- وددت منذ زمن أن أنشر هذا المقال في هذا الموقع مع العلم أنني قد نشرته في موقع الأيهم صالح عام-2005-
هذا المقال الذي كتبته بعد الذي قرأته عن لسان الأمير الحسن بن طلال في العدد /527/ في صفحة (قالوا) في مجلة العربي الغراء حول الصراع العربي- الامريكي اسرائيلي وقد كان وليا للعهد آنذاك .
وذلك بمناسبة عملية أيوب التي زلزل فيها حزب الله الكيان الصهيوني الغاصب و سيدتها أمريكا و أدنابها الحكام العرب و المجموعات المشبوهة تحت مسميات مختلفة , هذه العملية البطولية ذات الدلالات العميقة و الحاسمة لمن يقرأ الأحداث ببصيرته لا بعماها ,و يحلل الأحداث بعقله السليم لا بغرائزه المحمومة .
وكذلك بمناسبة المقاومة البطولية لشرفاء و أبطال غزة للصهاينة المغتصبين بغطاء من أسيادهم الأمريكان وصمت و مناورة أذنابهم الحكام العرب و بدعم من كرام العالم الحقيقيين القليلين .
خاصة و أن الشعب العربي يمر الآن في أحد أكثر الأوقات شدة و صعوبة مما يتطلب منا قول الحقيقة بصدق و شجاعة لثلاث غايات رئيسية :
أولهما : تعرية واقعنا المتردي و أسباب ذلك .
ثانيهما : كسر حالة التشتت و التمزق و التبعية و الضعف الشعبي العربي و التخاذل و التواطؤ و التآمر الرسمي العربي .
ثالثهما : السعي لامتلاك أسباب القوة لأن الحق لن يأتينا من أعدائنا و أزلامهم و لن يهبط علينا من السماء .
و ماورد في صفحة قالوا في مجلة العربي العدد /527/ على لسان الأمير الحسن بن طلال : << إنها ليست قضية منتصر أو مهزوم . . مانحتاج إليه قيام كل جانب باحتواء مشكلات الجانب الاّخر , كي يشعر كل منهما بمواقف الاّخر الخاصة و يتفهمها, إنها ليست قضية عدل ضد ظلم إنها غالبا قضية عدالة ضد عدالة , و مانحتاج إليه هو إيجاد التوازن الذي يرضي كلا الطرفين . >> انتهى .
****************************
- المقال - :إنها ليست قضية شعب عربي و عدو امبريالي / صهيوني , إنها قضية محكوم و حاكم , و مانحتاج إليه التمييز بيننا كشعب
عربي منهوب و محاصر و مخدر و بين زعاماتنا السياسية و الروحية و الفكرية و الاقتصادية , و ما نحتاج إليه إيجاد
علاقة متوازنة و موضوعية بين هذين الجانبين بما يحقق مصلحة المواطن و الوطن , إنها غالبا قضية سلطة تستبيح كل ما في الوطن لمصالحها ضد شعب مستهلك تماما حتى صار عدم التكافؤ لمصلحة أعداء الوطن ( اسرائيل و من أمامها سيدتها أمريكا و من خلفها أدنابها الحكام العرب ) مبررا للأمير و من هم مثله ليقول ما قاله و يروج له و ذلك ليس لأنه الحل الوحيد و السليم لمشاكل الشعب العربي الأساسية و إنما لسبب واضح و بسيط
و هو : التوافق بين مصالح زعاماتنا و مصالح الشركات الامبريالية و اسرائيل , اذ لتبقى الكراسي مستقرة تحت أميرنا ( و من هم مثله ) يجب أن يكون حكام أمريكا و الصهاينة راضين , و رضاؤهم يكون بالحفاظ على مصالحهم في وطننا العربي و باقي الأوطان , و يكون الحفاظ على مصالحهم بالطريقة التي تحكمنا بها زعاماتنا بحيث تصبح المعادلة التالية واقعا :
يقمع الشعب حتى يفقد كل قدراته و قوته و يتوه في صراعاته المتنوعة السخيفة حتى يصل إلى الدرك الأسفل من الضعف و التشتت و بالتالي تصبح اسرائيل كيانا حقيقيا اّمنا لا يأتيه الحق لا من يمينه و لا من شماله , لا من فوقه و لا من تحته .
و إني أتساءل ( و لكن ليس باستغراب ) : بأي من الجانبين وضع الأمير نفسه ؟ . أكيد ليس في جانب الشعب العربي لأنه ليس من سمات رجل السلطة العربي ( صغيرا كان أم كبيرا ) التواضع , أو ( و أعتقد أن هذا الأصح ) لأن زعاماتنا لا يعيرون انتباها لوطن و لا يعطون اعتبارا لشعب , فقد قصد في قوله أن القضية بين جانبين :
الجانب الأول الشركات الامبريالية و ربيبتها في المنطقة اسرائيل .
و الجانب الثاني رجالات السلطة و النفوذ العرب الذين يعيشون الدنيا بأعلى مستويات الرفاه على حساب تجويع شعوبهم و قمعها . و العدالة التي يقصدها الأمير هي اقتسام الغنائم بعدل, و التوازن يكون بالاحترام المتبادل و عدم استهانة الجانب الأول بالثاني و تحقيره علنا كلما حاول أن يحلم قليلا أو يتمطى .
* * * *
لنكن شجعانا ( في القول ) و نسأل الأمير و من هم في جانبه من زعامات سياسية و روحية و فكرية و اقتصادية :
كيف يتشدقون بأنهم القيمون على أوطانهم و على إسلامهم و قد جاء في دستور الإسلام القراّن الكريم : << و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل >> .
