لن استطيع وأتجرأ - في هذه العجالة - أن أدعي بأنه يمكننا من إناطة اللثام عما جرى في الساعات القليلة الماضية، لحظ أضاء ليل دمشق، ودوت في أرجائها أصوات لم نعهدها من ذي قبل. لنكشف ما قد حصل، ونجليه، لنقوم بعرضه على المتتبع حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود من الليل.
كثرت الأحاديث والتأويلات، ولم يبق - فيما مضى من الوقت - من أحد إلا ودلى بدلوه على الشكل الذي يريد، وبالعبارات التي تخدم ما أضمره في خلده، ليوظف الحالة في خدمة ما يصبوا إليه، أو لتظهره كالمتبصر الذي لا ينقض أو ينقد رأيه.
بتنا نسمع ممن ركنوا إلى ( ميكرفونات )، أو نقرأ على صفحات من لامست أنامله أزرار ( الكيبورد ) الكثير الكثير من التحليلات، والتعليقات، التي ترينا بأن مطلقها وكأنه - أبو زيد الهلالي - في الساحات.
لذلك لن أدلو بشيء مماثل على هذه الصفحة، لأني متيقن من أنه حين تغيب المعطيات لا جدوى من التحليلات! وأكتفي لأستعرض وحضراتكم الكرام بعض الأسئلة التي باتت تدور في ذهن كل واحد منا، ومحاولة ايجاد الإجابة بالإسقاط عما قرأناه في الماضي من الأيام، بصورة علمناها من كيفية استنباط أحكام بعض التشريعات الدينية بالقياس، والذي يعد المصدر الثالث من مصادر الشريعة الإسلامية السمحة.
السؤال الأول: هل سيصلنا من القيادة السورية تقريراً عما حدث؟
الجواب: عندما اسقطت الطائرة التركية في المياه الإقليمية السورية، لم يصدر بيان من القيادة السورية حتى اعترفت تركيا بالحادث، وبالقياس لن نسمع تصريح رسمي من القيادة السورية حتى يعلن الكيان الاسرائيلي بيان رسميا عما أقدم عليه.
السؤال الثاني: هل كان ما حدث مقدمة لشيء أكبر؟
الجواب: تعودنا من الكيان الصهيوني، أن لا يتورط بعمل مباشر من دون أن يبوتقه في مخطط مرسوم بحرفية، تكون أهدافه أكبر مما يرمي إليه مثل هذا الحدث العابر .. فضرب معسكرات المقاومة الفلسطينية في عين الصاحب كان ذريعة لتحجيم تواجد معسكرات الفدائيين على الأراضي السورية، وكان ضرب ما سموه المفاعل النووي السوري - في الكبر - عام 2007م، جاء لكي تستباح الدولة السورية من قبل لجان المراقبة الدولية.
السؤال الثالث: هل حقق العدوان أهدافه المرسومة؟
الجواب: أستذكر واياكم ما قد ورد عن رسولنا الأكرم فيما روته السيدة عائشة - أم المؤمنين -:
هب النبي صلى الله عليه وسلم من نومه مرعوبا وهو يرجع! فقلت: ما لك يا رسول الله. فقال: سل عمود الإسلام من تحت رأسي، فأوحشني .. ثم رميت ببصري، فإذا هو قد غزا في الشام. فقيل لي: يا محمد، إن الله تعالى قد اختار لك الشام ولعباده، فجعلها لكم عزاً، ومحشراً، ومنعةً، وذكراً. من أراد الله به خيراً، أسكنه الشام وأعطاه نصيبا منها. ومن أراد به شراً، أخرج سهما من كنانته - وهي معلقة في وسط الشام - فلم يسلم في الدنيا والآخرة.
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:ابن عساكر - المصدر: تاريخ دمشق - الصفحة أو الرقم: 1/112
خلاصة حكم المحدث: [فيه سعيد عن عائشة وروي] عن عروة عن عائشة وكأنه الصواب !
بعد كل ما جاء بهذا الحديث الشريف، هل يمكننا بأن ندعي أن العدوان حقق أهدافه؟.
السؤال الرابع: هل سيؤثر العدوان على ما يجري على الأرض السورية؟
الجواب: علمتنا التجارب، بأن ما يجري على الأرض السورية قد صار منزهاً عن أي شيء يحدث في المحيط، معاذ الله أن ندعي بأننا صرنا على علم يقيني بما يدور على الساحة السورية! لكني وبشكل مجرد، أستطيع أن أخمن بأن - الكيان الصهيوني - لا يقحم نفسه - وبشكل علني - فيما يحدث على التراب السوري، إلا في المراحل النهائية من المخطط، وذلك ما قرأه الكثيرون ممن يدلون بدلائهم اليوم،فما عادوا يخافون في الله لومة لائم، جرأة، أو يقين بالنهاية ... الله أعلم.
السؤال الخامس: هل نحن - بما نعرض - نبدوا أكثر تفاؤلاً، رغم هول المأساة؟؟؟
الجواب: علمنا ديننا الحنيف أن نكون من المتفائلين دوماً، وأن تكون ثقتنا بالله أكبر...فقد وصلنا عن رسولنا الكريم :
يقول اللهُ تعالَى : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولةً...
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7405
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
السؤال السادس: هل يستطيع العدوان الصهيوني، أن يثنينا عما وعدنا به ربنا العظيم، على لسان نبيه الكريم؟
الجواب: أتركه في عهدة المتابع العزيز!.
ودمتم ... ودامت الشام بأمان الله العلي القدير.