- كثيراما أجد في دوائر الحياة الصغيرة أمثلة توضح وتقابل ما يحدث في دوائر الحياة الكبيرة ,
دائما أجد أن الوطن الكبير يقابل البيت الصغير , و فريق الحكم يقابل الأهل ( الأب والأم والجد والجدة وكل من يساهم في تربية الأولاد ) , وأن الشعب يقابل الأولاد , وأن سياسة الحكم يقابل النظام التربوي الذي يعتمده الأهل داخل بيتهم والمدرسون في المدرسة والعقيدة في الجامع والكنيسة و المعبد و المقر .
فعندما يكون الأهل منسجمين في أسلوب تفكيرهم وقناعاتهم وسياساتهم التربوية لأطفالهم ويعتمدون الأسس الايجابية المبنية على المعرفة والأخلاق والحب ترى البيت نظيفا مريحا , يصير ضيقه سعة ورحابة بصدق واخلاص الأهل , ونرى الأولاد يتألقون بعلمهم ويزدانون بأخلاقهم , تنمو قدراتهم و تسمو مواهبهم ,ويصيرون نافعين لأنفسهم وللناس وقد قال الرسول الأمين : << خير الناس أنفعهم للناس >>.
أما عندما يختلف الأهل برؤاهم وغاياتهم , ويعيشون وفقا لشياطينهم و غرائزهم صراعا دائما دون اعتبار لباقي أفراد الأسرة ,نرى الأولاد مشتتين منقسمين ,وسعة البيت تصير ضيقا وسجنا , ويسود الهدر في كل المجالات ,ونرى الأولاد يضمرون بعقولهم وهواياتهم ويتصارعون فيما بينهم , كل منهم يبرر سوءه ويدين غيره .و يتشتت البيت غرفا وحجرات كل منها توصد بابها على الآخرين .
- كثيرا ما يدق أبواب عقلي و منذ زمان طويل سؤال وقح و موجع :هل بقيت هناك مساحة في جسد وعقل المواطن العربي تتسع لخازوق أضافي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والسؤال الأكثر وجعا ووقاحة : على كم خازوق يجب أن نوضع حتى تفيق عقولنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
في الماضي كانت الأحداث الجسام تلمنا الى بعضنا لكن الحساسية العالية الهدامة لعقول زعاماتنا بكل تصنيفاتهم المادية والروحية ومن يتحالفون معهم أو يديرونهم من غير العرب جعلتهم يستكشفون كل السبل التي تفرقنا و تشرذمنا حتى نصل الى ما وصلنا اليه الآن وكل ذلك باسم زيف من الشعارات الجوفاء الا من نقيضها كالدين و العلمانية والقومية والوطنية والتنمية والبناء و المنعة و الحرية و العدالة و المؤسسات و الأكثر اجترارا من كل هذا التحرر من الاستعمار و تحرير فلسطين , والنتيجة هاهي الآن تدل على حقيقة كل ما فعلوه - زعاماتنا وحلفاؤهم- بكل مااحتكروا من نفوذ ومقدرات الأوطان كاملة والقدرات العقلية والعلمية والتكنولوجية والنفسية الهائلة و استثمارها كلها فقط لديمومتهم بلا أي شرعية أو قانون.
