ابوالعلاء المعري وطه حسين واشباههم ممن عوضهم الخالق بنور البصيرة عن فقدان البصر ابدعوا في سبر غور الكون والتعمق في مجاهيل النفس البشريه وهذا يهدينا الى تفسير بخصوص ابداع بعض السجناء في الكتابة شعر ونثر وفلسفه مع انهم داخل اكياس حجريه مظلمه وجدران بارده رطبه تشبه القبور والفارق بينهما ان السجين يتنفس ويقضي حاجاته البيولوجيه ولكنه معزول عن الحياة العاديه ونور الشمس الدافئه ماديا وليس فقط نور الشمس بمفهوم الحريه
وفي نفس الوقت الذي نجد فيه سجناء باجسادهم ولكن افقهم واسعا شاسعا ساميا عميقا واستطاعوا كتابة ما يعجز عنه الطلقاء وهناك اناس غيرهم سجناء قناعاتهم ويعيشون في عزلة معنويه عن الناس حتى لو كانوا يجلسون بينهم ومن الناس من يعيش في جغرافيا الوطن بيولوجيا ولكن احلامه في مكان بعيد وغيرهم يعيش خارج الجغرافيا ولكن الوطن يعيش في اعماقهم ويثقل على صدورهم لان التعامل معه انه بمثابة الام التي لا تتأثر العلاقة معها الا في زيادة الشوق اليها كلما ابتعد الانسان عن حضنها وهذه ميزة صادقي الانتماء لاوطانهم
ومن الناس من هو سجين افكار سخيفه معششة داخل رأسه ولا يدرك انها خيوط عنكبوت منسوجه داخل موقد مهمل او اطماع انانيه او غرائز حيوانيه او سجين حبه لجيبه او لحبه اللامتكافىء لانثى او حب من طرف واحد يراكم الآهات والتمنيات والحسرات والانشغال بمحاولات يائسه بائسه لكسب رضا المحبوب المفترض الذي لا يعرف عن اشواق الآخر شيء لان الاول حالم بمفرده ولا احد يحاسب الناس على احلامها او تفاؤلها الا بعض من استطاعوا فرض ضريبة على الابتسامة حتى تغدو بحساب والضريبة هي الركض وراء لقمة العيش حتى تغيب الابتسامة او تتحول الى ابتسامة حزينه وتغدو مشوهه واكثر ايلاما على نفوس اصحاب الضمائر من الحزن المصفى
والنتيجه هي ان البصيرة لا علاقة لها بقدرة العيون على الابصار والانتماء وغير مرهونه بالتواجد على جغرافيا الوطن وكم من ابناء مارسوا العقوق بحق الام بعد ان رضعوا من ثديها سنوات واكلوا من يدها عقود وسهرت الليالي على راحتهم وذرفت الدموع على وجوههم شفقة عليهم وهم يتألمون وجعا من سخونة او برد ولكن البر والعقوق امور تتعدى حسابات قابله للتسديد الى الاخلاق والضمير والانتماء الحقيقي وعلاقة الانسان بوطنه هي نموذج مكبر لعلاقته بأمه التي ولدته