هل القوة التي يروج لها الأمير اعتبار الشعب الفلسطيني المطرود من أرضه و الذي لايملك شيئا في وطنه إلا الجوع و المقاومة و الاستشهاد طرفا كفؤا للصهاينة المجرمين الذين يملكون كل شيئ يدمر و يفتك و يبطش ( بارك الله فيك يا تيد تيرنر المخرج الأمريكي الذي هاجم بوش , فموضوعيتك أكثر انصافا من الدماء التي تجري في عروق زعاماتنا) .
هل المقصود بـ (القوة ) في الآية الكريمة أن يأتي الشعب العربي عامة و الشعب الفلسطيني خاصة ( اللذين تعرضا لكل أساليب الفتك الحديثة و المؤامرات السياسية القذرة ) ليستوعبا الطرف الاّخر الذي استباح كل شىء و فتك بكل شىء ما عدا روح الصمود و الاستشهاد عند الشرفاء في هذا الوطن .
هل (رباط الخيل ) أن يأتي الشعب المستباح لعند من استباحه و يقول : << حللتم أهلا ووطئتم سهلا , هاكم ترابنا و ماءنا و هواءنا و كرامتنا , دمتم و دام أزلامكم على أجسادنا و أرواحنا >> .
و أعتقد أن الأمير (و من هم مثله ) لم ينس ما أثبته التاريخ من أن رضى الحكام الأمريكان هو استباحة كل شىء عند الآخرين , فأمريكا قامت على دماء الهنود الحمر أصحاب الأرض الحقيقيين , و كانت تلك بداية الجريمة , إذ تكرر بعدها أسلوب قتل الجماعي في هيروشيما و فييتنام و العراق ……… و لن تكون الربيبة إلا مثل أبيها .
* * * *
مؤكد أن ما قاله الأمير ( و من هم مثله ) له سيناريو من المبررات مثل -الواقع الراهن يميل بقوة لصالح أمريكا و اسرائيل
-السياسة لها تعقيداتها و توازناتها و تكتيكاتها – (و كم قمعت السلطة في الوطن العربي باسم هذه المقولة من مبدعين و شرفاء و مناضلين )
متجاهلين السبب الحقيقي لهذا الميلان . لكن الرد البليغ على هكذا قول و هكذا مبررات هو النصر العظيم الذي حققه الأبطال الحقيقيون في جنوب لبنان على العدو نفسه و بكامل قوته و عتاده , و ما سبق هذا النصر من
تكامل في التخطيط و الإعداد و من ثم نجاح في التنفيذ و أي نجاح ؟ إنه خير تطبيق للاّية الكريمة : << و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ) .
* * * *
يقول الشاعر المناضل مظفر النواب : << إذا كان المثقفون العرب لايتصدون للصراع في أصعب مرحلة نمر بها فلماذا نلوم الجماهير ؟ . >> .
و أقول (و أكيد أن مظفر النواب يعرف هذا نظريا و عمليا ) : إن الزعامات العربية بشتى أنواعها قد قامت بحصار كل المبدعين العرب و في كل المجالات ( فهؤلاء في المنفى و اّخرون اعدموا و اّخرون ابيحت دماءهم و مبدعون اتهموا بالزندقة ) و أوجدت بدائل لهم من أزلامها الأبواق لملء الفراغ و تهميش جوهر القضايا و تعميم الأكاذيب و المظاهر الخادعة و الاستهلاك و الخضوع مقابل شىء قليل أو كثير من رفاه و نفوذ . و أكيد مثل هكذا مأجورين لايمتلكون الكفاءة و لا الدوافع الحقيقية للتصدي و المقاومة , و أعتقد أن الأمير الحسن يعتبر في التصنيفات الرسمية من المثقفين العرب و أنا لا أشكك في ثقافته و لكنني أتساءل هل ثقافته التي يروج لها تمتلك الحلول المناسبة للصراع العربي –الأمريكي الإسرائيلي أم أنه تتوافق مع مصالح الحلف الأمريكي الإسرائيلي – و هنا يحضرني تساؤل كبير أيضا : أيها الأمير (و من هم مثلك )
لم أنتم مثابرون على الترويج للسياسة التي ما برحت تفشل مرة تلو الاخرى ( في كامب دييفد و أوسلو و . . . . . . ) ؟؟!!!!!!!!!!
و لطروحات (مثل السلام العادل مع اسرائيل . .. . ) !؟ لم تكن حصيلتها سوى مذلتنا و قتلنا كشعب و استهانة بزعاماتنا .
لم لا نروج للسياسة التي حققت النصر الإستثنائي على اسرائيل و من أمامها أمريكا ( رأس الأفعى ) في جنوب لبنان و ستحققه على أرض فلسطين مرويا بدماء الأبطال الشهداء و صمود الأبطال الشرفاء .
لم لانروج لسياسة و ثقافة المقاومة بدلا من سياسة و ثقافة الاستسلام تحت شعارات زائفة و مخادعة .
نحن بحاجة لسياسة و ثقافة المقاومة المبنية على إعداد ما نستطيع << من قوة و من رباط الخيل >> و اعتماد العلم و المعرفة (سلاح عدونا ) مقرونا و مرجحا بقوة الحق << و كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله >> و أكيد أن إذن الله هو الحق و الدفاع عنه بصدق و أكيد أن إذن الأمير هو الباطل و التخاذل أمامه .
* * * *
و أخيرا هل انتقلت إلى الوطن العربي قادمة من أمريكا و بريطانيا جائحة طرح الشعارات و الأقوال التي ترضي و تتوافق مع ما يريده اللوبي الصهيوني للوصول إلى الكرسي العالي الذي يتحرك بالتحكم عن بعد .