إن حرية الفكر والاعتقاد عند شبابنا
من أولى الحريات، وهى تشمل حرّية كل فرد في الإيمان بما يشاء من آراء وأفكار أو
عقائد طبقاً لتفكيرهِ الذي يعود أيضاً إلى ظروفه وثقافته.
وكل محاولة لكبت حرية الفكر لا يمكن تفسيرها إلا بالرغبة في استعباد الإنسان
وتسخيره تبعاً لإرادة الحاكم، لأن معناها هو إفقاد الإنسان القدرة على اتخاذ قرار
أو تحديد موقف أو الإيمان بمبدأ.
وفي الوقت نفسه فإن حرية الفكر والاعتقاد تتطلب، بالضرورة، توفير حرية الوصول إلى الأفكار من الصحافة، أو الكتابات، أو الإذاعة.. إلخ. لأن الإنسان لا يبلور أفكاره إلا بفضل اطلاعاته وثقافاته وتوفير الكتابات بكل أنواعها، بل وتوفير حريات كالاجتماعات التي تلقى فيها المحاضرات أو المعاهد والهيئات التي تعرض أو تدرس أفكاراً بعينها. وأن تكون حرية الفكر هي قاعدة الحريات الأخرى لا ينفي ارتباطها بالحريات الأخرى، فهي تفتح الباب لها. ولكنها في الوقت نفسه لا يمكن أن توجد في مجتمع الانغلاق، وهذا أمر طبيعي، فالحريات تتفاعل بعضها مع بعض وكل واحدة منها تأخذ، وتضيف، تؤثر وتتأثر، بالحريات الأخرى. من هذا المنبر نطّلع على ما كتبهُ شبابنا الفيسبوكي. بدايةً مع المحامي الذي أبى إلا أن يهدي رسالته القانونية إلى وطنهِ، إنهُ الشاب تمّام نصر ديوب:
إلى وطني حيثُ الشتاء طويل لا ينتهي، والأعياد تأبى إلا أن تأتي متشحة بثياب الحزن، إلى وطني حيثُ السماء تبكي لتغسل شوارعه من الدماء التي تتدفق كينابيع، إلى وطني الذي يلاقي العيد متوضئاً بدموع أمهاته ومتعمداً بدماء شهدائهِ، إلى وطني الذي يصرخ بأبنائهِ ليسحبوا سيوفهم من جسدهِ ويكفوا عن تمزيقهِ حتى أصبحَ ككتاب تبكي كلُ صفحةٍ فيهِ الصفحة الأخرى.. اليوم أعاهدكَ أنني سأوقد شمعةً وأذهب باحثاً عنكَ لأنحني أمامكَ وأمسحَ الدماء عن جبينك، لأن موتكَ هو موتنا. إليك وطني أهدي كل شيء.. روحي.
آمنت بالحرف ناراً لا يضير إذا كنت الرماد أنا أو كان طاغيتي!
كتب الأستاذ إسماعيل خليل:
غداً سأموت.. لا شيء يحمينا من هذه الخاتمة لا
السيف.. ولا العرش ولا الحاشية.. غداً سأموت على يد القدر، أو سيغتالني أحد
البشرْ.. لا أدري.. ولكن كل ما أعلمهُ أني سأبقى لكم أثرْ.. كلماتي الآن تُحتضرْ
فابقوا لها زيتاً وناراً.. فإذا رحلت يوم ميلاد الحياة، فاعلموا أنكم تستطيعون
تغيير ما لم أستطع.. لم يبقَ إلا بضع خطوات لأعبر بوابة الزمن.. وهاهنا طفلي الرضيع
أسندت رأسهُ للكتاب وأسلمتهُ قلماً.. فعلّموه كيف ينمو رادعاً للظلم.. للطغيان..
أمامكم أذوي كنجم الشتاء.
قم يا صلاح الدين، قم حتى اشتكى مرقده من حوله العفونة.
الرسام مازن عكاري كتبَ: إن لمْ نحيَ على هذه الأرض بكرامة، فمن الأفضل أن نعيش في
باطنها.
الشاب عروة وردة كتبَ: حكمتان لا تنساهما أبداً وأنت في قمة الغضب.. لا تَتخِذ
قراراً وأنت فِي قِمّة السعَادة.. لا تَعِط وعداً.
الشابة هبة الأحمد كتبت: قلبي يا صديقتي! مدينةٌ مغلقة.. يخاف أن يزورها ضوءُ
القمر، يضجر من ثيابه فيها الضجر.. أعمدةٌ مكسورة.. أرصفةٌ مهجورةٌ، يغمرها الثلج
وأوراق الشجَر.
الشاب وضاح شرتوح: أحياناً الصمت أجمل موسيقا في العالم.. تعبت سماء الوطن من
الرصاص يخترقها.. تعب تراب الوطن من دماء أبنائه تسيل وترويه حقداً لأجيالٍ
وأجيال.. تعبت صدورنا من الاحتماء بالأرض، وتعبت ظهورنا من الالتصاق بالجدران،
وتعبت أرجلنا من الجرْيِ في الأزقة الضيقة هرباً من الرصاص.
الشابة واحة ليلى تكتب: ما هي قراراتك للعام الجديد؟في بداية كل عام، الكثير منا
يتجه نحو بداية جديدة، ويفتح في كتاب حياته صفحة بيضاء لعلها تكون ناصعة، يضع عليها
ما يريد إنجازه وتحقيقه. فننظر إلى العام الجديد لعلهُ يكون بدايةً لحب جديد، أو
عمل مثمر، وابتسامة حقيقية. والكثير من القرارات والأماني والأحلام بجديتها أو
بساطتها تبدأ مع عامنا الجديد.
نيرون مات، ولم تمت روما..
الشابة شهناز المير كتبت: كل الحزن الموجود.. رغم الألم في القلوب. الأمل.. الأمل..
لسه في أمل.. كل سنة.. والإنسانية.. بخير!.
جريدة النور السورية