أيتها السيدات , أيها السادة : أرجوكم أن تسرحوا معي على قدر عقلي , (اي خذوني على قده ) و أنا الذي دلعتني أم أولادي صباح اليوم قائلة لي بكل احترام : أنت مجنون , أنت شيطان .وقد آلمني جدا أن أكون شيطانا فرفضته , لكنني قبلت أن أكون مجنونا عن طيب خاطر . ومع هذا لم أنسى و لن أنسى أن همنا الأول هو أن تنطفئ هذه النار التي تحرقنا جميعا في هذا الوطن الغالي سوريا , و لأني عاجز أن أطفئها , و لن يعيرني أحد من مشعليها و مسببيها والنافخين فيها أي أذن صاغية فسأشطح لما بعد ذلك ,أو لما وجب أن يكون قبل ذلك . وكل ما أرجوه منكم هو أن تسرحوا معي على قد عقلي .
ان الشعب السوري و العربي الآن أمام مشكلتين أساسيتين أولهما راهنة و الثانية مستديمة :
1- المشكلة الراهنة وهي استغلال وحرف الحراكات الشعبية المحقة باتجاه تدمير الوطن
بكل مكوناته البشرية و الطبيعية و الذي يقوم به كل أطراف الصراع داخل الوطن و يشارك
به كل القوى المهيمنة و المؤثرة والتابعة لهما خارج الوطن . وهذه المشكلة مرتبطة
بالمشكلة المستديمة اسرائيل . ولن أشطح في الراهن لعجزي كما اتفقت معكم
2- المشكلة المستديمة : وهي وجود اسرائيل في المنطقة صنيعة للاستعمار المهيمن بزمانه ( بريطانيا سابقا و أمريكا حاليا ) و محروسة بهذه الأنظمة الحاكمة المفروضة علينا بتابعيتها للاستعمار المهيمن بزمانه . وبهذا الخصوص اسمحوا لي أن أشطح .
طالما أن اسرائيل كيان غاصب غير شرعي في فلسطين ( أي عدو لنا كعرب ,وكذلك عدو للمسلمين شرعا ) فان استمرارية وجودها و بقائها مرتبط ب :
1 - تبنيها و دعمها من الدول المهيمنة و العمل على كل ما يحفظ بقاءها (استعمار و مصالح) و هذا طبيعي تاريخيا.
2- عدم مقاومتها من العرب و المسلمين من جهة (تخاذل و استسلام ) و هذا غير طبيعي.و ما حصل و ما يحصل في الواقع أن كل الأنظمة العربية قد عقدت صفقات سلام معها أو سعت لذلك أو أعلنت عن رغبتها به ,أي أن كل الأنظمة العربية قد اعترفت او أقرت باسرائيل كيانا قائما و حقيقيا بأساليب مختلفة بدل مقاومته و العمل على ازالته من الوجود و حيدت جيوشها النظامية عن أي صدام مع اسرائيل
و هنا لب المشكلة و أساسها و الجانب غير الطبيعي فبها بالنسبة لنا نحن الشعوب العربية ,و الأنكى من هذا اعتبار ألأنظمة الحاكمة العربية للدول الداعمة لاسرائيل حليفا و صديقا لنا أو قدرا لا مفر منه , وذلك بشكل علني أو مستتر, وقد صارت اسرائيل فزاعة للشعوب العربية و علاقة للحكام العرب الذين صاغهم الاستعمار المهيمن بزمانه ليضمن استمرار ربيبته تحت شعارات مزيفة أولها تحرير فلسطين .اذن هناك علاقة جدلية للديمومة و البقاء بين اسرائيل و جوهر الأنظمة الحاكمة العربية و الزعامات تحت عباءة العراب المهيمن بزمنه ( أمريكا في الزمن المعاصر ) وهذه العلاقة غير طبيعية و قسرية وتتناقض مع حقوقنا كشعوب عربية نتيجتها من منظور واحد فقط :
أن كل حاكم عربي قد أسس جيشا عرمرما لحمايته وحماية عرشه باسم تحرير فلسطين و حماية الأمة , و قد خص وزارة الدفاع لديه بميزانية هائلة لأجل ذلك (هذا من جانب واحد فقط ). و أقصد بجوهر الأنظمة ارتباطاتها و آلية أدائها أي ليس المهم استمرار الحاكم و انما التبعية .
والآن ما السبيل الوحيد الذي يعيد المعادلة غير الطبيعية (استمرار الكيان الغاصب اسرائيل ) الى سياقها الطبيعي (ازالة هذا الكيان ) و بالتالي هذا المبرر لهذه الأنظمة القمعية لشعوبها و المتخاذلة بقضاياها, أو بالعكس ؟؟!!- هل تتذكرون مفهوم حرب التحرير الشعبية ؟ (هذا السؤال لمن تجاوز ال 40 سنة ) .
- هل تذكرون العمل الفدائي ؟ (أيضا هذا السؤال لمن تجاوز ال 40 سنة ) .
- هل تتذكرون العمليات الفدائية ضد المصالح الصهيونية و داعميها في أنحاء العالم ؟
- هل نسيتم أيلول الأسود ؟! .