وعندما يختلفون يختلفون على حيثياتهم وتفاصيلهم فقط والنتيجة خراب مدمر للأوطان والناس الأبرياء- صالحهم وطالحهم -عارفهم وجاهلهم – و الخراب حتما سيؤدي الى خلق البيئة المحيطة المدمرة بكل جوانبها الطبيعية والبشرية لتستمر اسرائيل ببناء دولتها المغتصبة جغرافيا في فلسطين المحتلة الممزقة ومعنويا في كل الدول العربية أنظمة وعقولا انتهازية وتآمرية وشعوبا مهزومة ومشتتة , وبالتالي تحافظ الشركات الأمريكية وشريكاتها على مصالحهم في المنطقة وننسى نحن الشعوب العربية أن عدونا الأول والأساسي هو اسرائيل , ويصير كل منا عدوا للآخر وننزف كل ما نملك من قدرات وعوامل قوة , وهذا ليس جديدا لكن وكما يبدو استهلك زمنا أكثر مما خطط له من قبل الاستعمارالمهيمن أمريكا وربيبتها اسرائيل و أتباعها الحكام العرب و أزلامهم و ذلك لسببين اثنين :
- أولهما : انهزام الحليف الأساسي لأميركا واسرائيل في الشرق الأوسط <<الشاه>>أمام الثورة الاسلامية الايرانية بقيادة الامام الخميني وتبني هذه الثورة قضية فلسطين وتحريرها قضية محورية ومركزية ليس في الشعارات الفارغة فقط بل بقرن الفعل بالقول ودعمها المباشر والعلني جغرافيا للمقاومة الاسلامية الوطنية في جنوب لبنان على حدود فلسطين المحتلة وفي غزة داخل فلسطين المحتلة , ومعنويا من خلال وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والمؤتمرات العالمية الفاعلة ومجابهة اسرائيل وتعريتها كأداة استعمارية في كل المناسبات وعلى كل الأصعدة .
وذاتيا بالتركيز على نظافة ونزاهة النظام الحاكم في ايران ولا أقول ديمقراطية النظام رغم أنه يسبقنا نحن العرب بأشواط كبيرة في مجال الديمقراطية والشفافية والدليل على هذا التنامي الذاتي المستقر والمتوازن لايران على الأصعدة العلمية والصناعية والتكنولوجيا العالية والذي جعلها قوة أساسية على مستوى العالم لا يمكن لأحد أن يتجاهلها أو يستخف بها رغم الحصار الطويل الأمد اضافة الى الاستقلالية في القرار والثبات في العقيدة هذا مقابل كل ما يدل على خطايا و كبائر الأنظمة الحاكمة العربية تجاه شعوبها و أوطانها سواء العلمانية منها أو الدينية حيث هدم كل ما هو ايجابي ويساعد على التنمية الحقيقية والقوة الاستقلالية من قانون وثقافة وعلم وتعميم الفوضى والقمع والفساد فوق العادي والاستهلاك واستنزاف القدرات الطبيعية والبشرية .
- ثاني الأسباب التي جعلت أميركا وأتباعها يفقدون السيطرة ويفشلون في تحقيق مآربهم : أن النظام الحاكم العربي الهدام والمرتبط معهم مصلحيا بشكل مباشر أو غير مباشر قد تعلم كيف يحرف المسارات ويوجهها وفقا لمصالحه ويكيل بأكثر من كيل بما يتوافق مع مصالحه حتى لو كان الثمن تدمير كل شيء - كأستاذته أمريكا - والأرضية خصبة لذلك :
أولها : أن يتصرف بمقدرات البلد كاملة كما يشاء تصرف المالك لملكه .
ثانيها : الجهل شبه السائد في المجتمعات العربية والذي هو بالحقيقة نتيجة الأنظمة الحاكمة الهدامة و التي وأدت مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني خلال عشرات السنين ,هذا الجهل الذي يديره و يراكمه عدد من الزعامات الروحية السياسية والاقتصادية المشبوهين محليا وخارجيا والذين هم بجلهم من المنافقين - والمنافقون كانوا اخوان الشياطين- , - والمنافقين أشد كفرا -لأن من يهمه الوطن يعمل لدرء الأخطار عنه ويرفض أن يكون سببا في تدميره ونزفه وخاصة أنه في موقع المؤثر في الحدث .
و حيث أن البناء أساسه المعرفة والمحبة و الصدق والعمل على تكريسهم بكل الوسائل والأساليب ,و حيث أن الهدم أساسه الجهل والفساد والكذب والعمل على ترويجهم و تكريسهم وهذا ما نراه سائدا الآن في كل الدول العربية .
