لم يحرم ، المهم أن تكون الإجابة إيمانية صحيحة و معللة و صادقة، و لهم أجراً عظيماً ، فكفاكم أيها المنافقون الضالون و المضللون ،خداع الناس و الكذب عليهم و الضحك على ذقونهم ، و قولكم لهم من قتل جندياً سورياً أو رجل أمن أو مواطناً بريئاً موالٍ ، وقتل فمثواه الجنة....، عن أية جنة تتحدثون أيها الأبالسة و التكفيريون ، الذين تكفرون أغلب المسلمين المخالفين لكم، و تحللون دمهم و مالهم و عرضهم...؟! ،إنكم الأشرار القذرون الساعون إلى تدمير إيمان الناس بالله و برسوله و بدينه الحنيف، و تدمير هذا الدين من الداخل ، البريء من آثامكم و أرجاسكم و أضاليلكم و افتراءاتكم الفاضحة....، والله حافظ لدينه و للمؤمنين و لعباده الصالحين ، وهو خير الحافظين رغم أنوفكم أليس كذلك ؟!
و إنني لأطرح هذه الأسئلة العميقة والخطيرة و ربما المحرجة أيضاً ،على أرباب الفقه و الشريعة و علماء و شيوخ أفاضل،و خاصة على غير الأفاضل أصحاب فتاوى الفتنة الجهنمية ، الباطلة الخادعة ، ناشرين الفرقة و البغضاء و الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد ، بالتحريض الطائفي القذر وبالشحن المذهبي الأقذر ، وأدت هذه الفتاوى بالتأكيد الى سفك الدم السوري ، الذي سال غزيراً على أرض سوريا و لا يزال ، وجاءت بالدمار و الخراب الى البلد العظيم أيضاً ، بلد المحبة و السلام و الإيمان...، و يا و يلهم من غضب رب العباد ، ومن غضب العباد... ، فالقصاص حان أو كاد و الله أعلم .......، /و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب/ صدق الله العظيم....
فالسؤال هل يملك أحد في هذا الكون مفتاح الجنة التي يرسلون الناس إليها ؟ لا بل هل يملك هؤلاء ذلك لأنفسهم، أو ضمان دخولهم الجنة الذي يدعون ...؟! حتى الأنبياء و الرسل لا يملكون هذا المفتاح ، لا بل و لا حتى الشفاعة إلا بإذن الله (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) صدق الله العظيم ، رغم إنهم و الشهداء و الصديقون .....موعودون بالجنة ،ووعد الباري حق ...،ثم هل الجنة تكون إلا يوم القيامة ، يوم يحضر العاقلون من مخلوقات الله يوم الحساب و كلٌ كتابه في يمينه ، ويخضعون لحكم الحاكم الأعدل ،و ينالُ كل منهم جزاءه ثواباً أو عقابا،ً فهذا إلى الجنة و ذاك إلى النار ، كما ورد في البيان الإلهي؟! ( كل نفس ذائقة الموت و إنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار و دخل الجنة فقد فاز و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ....) آل عمران /185/ و قال تعالى ( ....وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة و فريق في السعير ...) الشورى /7/ صدق الله العظيم .
فيا أيها الناس، و يا أيها المؤمنون ، تفكروا و اعقلوا واتقوا الله في أنفسكم و في هؤلاء الأبرياء المساكين ..، فالوطن غال و عزيز ، ووحيد ودائم ، و يتسع لكل أبنائه الشرفاء، و معاً سوف يبنون ما خربه أعداء الوطن بالإرادة القوية وبالهمة العالية و بالجهد و الجهاد و بالبذل و التضحية و الإيثار و بالتعاون الفعال ، أكبر عوامل النجاح الأكيدة في إعمار الوطن الجريح ، وفي توفير الأمن و الأمان و الاستقرار و الازدهار في ربوعه ، بقيادة قائد الوطن الحكيم، و كل الشرفاء و المخلصين، وهؤلاء هم شعب سوريا العظيم في الوطن الأجمل و الأغلى ، الذي ترفرف عليه رايات النصر و المحبة و الجمال و السلام الرحماني الرائع....