- أيها الحكام العرب لقد أخذتمونا الى عكس ما يجب , و أكيد و رغم جنوني أني لا أخص في هذه التساؤلات العباءات الأذناب . بل أقصد بهذه التساؤلات الذين استبدلوا التحرير بتقسيم الوطن و نهبه , واستبدلوا الدبابة بالمرسيدس . و الخندق بالقصور , و التنمية بتراكم الثروات , والمبادئ بالاستهلاك و البطر, وبناء الانسان المواطن بالأزلام الانتهازيين و المنافقين الطبول, و بالتالي السيادة بالتبعية .
- هل عرفتم لماذا استفحلت هذه الأعداد الهائلة من الجهاديين و السلفيين و الارهابيين ؟ .- إنه شذوذكم أيها الحكام الأكابر .
- اشطحوا مع جنوني وتخيلوا لو كنتم أسوياء و صارهؤلاء فصائل فدائية وجهتها فلسطين المحتلة بدل أن يذهب بهم احباطهم والأبواب الموصدة في سبيلهم و الدجالون من طبولكم ليكونوا فرائس طيعة في أيدي أجهزة المخابرات الأجنبية و العربية توظفهم لتحقيق أهدافها و مصالحها دون وعي أو ادراك منهم و بالتالي الى هذا الجحيم الذي يحصدنا بناره معهم ؟؟ كما حصل في أفغانستان والعراق و الآن في سوريا الحبيبة .
- كم كان قد مر على فناء اسرائيل عندئذ ؟ ستقولون :أمريكا لن تسمح لنا , و أنا أقول لكم : لولاكم لما بقيت أمريكا حتى اليوم كما هي الآن, و سأذكركم ب فيتنام وقد كانت أمريكا بعظمتها هي الطرف المقابل ,و سأذكركم بايران وكان الشاه الصفوي البهلوي حبيب أمريكا و اسرائيل و الأذناب العباءات .و سأبقى أتذكر و أذكركم بما فعله حزب الله في صراعه مع العدو الصهيوني و معه أمريكا و حلفاؤها و أذنابها . ولكي نتجب الخلط و نتوخى الحقيقة علينا بالنتائج حيث أن الأمور بناتئجها , و نتائجها تدل على حقيقتها , وليس الكذب و النفاق و الطبول الفارغة (كما أقول دائما ) و الأوهام و الوعود المستقبلية لأنه و عبر عشرات السنين التي سلفت خضع الجميع منا (أنظمة بمختلف أنواعهاو فصائل بمختلف ارتباطاتها و أحزاب بمختلف عقائدها ) للتجربة الحقيقية في الصراع مع الصهاينة و ما ثبت أحد الا حزب الله و الفصائل الوطنية التي التزمت معه و القوى التي وقفت بجانبه . فهل تخالفوني أنه عندما تتحقق الغايات الصحيحة و الأساسية يكون المسار صحيحا و يكون الأجدى التمسك بمن أنجزها و التعاون معه و التأكيد عليه بدل التمسك بما نختلف عليه معه و أقصد هنا حصرا حزب الله .
- حكاية عتيقة : سأل أباه ليكسر صمته المديد : لماذا خرجت عن القافلة و كنت فيها ؟ رد و صفاء عينيه قد ازداد ألقا و حزنا : كنا نطالب بحرب التحرير الشعبية و دعم العمل الفدائي لازالة اسرائيل , وكان المطلوب الغاء العمل الفدائي و اغلاق الحدود أمام الفدائيين
- خلاصة : نحن الشعوب العربية و بعض الشعوب الاسلامية وأيا كان حسم الأمور المدمرة الراهنة , تنتظرنا بعد ذلك معارك شديدة لتوحيد هدفنا الأساسي و هو بناء دول قوية ذات سيادة و استقلالية هدفها مقاومة اسرائيل و القضاء عليها ورفض التعامل مع أمريكا كصديق الا في حال غيرت آلية تعاطيها معنا ومع قضايانا , اسرائيل التي تستغل كل الظروف لتمزيقنا و اضعافنا (من قبل و الآن و غدا و في كل حين ) و امريكا التي تدعمها بكل هذا , ولذلك علينا باحياء العمل الفدائي ضد كل ما له علاقة بالصهيونية دون الاهتمام بالمعايير الامريكية و ما شابه ذلك , واعتماد سياسات واضحة كمفهوم حرب التحرير الشعبية تحت قيادات صادقة وسوية و التحالف و التعاون مع كل من يمتلك المصداقية و التجربة عمليا و على أرض الواقع في هذا المنحى, و عندئذ يكون الوقت الملائم لهؤلاء الشباب المحبطين و التائهين والمتحمسين و لتنظيمهم و تاهيلهم واستثمار طاقاتهم للسعي في أهداف مجدية لهم و لشعوبهم و أوطانهم و لقضاياهم الحقيقية بدل تحويلهم الى قنابل متفجرة تدمرنا و إياهم ..
- هذه خلاصة جنوني الذي يمنحني الحق أن أشطح حيثما يدفعني , لكني أخشى أن أكون بشطحي و شططي هذا قد ذكرتكم بذاك الفقير الذي ذهب و أهله ليخطب بنت السلطان فقال لصديقه الذي التقاه في الطريق : أنا و أمي و أبي موافقون و لم يبقى غير أن يوافق السلطان و السلطانة و الأميرة .