************************
اننا الآن قد تهنا مرتين تهنا عن عدونا الأساسي وعدو البشرية والانسانية جمعاء في القرنين الأخيرين أمريكا والشركات الامبريالية وربيبتها اسرائيل , الذين ربهم مصالحهم والرأسمال الهائل الذي يجنونه كأرباح - والمال اله من عبده لا يستطيع ان يعبد ربا آخر- اقتباس عن السيد المسيح .و هذا التوهان جعلنا نتوه عن قضيتنا الأساسية فلسطين .
وكذلك فقد تهنا عن هدفنا الاساسي في النضال من اجل الوصول الى نظام حكم اساسه القانون والتنمية والنزاهة و المنعة .
تُهنا عن عدونا الاساسي وعادينا بعضنا بعضا و بدل أن نحارب عدونا الحقيقي صرنا نحارب بعضنا بعضا وننزف كلنا جراحا و قهرا << وصار الواحد منا يحمل ضده >> كما قال الشاعر المناضل مظفر النواب وتهنا عن هدفنا الاساسي في تحقيق نظام الحكم الذي يتمتع بكل الاسس الحقيقية الايجابية لنبني وطنا حقيقيا مزدهرا منيعا بشعبه وكيانه خاصة وان شعوب هذه المنطقة الممتدة من الخليج الى المحيط قدمت للبشرية الأبجدية والرسالات والأوابد الخالدة وحصة مهمة ومتميزة من الاختراعات والعلوم والآداب الانسانية ورجال المعرفة واللاهوت والعلوم و العباقرة والقادة الأبطال في الوقت الذي نعجز أن نقدم –الآن و منذ مئات السنوات - أي مشاركة حقيقية فعالة ومؤثرة في الحضارة الانسانية الا حالات فردية مبدعة أغلبها نما في بيئة الاغتراب .
*********************
أكيد أن الحل صار صعبا ومستعصيا طالما أننا مشتتون ومنقسمون وأكيد أن لم الشمل صار بعيد المنال طالما أن الجهل والغرائز هي التي تسود بيننا وأكيد أن التشخيص الدقيق والتحليل الصحيح هو الذي يؤدي الى الشفاء الأكيد شريطة توفر الدواء وخطة العلاج المناسبة ولذا فأنني أقول وعجزي أوسع من قدرتي وشكي أثقل من يقيني وأملي أضيق من أماني على كل من هم ضمن الدائرة المؤثرة جماعة أو أفراد أن يعيدوا ويصححوا توجيه البوصلة :
- أولا عدونا الأساسي الخارجي هو النظام الأميركي المسيطر والربيبة اسرائيل , هذا هو عدونا عندما نريد أن نحارب ونعارك بدل أن يتحالف بعضنا معه . وهذا العدو يدل على حقيقته بنتائج سياسته في المنطقة منذ عشرات السنوات وهو الذي يكيل بكيلين دون خجل أو حرج , فمن يريد أن يبني وطنه عليه بالحد الأدنى أن يرفض التعاون مع عدوه الأساسي وكل هذه الأنظمة في المنطقة العربية ذات تحالف مشترك مع اميركا أو غير مباشر مع أميركا واسرائيل وأتباعها الآخرين , فبدل أن ننقاد لسياسة الأنظمة الحاكمة والهدامة لشعوبها وأوطانها ونحرف أنظارنا عن عدونا الأساسي باتجاه آخر كايران التي هي الدولة الوحيدة في العالم التي قرنت قولها بفعلها بخصوص اسرائيل المحتلة و كذلك حزب الله الذي هو الفصيل العربي الوحيد الذي استطاع أن ينتصر أكثر من مرة على اسرائيل عسكريا ودبلوماسيا و تقنيا واستطاع أن يعيد الأمل الى روح الشعب العربي المهزوم عبر مئات السنين منذ عصور الانحطاط الأولى وحتى عام 2000
واستطاع أن يكون الند الحقيقي في وجه أميركا وإسرائيل بمشاركة بعض الفصائل العربية المقاومة في لبنان وفلسطين وسوريا و بدعم مباشر و صريح و متكامل من ايران , وما زال حتى الآن هو الفصيل الوحيد الجاهز والقادر على ذلك و الدليل الحاسم على ذلك أن اجهزة الكيان الصهيوني كلها تتابع كل ما يتعلق بحزب الله بجدية عالية دون كل الأجهزة العربية الأخرى .
