عندما نسبغ على الذي يقوم بتفكيك عبوة ناسفة، وسط سوق شعبي، يرتاده القاصي قبل الداني، لقب عنصر من ميليشيات عصابات الأسد، أو ندعوه بالشبيح الأسدي المجرم، بينما نسمي الذي قام بزرع تلك العبوة في المكان ذاته، بغية الفتك بجميع من يؤم ذلك السوق بالبطل المغوار ... نكون قد أبلينا بلاءاً حسنا، وصرنا ثوريين - بلا فخر -!!!
عندما نفاخر بارتباطنا مع كل من وصمه الآخر بعدو الإنسانية، ونتباهى - جهاراً نهاراً - بدعمه لنا وجعله قدوة نقتاد بها، وسط غمغمة دولية لا تأخذ بالحسبان من يؤجج لهيب الأتون الذي شاؤوا أن يزجونا فيه - تنفيذاً لأجندة رسموها بدقة - للنيل من عصبة أرقت منامهم، فصار من الضروري التخفيف من وطأتها بكافة السبل والطرائق المتاحة والمبتكرة ... وفي هذا الحال نكون قد وصلنا لمرادهم من دون أدنى خجل أو وجل.
عندما نقوم ببرمجة الإنتحاري تلو الآخر، مبتهجين في تفخيخ أجسادهم، ومتباهين بجعلهم
يحملون كمية مرعبة من الدمار والموت - لجهة بعينها - مستغلين غياب الوعي لدى هؤلاء
المضللين، بعد اللعب على وتر بوتقة تعاليم ديننا الحنيف كلها، لنجعلها مطية في سبيل
اشباع نزوة جنسية، ضاربين عرض الحائط كافة القيم والمثل الأخلاقية والإنسانية التي
ربّانا عليها رسولنا الكريم، وهل بعد هذا غير السخط والجفاء - من الله - على أمم لم
يرعووا لتعاليم خالقهم، بل بدلوها بنقيضها، فأصبحنا ومن دون أن ندري من حزب الشيطان
على الأرض.
عندما نربي الأطفال فينا ونعلمهم على كيفية جز رؤوس الناس من على الأعناق، متبخترين
بهذا الفعل الذي تقشعر له الأبدان، ويبوء فاعله يغضب من الله والناس أجمعين، فنبين
ذلك العمل للعالم بأنه إنتصار مبين، من دون أن يلجمنا أي وازع أخلاقي أو رادع ديني،
فنكون بهذا الإجرام نؤسس لمستقبل زاهر، ننعم به في القادم من الأيام وفق تشريع لا
يمكن تسميته سوى بشريعة الغاب، حينما نمسي في الوقت نفسه بالجلاد والحكم.
عندما يضع النذر اليسير من الشعب السوري العظيم، كافة القوانين والأعراف الكونية
وراء ظهورهم متذرعين بالأزمة التي حاقت بهم، وليعتلوا بذلك سدة النصب والإحتيال،
ويشرعنوا كل ما كان من الضوابط والتشريعات لخدمة مصالحهم الضيقة، فيحللوا الحرام
... ويحرموا الحلال، ولا يخشون في الله لومة لائم، وبهذا مكون في مصافي الناس.
عندما نركن لساعات طوال، نستجمع فيها مهاراتنا، وحنكتنا .. لاختلاق البدع والأعاجيب
عن حكايات وقصص من نسج خيالنا، نسقطها على حال قد ألم بنا وبفعلنا، لنظهره بشكل
مغاير تماماً عما هو، فنستثمرة في سبيل إطالة زمن المعاناة أو تأجيج لهيبها،
مستغلين سذاجة المتلقين لمثل هكذا فبركات، وموقنين بأن الجموع المغيبة ستؤازر
مسعانا، كيف لا وقد خبرنا فنون وتلافيف اللعبة، وحفظنا طرق التفعيل عن ظهر قلب،
ولنقلب المشهد ليصبح على أحد إحتمالين:
الاحتمال الأول: مجزرة عودناكم أن يكون أبطالها ومنفذوها رجالات النظام
بالصوت والصورة، والضحايا - كما تعلمون - من المدنيين البرءاء، وغالبيتهم من النساء
والأطفال الذين لم يبلغوا مرحلة الحلم، ينتشلون من تحت الركام وسط كثير من العبث
والخراب المهولين.
والاحتمال الآخر: هجوم عظيم لعتاولة الثورة، الذين ما برحوا أن يكبدوا أعداء
الشعب السوري خسائر لا تعد ولا تحصى في العدد والعتاد، بعدما أن دمروا الكثير من
المقار والمعدات .. وحصلو على الكثير الكثير من الغنائم والأرباح.
ذلك ما يذاع على أثير الفضائيات المشؤومة... ويستشهد عليه بشهودهم العيان، الذين
طفقنا من الحديث عن ماهية العمل المنوط بهم، يحصل ذلك كله من دون أن يرصد شيء على
أرض الواقع، ألا تعتقدون معي بأننا بتنا اليوم مزلزلين لعروش جهابذة الصهاينة،
نتيجة هذا الفعل الذي قد تفوقنا عليهم فيه.
عندما يتكشف اللثام، عن دعم لوجيستي لقوات الكيان الغاصب، لجهة ضد أخرى على الثرى
السوري، بمباركة عربية وربما يكون بطلب عربي، ومن دون أدنى اعتبار للقوافل من
الشهداء الذين رووا تراب الوطن بدمائهم الزكية، رفضاً للتواجد الصهيوني الذي يدنس
الكرامة ويمحق الإنسان، لنكون بذلك قد وصلنا لنهاية المطاف.
أحبتي في الله - وأخص بالذكر أولئك الذين طفقوا مما ألم بنا - أرغب في تذكيركم بهذه
العجالة، بهدي من هدايا رسولنا الأعظم - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - لأمته،
حيث قال:
"أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، إنما عذابها في الدنيا الفتن
والزلازل والقتل والبلايا ".الراوي: أبو موسى الأشعري، المحدث :الألباني، المصدر:
صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم : 1396.خلاصة حكم المحدث: صحيح.
والحمد لله رب العالمين...