قد تستطيع أن تعيش بلا أم دون أن ينقصك شيء ... ولكن هل تستطيع أن تعيش بلا وطن ؟!!؟
لعل سيد الخلق ونبي الأمة خير مثال لإنسان يتيم عاش بلا أم وعلى الرغم من هذا فقد أثبت وجوده وصار علماً من الأعلام .. فاليتيم لن يعدم حضناً دافئاً يضمه أو صدراً حنوناً يمنحه الحب والحنان ..
ولكن أرأيت أولئك الذين يعيشون بلا وطن إنهم لن يعرفوا معنى الوطن في أي أرض في الوجود .. ولن يجدوا أرضاً تضمهم كما الوطن ..
صحيح أن الأم حملتنا ووضعتنا وهناً على وهن ... وسهرت وضحت وأعطتنا كل ما تستطيع لنكون سعداء ولكن الوطن لم يعطنا الهوية والأصالة فحسب بل منحنا الحياة بهوائه .. وزودنا بالقوة والنشاط وكبرنا وترعرعنا على خيراته ودرجنا بطفولتنا في ملاعبه وحدائقه ونهلنا شتى العلوم في مدارسه وجامعاته ... وحين مرضنا وجدنا الدواء والشفاء في مستشفياته ومراكزه الصحية ... وعشنا الحياة بحلوها ومرها تحت سقفه ..
ربما يجد الإنسان متعة ورفاهية أكثر في غير وطنه ولكن أبداً لن يذوق طعم السعادة والطمأنينة هناك ولعل أولئك الذين اضطرتهم ظروف الوطن للهجرة يعيشون هذا الشعور ويعرفون أن الوطن سيبقى عز الإنسان وكرامته مهما كانت الأحوال ويبقى أماً تلمُّ أبناءها تحت سقف واحد ولعل هذا ما يسعى إليه أخوتنا في فلسطين السليبة ليستعيدوا وطنهم وهويتهم وكرامتهم .
فلا حياة للإنسان بلا وطن كيف لا وهو الأم التي فتحنا عينينا عليه وضمنا بين ذراعيه وغرس فينا حبه ليبقى فينا مدى الحياة .