هذا اتجاه صحيح للبوصلة يجب ألا نحرف أبصارنا وعقولنا عنه و قد قال الشاعر المناضل مظفر النواب : << كل بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة >> .
وليس من مصلحة السوريين ولا العرب ولا المسلمين أن يغفلوا عن هذا حتى لو كان هناك تحالف استراتيجي على أكثر من صعيد بين ايران و حزب الله مع النظام الحاكم في سوريا خاصة فيما يتعلق بقضيتنا الرئيسية فلسطين و الهيمنة الأمريكية بالمنطقة ,فهذا لا يمنع أن يكون حزب الله داعما للنظام الحاكم في سوريا في كل ما هو ايجابي وبناء وهذا ما تقتضيه المصلحة القومية العربية و مصلحة الشعب السوري و العربي.
لنعد الى التاريخ عندما فتح المسلمون وفتحوا مكة و خاطب النبي العربي الصادق الأمين المسلمين لأجل قضية الاسلام : <<من دخل مكة فهو آمن ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن >> . رغم ما عانى المسلمون من بني أمية وأبي سفيان آنذاك , فكيف اذا كانت القضية التحالف ضد العدو الأساسي لنا نحن الشعوب العربية و لصالح القضية المركزية فلسطين.
هذا ما أريد أن أقوله للعاقلين المؤثرين وللناس المعارضين لكل ما فيه الخراب و الدمار لسوريا الحبيبة - و أنا واحد منهم و ذلك منذ عشرات السنوات و قبل الكثيرين ممن ركبوا الموجة الآن انفعالا لا وعيا - .
ثانيا ما أريد أن أقوله لكل السوريين أصحاب العقول اليقظة والضمائر الصاحية والوطنية الصادقة : أن يعمموا حقيقة أن المسلم السني ليس عدوا للمسلم العلوي وأن المسلم ليس عدوا للمسيحي وصفة الايمان والكفر ليس لأحد من البشر أن يطلقها على آخر فهذا اختصاص الله ,والمؤمن الحقيقي لا يتطاول على اختصاص الله ,والله وعبر كل الأديان كان لكل البشر المؤمنين وغير المؤمنين والله سمح للناس بالايمان والكفر وهو من يحاسب الجميع :<<فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر >>هذا كلام الله , وكل من يدعو إلى عكسه أو نقيضه تحت أي مبرر فهو يخالف الله وبوصلته هنا تشير إلى الاتجاه الخطأ .
ان على المؤمنين والعاقلين أن يرفضوا اتباع كل من يدعو إلى عكس كلام الله والى القتل والذبح والهدم والدمار والتشرذم من أي طرف كان بل عليهم كمؤمنين أن يرفضوها علانية هم و كل الناس الشرفاء و وبذلك نفوت الفرصة على كل الأطراف المحلية والخارجية الذين يريدون تفتيت الوطن وتقسيمه وتدميره للحفاظ على مصالحهم فقط مهما كان الثمن , فكل من يعمل للقتل والتدمير والتقسيم أيا كان ومن أي موقع ومن أي مكان لا يختلف عن من يسلك ذات سلوكه ,والغاية في هذه الحالة تحقيق المصالح الضيقة وليس الوطن القوي والشعب الواعي إذ أن الصراع هنا انحرف عن كونه لأجل الله الوطن والناس الى صراع ناره داخليا التعنت و الجهالة , وخارجيا مصالح المحاور .